أكد العديد من الخبراء والباحثين الاقتصاديين، أن لبنان لن يكون الخاسر الوحيد من الانفجار الذي حصل أمس في “مرفأ بيروت” وأخرجه عن العمل نهائياً وتسبب بجعل العاصمة مدينة منكوبة، فالمرفأ نقطة التقاء أوروبا وآسيا، هذا ما جعل منه ممراً لعبور أساطيل السفن التجارية بين الشرق والغرب.

ويتعامل مرفأ بيروت مع 300 مرفأ حول العالم، ويستقبل سنوياً أكثر من 3 آلاف سفينة، الأمر الذي منحه دوراً مهماً في التجارة والنقل بين قارتي آسيا وأوروبا، وجعله من أبرز روافد الاقتصاد اللبناني، بعد افتتاحه رسمياً عام 1896.

و”يعتبر مرفأ بيروت من أهم مرافئ البحر المتوسط، وتمكن من أن يكون محوراً أساسياً في حركة الترانزيت البحري في المنطقة”، بحسب كلام وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني ميشال نجار حزيران الماضي.

ويستوعب الميناء أكبر السفن الحديثة، ويضم العديد من الشركات والبنوك، عدا عن اكتظاظ المراسي بمناطق الجذب السياحي، فقد أدرجته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية كأفضل مكان للزيارة عام 2009.

ويلعب المرفأ دوراً حيوياً وأساسياً في معظم عمليات الاستيراد والتصدير اللبنانية، حيث تمثل البضائع التي تدخل إليه 70% من حجم السلع التي تدخل إلى البلاد.

وخلال الأعوام الماضية زادت حركة المرفأ، حيث زاد الاعتماد عليه لتصدير واستيراد البضائع اللبنانية، التي كانت تصدر أو تستورد براً عبر سورية خاصة إلى تركيا، لكن توقفت بعد إغلاق الحدود السورية التركية، وفقاً لـ”الغرفة الدولية للملاحة في بيروت”.

كما أن معظم المستوردات القادمة من الدول الأوروبية للمنطقة تصل إلى ميناء بيروت، وخاصةً من الدول المطلة على البحر المتوسط، كفرنسا وإيطاليا واليونان، فالطريق عبره أقصر بالنسبة للأردن والسعودية والكويت والعراق.

وتوقع الخبير الاقتصادي السوري عامر شهدا أن تتضرر سورية بعد انفجار مرفأ بيروت، “لأنه يشكل عمق استراتيجي حقيقي لسورية لجهة المستوردات، وبالأخص الغذائية”، حسب كلامه.

واحتلّ مرفأ بيروت مؤخراً المرتبة الـ9 عربياً والـ73 عالمياً على “مؤشر الارتباط بشبكة النقل البحري المنتظم للمرافئ لـ2019″، الذي يقيّم مدى ارتباط مرفأ في بلد ما بشبكات النقل البحري العالمية، والصادر سنوياً عن “منظمة الأونكتاد”.

ويتألف المؤشر من 6 عناصر هي عدد السفن التي تؤمّ الميناء كل أسبوع، وعدد الحاويات التي تستطيع سفن المرفأ شحنها، وعدد شركات النقل التي تقدم الخدمات بسفنها العاملة في المرفأ، وعدد الخدمات المقدمة بشكل منتظم، وحجم السفن التي بإمكان المرفأ استقبالها، وعدد طرق الشحن المباشر من وإليه.

ولدى لبنان 5 مرافئ رسمية هي “مرفأ بيروت”، و”مرفأ طرابلس” الذي يستقبل سنوياً نحو 450 سفينة، و”صيدا”، و”صور”، و”جونية”، إضافة إلى مرافئ متخصصة في تفريغ أنواع معينة من السلع كالوقود هي “مرفأ شكا” و”مرفأ الجيه”.

ومرفأ بيروت هو الميناء الأساسي والأول والأكبر في لبنان، وضمن أهم 10 موانئ على ساحل المتوسط، ويتألف من 4 أحواض يصل عمقها إلى 24 متراً، ويضم 16 رصيفاً والعديد من المستودعات وأدوات التفريغ والتحميل.

وتُقدّر العائدات التي يُدخلها مرفأ بيروت إلى الخزينة بنحو 350 مليون دولار أميركي سنوياً، وذلك قبل الضائقة الاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا والتدهور الحاصل على مستوى الاقتصاد العالمي، وانخفاض معدل الاستيراد بنسبة 50%، بحسب كلام وزير النقل.

وهزّ انفجار ضخم مرفأ بيروت أمس الثلاثاء، وبحسب التحقيقات الأولية، فإن السبب يعود إلى حريق نشب بمستودع يضم أطنان من المفرقعات المخزنة داخله منذ سنوات، الأمر الذي أودى بحياة 135 شخصاً، وجرح 5,000 آخرين كحصيلة غير نهائية.

ويتراوح حجم الأضرار بسبب انفجار بيروت بين 3 – 5 مليارات دولار، كما أصبح 300 ألف لبناني بلا مأوى، وفق ما نقلته “المؤسسة اللبنانية للإرسال إنترناشونال” عن محافظ بيروت مروان عبود.

وعقب الانفجار، قرر الرئيس اللبناني ميشال عون تحرير الاعتماد الاستثنائي البالغ 100 مليار ليرة لبنانية، والمخصص للظروف الاستثنائية، كما أوصى “مجلس الوزراء اللبناني” بتجهيز “مرفأ طرابلس” لتأمين العمليات التجارية من استيراد وتصدير.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات