في ظل الظروف الاقتصادية السيئة التي يعيشها المواطن السوري، بات يبحث عن بصيص أمل ينقذه من الوقوع في جحيم الفقر الأبدي، لكن على مايبدو كتب عليه الشقاء وحرم من أن يعيش حياة كريمة، وخاصة بعد أن تعرف بعضهم على شركات كبرى عرضت عليهم تشغيل ما بقي من أموالهم، عل ميزان الحياة يميل لصالحهم ولصالح حياة أولادهم المستقبلية، ليقع الكثير منهم ضحية" لعمليات مشبوهة من تزوير ونصب واحتيال، بسبب تلك الشركات الوهمية التي تدعي بأنها تحقق مكاسب مادية كبيرة وثراء سريع، بعد أن قامت بعضها  بالترويج لنفسها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، والبعض الآخر يأتي إلى البلاد لفترات مؤقتة ومحددة، يبرم صفقات عقارية تقدم خدمات مالية لتشغل أموال الناس، وتقوم بأعمال تحصيل ودائع لتشغيلها في عدة مشاريع، وبناءً عليه تستقطب اهتمام الأفراد، ليفاجأ الناس بعدها باختفاء تلك الشركات فجأة دون أن يقدموا شيئاً للمتضررين الذين تعاملوا معهم..

نصب واحتيال

إن عمليات النصب والاحتيال التي تنفذها شركات وأفراد بدعوى تحقيق الربح والثراء السريع، قد تكون لأفراد من داخل الدولة أو من خارجها، أو شركات لديها فروع بالبلد، وبعد ممارسة نشاطها تختفي فجأة لتترك وراءها ضحايا، وهناك شركات وهمية يؤسسها أفراد يقومون بانتحال صفات وهمية مثل مدير أو مؤسس مشروع، وتكون بدون ترخيص من الجهات المختصة، وبعد جمع الأموال من الضحايا يتبين عدم وجود سجل تجاري لهم، وأنهم مجرد أفراد بدون صفة قانونية.

أرقام وإحصاءات

حسب الاحصائيات الأخيرة لوزارة الداخلية فإنه يوجد ما يقارب 3000 نصاب تتراوح أعمارهم بين 30 – 40 سنة، وهناك مايقارب 1000 امرأة تعمل بالنصب, إضافة الى حالات نصب من شركات تقوم بالاحتيال المنظم.

وكشفت الإحصائيات إلى أن عدد الضبوط المسجلة بحق نصابين ومحتالين بلغت 10.000 ضبط، منها 4000 في دمشق وريفها، و3000 في محافظة حلب, و1500 ضبط في حمص و1000 في محافظة حماة, بينما سجلت في باقي المحافظات ضبوط ما بين 200- 400 ضبط، ولم تسجل محافظة القنيطرة سوى 50 حالة.

وأشارت الاحصائيات إلى أن نحو 5000 حالة تتعلق بنصب الأموال المنقولة كأن يقدم الشخص على أخذ أموال الآخرين بهدف تشغيلها مقابل ربح معين، وكان القضاء قد أصدر حوالي 200 حكم خلال 2014 لحالات نصب الأموال، في حين بلغت عدد حالات النصب المتعلقة بالعقارات نحو 3000 حالة معظمهم في دمشق وريفها..

قصص وحكايا

أكد محمد مدرس في جامعة دمشق أن أغلب من يقع ضحية هذا النوع من الشركات هم أشخاص سيطر عليهم الطمع والجشع، فلا يوجد عاقل يصدق ما تُروج له هذه الشركات الوهمية، فكيف لعشرة آلاف ليرة سورية أن تحقق أرباحاً خلال أسبوع بمئات الآلاف، فهذا الأمر لابد أن يثير الشك والريبة لدى الشخص قبل أن يقع ضحية هذا النوع من الشركات!.. لكن بعض الطماعين والساذجين قد تنطلي عليهم تلك الكذبة  كجاري أبو يمان الذي أعطى إحدى الشركات مبلغ 500 ألف ليرة سورية على أن تخصص له تلك الشركة راتب شهري، وما إن مر ثلاثة أشهر على إعطائهم المبلغ حتى بدأ أصحاب الشركة بالمماطلة رويدا" رويدا" حتى فروا بعيدا" بفعلتهم دون أن يعلم أحد عن وجهتهم، بعد أن قاموا بالنصب على مئات الأشخاص بآلاف وربما بملايين الليرات..

ابتسام لم تكن أوفر حظا من أبو يمان حيث وقعت هي الأخرى بفخ إحدى الشركات، بعد أن أمنتهم على مبلغ مليونين وخمسمئة ألف ليرة سورية، لتقع بعدها بذات الفخ بعد أن اختفت الشركة المزعومة  من الوجود دونما حسيب ولا رقيب، لتسقط بعدها رقيدة الفراش لمدة أسبوعين على إثر تلك الحادثة، بعد أن وضعت كل ما تملك بيد مدير تلك الشركة الوهمية، لتسلم بعدها الروح إلى باريها كما أخبرتنا ابنتها الكبرى..

فيما حمل أسعد الذي يعمل تاجراً المجتمع بأكمله مسؤولية توسع نشاط هذا النوع من الشركات ليس فقط على مستوى محلي بل عالمي أيضا، مشدداً على أهمية تكثيف حملات التوعوية من قبل الجهات المختصة، لاسيما وزارة الداخلية، التي لا تألو جهدا في رفع الوعي لدى فئات المجتمع حتى لا يقعوا ضحيةً لهذا النوع من الشركات.

نقطة نظام

إن هذا الأمر يتطلب جهوداً مكثفة من جملة من القطاعات في الدولة، حيث باتت إعلانات هذه الشركات تتخذ مساحة لا بأس بها على منصات التواصل الاجتماعي، وعلى محرك البحث "جوجل" الأمر الذي قد يمنحها الشرعية والقانونية، بالرغم من أنها شركات وهمية، الغرض منها النصب والاحتيال على أكبر عدد من الناس الذين لم يحكموا عقلهم قبل أن ينجرفوا في هذا المستنقع..
وضرورة التأكد من طبيعة عمل تلك الشركات أو الأفراد الذين يتعاملون مع المواطنون، من خلال الجهات الاقتصادية والقانونية المختصة، وضرورة اللجوء لوزارة الاقتصاد والتجارة وللجهات القانونية للتحقق من الشركات أو المشروعات التي يزمعون الدخول فيها، وعدم الانقياد وراء عروض الإنترنت والإغراءات الإعلانية، وبالنهاية لابد لنا أن نعي مقولة "القانون لا يحمي المغفلين".

سيريا ديلي نيوز


التعليقات