كشفت دراسة حديثة نشرت مؤخراً، إلى أن الاستثمار في العقارات قد يكون خيارًا أفضل وأكثر أمانًا مما كنت أعتقد في السابق.

وفي مراجعة لمعلوماتنا السابقة، بحسب دراسة نشرت بعنوان  حول مكاسب المخاطر الكلية للاستثمار وعنوانها (The Total Risk Premium Puzzle)؛ فهناك إجماعٌ على أن عوائد الاستثمار في الأسهم أعلى بكثير من تلك التي يحققها الاستثمار في السندات الحكومية، إذ تُظهر معظم التقديرات أن الفرق في العوائد يبلغ نحو 6.5%، حيث تحقق السندات الحكومية عائدًا متوسطه 1%سنويًا، فيما يصل متوسط عوائد الأسهم إلى 7.5% سنويًا، علمًا بأن دقة الأرقام تختلف باختلاف عينة البيانات، لكن مخاطر الاستثمار في الأسهم أكبر، ما يعني أن العوائد الكبيرة لا تأتي دون ثمن.

من ناحية أخرى، يبدو أنّ قياس عائدات العقارات سواء من حيث الزمن أو مكان الدولة أصعب بكثير، وتتمثّل إحدى هذه الصعوبات في قياس عائد "الإيجار المفترض"، أي الأموال التي توفرها حال شرائك منزلًا تسكن فيه، بدلًا من الاستئجار، كما شكّك العديد من المحللين في قوة عائدات الإسكان في الولايات المتحدة خلال 100 عام، ما بين عامي 1890 و1990.

ويخالف هذا ما توصّلت إليه الدراسة التي أعدّها كلٌّ من "أوسكار جوردا" و"موريتز شوليك" و"ألان تايلور"، التي اعتمدت على بناء قاعدة بيانات جديدة تشمل الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى 15 دولة أخرى من الدول المتقدمة اقتصاديًا، للفترة الممتدة بين عام 1870 إلى يومنا هذا، فقد أظهرت الدراسة أنّ عائدات الإسكان تساوي- إلى حدٍ ما- عائدات الأسهم، كما أن الاستثمار فيها أقل مخاطرة بكثير.

عوائد الاستثمار

وكشفت الدراسة أنّ متوسط عوائد الأسهم بلغ نحو 6.7% سنويًا، ومتوسط عوائد قطاع الإسكان بلغ 6.9% لعينة الدراسة كاملة. لكن، الأمر يختلف بعض الشيء عند النظر إلى الولايات المتحدة بشكل منفصل، حيث كانت عوائد الإسكان 6.1 بالمئة مقابل 8.5 بالمئة للأسهم.

وإذا أخذنا الانحراف المعياري بعين الاعتبار- كأحد مقاييس المخاطرة، سواء لبيانات الولايات المتحدة الأمريكية وحدها أو جميع الدول التي شملتها الدراسة- نجد أن قيمة الانحراف المعياري لعائدات الإسكان أقل من نصف قيمته بالنسبة لعائدات الأسهم.

وإذا نظرنا إلى المخاطرة من حيث مقياس التغاير، الذي يقيس مقدار تغير عائدات الإسكان مع تغير مستويات الاستهلاك الخاص، نجد أن الاستثمار في العقارات أكثر أمنًا من الأسهم في المتوسط.

يعني هذا أنّ الدراسة تشير بوضوح إلى ضرورة التفكير بزيادة الاستثمار في الإسكان، خاصةً أنّ معدّي الدراسة يرون أنّ تكاليف المعاملات الخاصة بتداول العقارات تقلّ عن أرباح الاستثمار فيها؛ على الأقل حين نتحدث عن شراء المنازل على مستوى الأفراد.

وقد أسهمت العولمة في ازدياد ارتباط عائدات الأسهم عبر الدول، ما يجعل اتباع سياسة التنويع في الاستثمارات أمرًا صعبًا. في المقابل، يضعف أثر العولمة على سوق العقارات، لاعتمادها بشكلٍ أكبر على الظروف المحلية. لذا إذا كنت تملك ما يكفي من المال، بادر إلى شراء العقارات في بلدان مختلفة لأن ذلك يحقق لك تنوعًا في الاستثمار على نحوٍ أفضل.

خسائر جيل الألفية

تشير النتائج إلى أن جيل الألفية يخسر فرصة استثمار كبيرة؛ بتجنبهم الاستثمار في العقارات بسبب الفقاعة العقارية، أي ارتفاع أسعار العقارات عندما يزداد الطلب عليها، فضلًا على ارتفاع قروض التعليم على الطلاب. وينعكس هذا سلبًا على سوق العقارات، إذ إن دخول الأفراد في سوق الإسكان- خاصة في سن مبكرة- يساعد في إنشاء وإدامة نظام ثنائي في الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من الدول الأخرى.

وعلى هامش الدراسة، وبعيدًا عن العقارات، لم يتوصّل الاقتصاديون- حتى الآن- إلى تفسير واضح للسبب الذي يدفع الناس إلى تفضيل امتلاك الأموال نقدًا على استثمارها. كان الاعتقاد السائد فيما مضى يستند إلى ارتفاع مخاطر الاستثمار في الأسهم، وهو أمر مفهوم، لكن- وعلى الرغم من تدني نسبة المخاطرة في الاستثمار في العقارات- لا يزال الاحتفاظ بالنقد هو الخيار الأول بالنسبة للناس.

ويشير هذا اللغز- الذي حيّر الاقتصاديين- إلى أنّ دور المخاطر في اتخاذ القرارات المتعلقة بالمحافظ الاستثمارية أقل مما كنا نعتقد. وربما يمكن تفسير امتناع الناس عن استثمار قدر كبير من أموالهم بأسباب نفسية، أو أخرى ترتبط بطريقة التنشئة، أو حتى تجزئة السوق.

بالإضافة إلى ذلك، فإن عمليات المتاجرة والمضاربة- التي يقوم بها المستثمرون من الخارج، والذين يخضعون لقيود أقل على السيولة- ليست كافية للقضاء على الفوارق بين عوائد العقارات والأصول ذات العائد المنخفض. ولعل هذا يعني ظهور فئة جديدة من الأفراد الذين يملكون عقارات تقدّر بملايين ومليارات الدولارات عند استغلال تلك الفرص.

لكن، ما المقابل في هذه الحالة؟ لا يختلف هذا عمّا يسمعه المستثمرون في الأسهم بأنّ الأداء في السنوات الماضية لا يعكس النتائج المستقبلية، فعلى سبيل المثال، تمر العديد من الدول الصناعية بفترات انخفاض غير مسبوق في معدّل النمو الإسكاني، وهذا يعني أن عائدات الإسكان المستقبلية لن تكون مرتفعة بشكلٍ كبير، نظرًا لانخفاض معدل الطلب عليها، وقد يقل العرض نتيجة لأنشطة حركات معارضة مثل حركة "نوت إن ماي باك يارد" التي تعارض عمليات العمران والتطوير في أحيائهم.

وأخيرًا، لا يسعني إلّا أن أذكركم بألا تستثمروا الكثير من الأموال استنادًا إلى نتائج دراسة واحدة. لكن يمكننا القول بأن عائدات الاستثمار في العقارات تحسنّت!

سيريا ديلي نيوز


التعليقات