تتكدس أكوام من صناديق العنب الأصفر أمام معاصر “دبس العنب” في قرى ريف السويداء “جنوب سورية” لعدة أيام تنتظر الفرج القريب للحصول على كمية وافية من مادة المازوت “الديزل” لكي تدور عجلة المعاصر المتوقفة، لتحول هذا العنب إلى دبس له لون أسود طيب المذاق.
وتعد صناعة الدبس في محافظة السويداء من أشهر الصناعات التقليدية التراثية في هذه المحافظة التي يقطنها أغلبية من طائفة الموحدين المسلمين الدروز، والتي تبدأ مع نهاية موسم قطاف العنب الذي تزداد حلاوته في هذا الوقت من السنة، وهذه الصناعة التقليدية يتوارثها الآباء عن الأجداد.
وكانت هذه الصناعة فيما مضى من الوقت تعتمد على الحطب ومخالفات الحيوانات، ولكن مع مرور الوقت، وازدياد كمية العنب، راح المزارعون يعتمدون في صناعة الدبس على مادة المازوت، وتم تصميم معاصر حديثة تعتمد على هذه المادة.
وفي سنوات الأزمة السورية التي امتدت لأكثر من تسع سنوات، تأثرت هذه الصناعة كثيرا، وخاصة في هذه السنة، بعد تشديد العقوبات الاقتصادية الغربية على سوريا، ومنع توريد الوقود إلى سوريا، الأمر الذي أحدث نقصا حادا في مادة المازوت التي أثرت سلبا على مختلف القطاعات الصناعية عموما وعلى معاصر “دبس العنب” خصوصا، لأن هذه المادة لا تتحمل الوقت وسرعان ما تتعرض للتلف.
وفي ظل هذا النقص الحاصل في مادة المازوت يلجأ بعض المزارعين وأصحاب معاصر “دبس العنب” إلى شراء مادة المازوت من السوق السوداء بسعر يصل إلى 700 ليرة سورية للتير الواحد، في حين يباع مدعوم من قبل الحكومة للمزارعين بسعر 250 ليرة، وهذا يرفع من تكاليف الإنتاج، وذلك بدوره يؤثر سلبا على المواطنين المستهلكين لمادة “دبس العنب”.
واشتكى المزارعون وأصحاب المعاصر من قلة مادة المازوت الممنوحة من قبل الحكومة السورية لأصحاب المعاصر، نظرا لوجود كميات كبيرة من العنب هذا العام، ما جعل محصول العنب يتراكم أمام المعاصر لعدة أيام، وسط تخوف من المزارعين من تلف مادة العنب.
وقال وائل كيوان “53 عاما”، وهو مزارع من قرية سهوة الخضر بريف السويداء الجنوبي  إن “صناديق العنب مكدسة منذ أربعة أيام في أحد معاصر البلدة، ننتظر وصول مادة المازوت للمعصرة “، مؤكدا أن هذه هي العقبة الأساسية التي تواجه المعاصر والمزارعين هذه الأيام.
وأضاف وائل وهو يقف أمام صناديق العنب وينظر اليها وهي تذبل أمام عينه “أخشى أن يتلف محصولي من العنب بسبب نقص الوقود، وإن لم تتوفر المادة خلال ساعات سأضطر لعصرها يدويا، وطبخها على الحطب بالطريقة التقليدية “، مشيرا إلى أن هذه الطريقة بدائية وتستغرق وقتا وجهدا كبيرين.
وبين المزارع وائل إن العقوبات الاقتصادية الجائرة أثرت سلبا على المزارعين، مبينا أن هذا الوضع أضاف عبئا جديدا على المزارع وأرهق كاهله.
وبدوره أكد رياض مسعود “48 عاما” وهو صاحب أحد معاصر الدبس الحديثة أن نقص المازوت هذا العام أضاف معاناة جديدة لأصحاب المعاصر والمزارعين، مبينا أن كمية المازوت التي تسلم من قبل اتحاد الحرفيين لأصحاب المعاصر لا يتناسب مع كمية العنب التي تأتي.
وقال رياض “إن المزارعين في هذه المنطقة يعتمدون اعتمادا كبيرا على ما ينتجه العنب من أصناف مثل دبس العنب والزبيب “، مبينا أن المزارعين يلجأون أحيانا لشراء المازوت الحر من السوق السوداء وهذا يرفع من تكاليف الإنتاج.
وتابع يقول منذ أسبوع ونحن متوقفين عن العمل بسبب عم وجود مادة المازوت، مؤكدا أن أغلب كميات العنب مهددة بالتلف لبقائها فترة طويلة تحت أشعة الشمس.
وأكد رياض أن العقوبات الاقتصادية منعت المزارعين من تسويق منتجاتهم خارج سوريا، كون مادة “دبس العنب” مطلوبة في دول مجاورة.
وبين رياض أن أجور العصر للصفيحة الواحدة من “دبس العنب” بلغ 15 ألف ليرة سورية، وأنه تم تسعير صفيحة “دبس العنب” والتي تحوي 25 كيلو جراما بـ65 ألف ليرة من المعصرة و70 ألف ليرة من المزارعين.
إلى ذلك قال أيهم حامد مدير زراعة السويداء إن “إنتاج محافظة السويداء المتوقع من “دبس العنب” لهذا الموسم قد يصل إلى نحو 1500 طن”، مبينا أن مادة “دبس العنب” من أشهر الصناعات التقليدية في محافظة السويداء.
ولفت إلى أن إنتاج المحافظة من العنب هذا الموسم يبلغ 54 ألف طن، وهذا الإنتاج موزع بين 13% لإنتاج الدبس و10% لإنتاج الزبيب، إذ يقدر إنتاج المحافظة من الزبيب بحوالي 5 آلاف طن و37% للمشروبات الروحية من خلال معمل تقطير العنب.
ومن جانبه أكد رئيس اتحاد الحرفيين في المحافظة جمال حميدان قيام الاتحاد بتزويد المعاصر بمادة المازوت وذلك بعد القيام بجولات ميدانية عليها لمعرفة حاجتها من المادة.
وأوضح أنه يتم تزويد كل معصرة من المعاصر بمادة المازوت أسبوعياً وفق جداول واردة من أصحاب المعاصر للحؤول دون توقف العمل وخسارة المزارعين لمحصولهم لأن التأخير في عمليات العصر يؤدي إلى تلف المادة.

 

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات