هدأ الجميع وأغلقوا أبوابهم وفرغت شوارع المدن في العالم بعد أن عُلقت معظم مجالات الحياة، وأوقفت المؤسسات الحكومية في كل أنحاء العالم أعمالها بسبب انتشار فيروس كورونا، والتزم الجميع منازلهم حرصاً على سلامتهم، إلا أن فئة وجدت في هذا الظرف فرصة ليزداد نشاطها ويبدأ عملها من جديد، إنهم اللصوص الذين يقتاتون دائماً على مصائب الناس فما إن شعروا بغياب الناس، حتى هرعوا للاستيلاء على ممتلكاتهم، مع تطوير الأداء وتغيير الأسلوب بين حين وآخر.

أثناء متابعة أحداث العالم من خلال الانترنت، تمر أمامك أغرب قصص اللصوصية بدءاً من مجموعة أشخاص حتى الوصول إلى دول عظمى كانت على استعداد للحصول على ماتريد حتى لو على حساب دول بأكملها، وأنتج الوقع الذي فرضه هذا الوباء أنواع جديدة من اللصوصية ورفع النقاب على هشاشة الأنظمة العالمية.

آخر صيحات السرقة في زمن كورونا

عانت بعض الدول من أخطار السرقة وعدم تقدير اللصوص للمرحلة المصيرية التي تمر بها بلادهم، ففي كاليفورنيا الأميركية قام رجل أربعيني بسرقة عينة لفيروس كورونا، وبعد البحث والمطاردة اكتشفت العينة دون التلاعب بها في عربة تسوق في إحدى الصيدليات، وتم القبض عليه لمعرفة أسبابه، كما ظهر مجموعة من اللصوص يتنكرون بزي الأطباء في إيطاليا ويقتحمون بيوت الناس بحجة الكشف عن الفيروس، وعند دخولهم المنزل تكشف مآربهم فيسرقوا ما أمكن ويتركوا أصحاب المنزل في بحر من الهموم.

حتى ورق المرحاض كان هدفاً للسرقة في هونغ كونغ بعد أن بدأت الشرطة عمليات بحث وتحر للقبض على لصوص مسلحين سرقوا مئات من لفات ورق المرحاض في مدينة تعاني نقصاً في كثير من السلع بسبب حمى الشراء والتخزين لدى السكان الناتجة عن انتشار فيروس كورونا المستجد.

وفي الثاني عشر من نيسان حضرت الشرطة بعد تقارير عن عملية سطو في مبنى تابع لوزارة الصحة في شارع وندسور في سالفورد وقد سرق الجاني عدداً من أجهزة الكمبيوتر المحمولة وكمية من المصروفات النثرية من المكاتب داخل المبنى، وزعم محتالون من جنوب أفريقيا أنهم يقومون بجمع الأوراق النقدية الملوثة من المواطنين مستغلين خوف وبساطة الناس في التعامل مع تفشي الوباء، أما الشرطة الكينية فضبطت عيادة لبيع مجموعات اختبار كاذبة للفيروس في البلاد.

المتاحف الفنية فريسة سهلة للسرقة

حتى أن المتاحف في العالم لم تسلم منهم، حيث حاول زوجان من اللصوص سرقة الأحجار الكريمة من داخل كاتدرائية نوتردام التي يرجع عمرها إلى القرن الثاني عشر الميلادي في باريس ولكن سرعان ماتم القبض على المجرمين الفرنسيين وهم يسرقون الأحجار الكريمة، وسرقت لوحة الميناء الأزرق للفنان البريطاني الشهير تيري فروست والتي تقدر بآلاف الجنيهات من القطار في بريطانيا من رجل يسافر دائما ويهتم بشراء واقتناء اللوحات الفنية، ومن جامعة أكسفورد سرقت ثلاث لوحات فنية بداية شهر مارس، اللوحة الأولى تصور الساحل الصخري وجنود يدرسون خطة للفنان سلفاتود روزا، واللوحة الثانية تصور صبي يشرب للفنان أنيبال كاراتشي، واللوحة الثالثة تصور جندي على ظهر الخيل للفنان ديك، وأكد خبراء وتجار الفن المقيمون في لندن أن عملية السرقة غير عادية واللوحات الثلاث لا تقدر بثمن.

