لا يستوي على سطح واحد أن تكون إدارة مؤسسة ما حريصة على تأمين أفضل الموارد، وفي الوقت نفسه تقوم بهدرٍ غير مفهوم.. هذا ما حصل مع إدارة شركة الخطوط الجوية السورية، ففي وقت استبسلت فيه الإدارة لتأمين موارد للخزينة العامة من خلال استعادة الحصرية لتستفرد بكونها مؤسسة حكومية، تجاوبت الجهات الوصائية مع العناوين البراقة التي ساقتها إدارة السورية لجهة تأمين الموارد وتخفيف العبء عن الدولة وخرق الحصار فحصلت على امتيازات لا تتناسب مع قوانين الطيران العالمي.

ربما حصّلت “السورية” بعض العوائد دون جهد، وربما حصّلت أيضاً بعض الموارد من خلال حصرية إعادة المواطنين السوريين العالقين في الخارج – ولهذا حديث آخر في معايير النجاح والفشل – لكن المهم: أين تذهب الموارد أو ما يمكن أن يكون أرباحاً؟ إليكم ما حصل:

في قوانين الطيران المدني العالمي يحتاج الركب الطائر، والطيارون بشكل خاص، إلى رحلات تدريبية في حال انقطاعهم أكثر من 90 يوماً عن الطيران. وبالمقابل صدر سابقاً مرسوم يعطي امتيازات مالية لهؤلاء تصل إلى عدة أضعاف الراتب، أي أن الطيار الذي راتبه الأساسي 50 ألف ليرة يتقاضى شهرياً 250 ألف ليرة إضافية بموجب هذا المرسوم مقابل تنفيذه الرحلات الاعتيادية..

المفارقة هنا أن بعض المصادر بيّن أنه، وقبل مضي الشهر الأول على توقف الرحلات، وبدعوى تطبيق أنظمة الطيران المدني العالمي، وافقت المديرة العامة لشركة الخطوط السورية شفاء النوري على تنفيذ رحلات غير تجارية خالية من الركاب فوق منطقة المطار بحجة تحقيق الركب الطائر للشروط!

في الحقيقة، كان أمام إدارة “السورية” شهران إضافيان قبل التفكير بهذا الإجراء، وقد تكفلت رحلات العودة للسوريين العالقين بتأمين شرط الطيران برحلات ذات عائد!

المعادلة هنا أن المديرة العامة للخطوط السورية، ومحاباة لعناصر الركب الطائر كي يحصلوا على بضعة ملايين، أهدرت مئات الملايين في عشرات الرحلات فوق المطار وما تحمله من هدر وقود واهتلاكات وصيانة ربما تزيد على ما حققته من أرباح تشغيلية خلال الفترة الماضية!

حتى الآن، لم تنتهِ مدة الثلاثة أشهر، ولكنهم حصلوا على تعويضاتهم كاملة منذ الشهر الأول، ولو على حساب الشركة، ولولا أن وزارة النقل تنبّهت للأمر في الشهر الثاني، وطلبت من الطيارين تقديم إجازات تكفل بموجب المرسوم حصولهم على التعويضات دون هدر لاستمر المسلسل حتى الآن!

هل من أحد يقنعنا أن إدارة تهدر مئات الملايين لاسترضاء عشرات الموظفين هي حريصة على تحسين الموارد وجديرة بثقة الجهات الوصائية التي منحتها امتيازات غير مسبوقة قد يكون ثمنها غالياً علينا في سوق الطيران العالمي!

البعث

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات