بعد ثمانية أشهرٍ تقريباً من انتهاء امتحانات الشهادتين الإعدادية، والثانوية بفروعها، عن العام الدراسي 2019، تم في الأسبوع الأخير من شهر كانون الثاني صرف تعويضات المراقبة للمعلمين والمعلمات والمدرسين والمدرسات، ويا لفرحتهم بقيمة هذه التعويضات التي بلغت حوالي 4500 ليرة سورية فقط لا غير.!

حوالي شهرٍ تقريباً من مراقبة الامتحانات والوقوف على الأرجل لساعات طويلة تصل إلى 3 ساعاتٍ متواصلة، وفي جو حار يفتقد غالباً لأبسط قواعد الصحة والتهوية، وجوٍ من الترهيب والتهديد والوعيد للمراقبين في المراكز الامتحانية، إن غاب أو تأخر أحدهم لأيّ طارئ كان، أو لأية مخالفة سواء بقصد أو دون قصد، قبل وأثناء الامتحانات، حصل المعلمون على أجور وتعويضات المراقبة، بعد أن مضت ثمانية أشهر على انتهائها.

تفصيلات رقمية وشهادات

هذه التعويضات الهزيلة عبارة عن 1900 ليرة لمراقبة امتحانات الشهادة الإعدادية، و2600 ليرة لمراقبة امتحانات الشهادة الثانوية، ويتراوح تعويض الساعة الواحدة ما بين 100 و150 ليرة «ليرة تنطح ليرة»، حيث تم صرفها بالتزامن مع حملة «ليرتنا عزتنا» التي جرى الترويج لها للتغطية على النهب والفساد، وارتفاع الدولار الجنوني (الوهمي) وما رافقه من ارتفاع للأسعار أكثر جنوناً، على حساب لقمة المواطن ومعيشته.

تقول إحدى المعلمات: تعويض المراقبة لم يبت في جيبي، فما إن استلمته، وفي طريق عودتي للبيت مررت على أحد المحال واشتريت به القليل من السلع «اللي ما بتعبي العين»، وكفى الله المعلمين والمعلمات شرّ المحال والأسواق، وانتهت حكاية تعويض المراقبة الذي تعبنا من أجله شهراً «بغمضة عين»!.

وأضافت: التعويض لم يغطِ تكاليف وأجور الانتقال من وإلى المراكز الامتحانية خلال فترات الامتحانات، «يعني خسارة بخسارة».

أسئلة على ألسنة المعلمين

هل تعويض الامتحانات يعادل الجهد الذي يبذله المعلمون في المراقبة، إن تم غض الطرف عن تكاليف أجور النقل والمواصلات؟

وهل يحتاج هذا المبلغ الزهيد لثمانية أشهر حتى يتم صرفه؟

ما هو مقدار الخسارة بهذا التعويض، رغم هزالته، على مستوى أسعار السلع المقابلة له قبل ثمانية أشهر والآن، في ظل متغيرات القيمة الشرائية لليرة، وارتفاعات الأسعار الجنونية الجارية؟.

لقد قال أحد المعلمين: «الـ4500 ليرة من 8 أشهر كانت ممكن تجيب فروجين مشويين وحباشاتهم، هلأ يا دوب يجيبوا فروج بدون حباشات».

أما المفارقة فهي أنَّ المعلم الذي يقف على قدميه لساعات خلال العملية الامتحانية يحصل على هذه التعويضات الزهيدة، بينما بعض المسؤولين الذين يشرفون على هذه الامتحانات ينالون تعويضات أكثر من ذلك بكثير، وهؤلاء ربما يتنقلون بالسيارات المخصصة والمكيَّفة؟!

أهكذا يجري تقدير جهد المعلم؟ أهكذا يجري الحفاظ على سير العملية التربوية والتعليمية، وما يرافقها من امتحانات لتقييم جهد الطالب وجهد المدرِّس والمعلم؟

حرص غير مكتمل

الحرص على نجاح العملية الامتحانية، وأن تكون خالية من الغش والفساد، وما يسبقها سنوياً من تعليمات وتوجيهات، يجب أن يقابلها الحرص على كرامة المعلمين والمدرسين، والتقدير لجهودهم مع إنصافهم بحقوقهم.

فعلى مستوى التعويضات الامتحانية يبدو أنَّ مطلب رفع قيمتها بما يتناسب مع الجهود، ومع التكاليف التي يتكبدها المعلمون لقاءها، مشروعة ومحقة، وهو مطلب قديم متجدد، سبق وأن تم إطلاق الوعود على أخذه بعين الاعتبار وتنفيذه، لكن دون نتائج حتى الآن.

ولعل الحديث عن بقية الحقوق المهضومة للمعلمين له شجون آخر سبق وأن تم التعريج عليها مراراً وتكراراً، اعتباراً من مشكلة الأجور العامة التي تشملهم كما تشمل غيرهم من العاملين بأجر في ظل التباين الكبير بين مستويات الأجور ومعدَّلات الإنفاق، وليس انتهاءً بأهمية دور المعلم في السياسات التعليمية المعمول بها، وكيف تنعكس سلباً عليه وعلى العملية التعليمية نفسها

سيريا ديلي نيوز


التعليقات