وتعرض المتحف الهولندي لكسر زجاجه وسرقة لوحة فان جوخ، وكانت قد سرقت قبلها لوحة حديقة الربيع، وأعلنت الشرطة البريطانية أن مشتبه بهم يتحدثون بلكنة دول شرق أوروبا سرقوا خمسة مسدسات استخدمت في سلسلة أفلام جيمس بوند منها آخر مسدس استخدمه الممثل الراحل روجر مور أثناء تجسيد دور العميل 007 من منزل في شمال لندن وهي تتجاوز قيمتها 100 ألف جنيه استرليني.

سرقة دولية

عرفت دول باستعمارها ومحاولتها السيطرة على دول أخرى، لكن أن تشاهد التكالب الذي جرى على الطائرات والسفن التي تحمل المعدات الطبية والتحايل الواضح، يستوقفنا لبرهة أمام قوة هذه الدولة التي لم تعد قادرة على تأمين احتياجات شعبها، تلك الدول التي رسمت اقتصاد العالم وهي من تتحكم بتوازنه وهي من جعلت من شعوب الأرض لعبة بين يديها.

أمس وزير التجارة التونسي صرح أن باخرة كانت محملة بالكحول الطبي تعرضت للسرقة في عرض البحر خلال إبحارها إلى بلاده، وشبه ماحدث بواقعة سرقة دولة التشيك لشحنة مساعدات طبية من الصين إلى إيطاليا، كما استولت السلطات التركية على طائرة محملة بأجهزة التنفس كانت في طريقها إلى اسبانيا، وهي من أكثر الدول تعاني من الوباء الا أن جشع الحكومة التركية وعجزها أمام سد احتياجات القطاع الصحي دفعها للاستيلاء على الطائرة.

واتهمت شركة مولنليك الطبية السويدية فرنسا بمصادرة ملايين الأقنعة الواقية والقفازات الطبية التي استوردتها من الصين لصالح إيطاليا وإسبانيا.

أما عن ممارسات الولايات المتحدة الأمريكية، صرّح جان روتنر رئيس منطقة جراند إيست الفرنسية إحدى أكثر المناطق البلاد تأثراً بوباء كورونا إن شحنات أقنعة طبية كان يفترض أن تتوجه إلى فرنسا بعد أن تم شراؤها من الصين ليقوم أمريكيون بشرائها على مدارج المطارات الصينية قبل إقلاع الطائرات، مؤكداً أن الأمريكيين يدفعون نقداً ثلاث أو أربع مرات ثمن الأقنعة الواقية التي طلبناها.

وأفادت تقارير صحفية ألمانية الأسبوع الماضي بأن السلطات الألمانية وضعت يدها على حمولة من الأقنعة الواقية كانت مستوردة لصالح إيطاليا لكن سرعان ما بدأت ألمانيا تتهم الولايات المتحدة بالاستيلاء على 200 ألف كمامة طبية كانت قد اشترتها برلين من أجل استخدامها في مكافحة الفيروس.

في سورية

لم يمل اللصوص في متابعة نشاطها حتى في ظل الحظر الجزئي المفروض في سورية، وسجلت الوحدات الشرطية في العديد من ضبوط لحالات سرقة مع انخفاض نسبتها مقارنة بالحالات التي حصلت قبل أزمة كورونا، وليس من باب التقليل بالفعل الجرمي مهما كان، لكن في الحقيقة لم ترتق لمستوى السرقات التي حصلت بالدول الأخرى حتى الآن.

الوحدات الأمنية المختصة منتشرة في كل مكان ليس فقط من أجل منع اختراق حظر التجول بل لمنع اللصوص الماكرين وعرقلة نشاطهم.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات