أصدرت الحكومة السورية القرار رقم (5) م. و تاريخ ( 20/1/2020) المضمن  الآتي : "  تلتزم الجهات العامة المخولة قانوناً، بمسك سجلات ملكية العقارات والمركبات بأنواعها والكتاب بالعدل، بعدم توثيق عقود البيع، أو الوكالات المتضمنة بيعاً منجزاً، وغير قابل للعزل قبل إرفاق ما يشعر بتسديد الثمن او جزء منه، في الحساب المصرفي للمالك أو خلفه العام أو الخاص، أو من ينوب عنه قانوناً"  كما تضمن القرار أيضاُ أن " أحكام هذا القرار  لا تنطبق على واقعات البيوع والعقود والوكالات الناقلة للملكية، التي تمت بالاستناد إلى أسناد أو وثائق ثابتة التاريخ تم تحريرها قبل (15/2/2020)". إضافة إلى أنه يمكن الحصول على وثيقة الإشعار المصرفي من مختلف البنوك العاملة في سورية، سواء كانت بنوك عامة، أم بنوك خاصة.

يتبين لنا مما تقدم، يتبين لنا أن وثيقة الإشعار المصرفي، أصبحت وثيقة أساسية من الوثائق المطلوبة، لتوثيق وتثبيت عقود بيع العقارات والمركبات، وإتمام إجراءات نقل ملكية العقار أو المركبات. ويبقى السؤال ما هو الهدف من هذا القرار، وما الغاية منه؟

تباينت ردود الأفعال. في الواقع ففي الوقت الذي  رحب فيه فريق كبير بالقرار، معتبراً إياه خطوةً مهمة، على طريق التحديث والتطوير، تحديداً لجهة ما يتعلق بضرورة نشر ثقافة مصرفية جديدة، يفتقر إليها المجتمع السوري، الذي أصبح متخلفاً كثيراً في هذا المضمار، سواء كان بالمقارنة مع استحقاقات التطور ومعايير التقدم المعاصرة، أم بالمقارنة مع دول مماثلة لسورية، قريبةٌ وبعيدةٌ، قطعت أشواطاً  مهمة على طريق الدفع الالكتروني، اتجه فريق آخر لطرح مجموعة كبيرة من التساؤلات والاستفسارات، حول المضمون الضريبي للقرار، أو احتمال أن يكون القرار، أداةٌ لوضع اليد على أموال المواطنين والسيطرة عليها، فيما شكك البعض الآخر في إمكانية نجاح القرار وجدواه وأشياءٌ أخرى.

وفي كافة الأحوال يبقى من المهم أن نشير، إلى أن قسماً كبيراً من الاستفسارات و التساؤلات المطروحة، بُني في الواقع على أوهام معينة، أثارت لغطاً غير مبراً في كثيرٍ من جوانبه، لأن القرار رقم (5)، يندرج في الواقع في إطار الجهود، التي تبذلها الدولة، والتي تستهدف نشر ثقافة مصرفية جديدة، غير موجودة في الحياة العامة في سورية، حتى بأبسط مظاهرها أو صورها، كما يعد القرار في سياق آخر، خطوةٌ لا بد منها، على طريق تهيئة البنية التحتية (التقنية والفنية والمصرفية)، اللازمة لتنفيذ مشروع الدفع الالكتروني، الذي تتجه الدولة السورية لتنفيذه خلال عام (2020). إذ لا يمكن للمشروع المذكور أن يتحقق، إلا عن طريق تفعيل ثقافة الدفع الالكتروني، وهذا يستلزم عملياً، فتح حسابات مصرفية لجميع المواطنين السوريين. ويبقى من المهم الإشارة، إلى أن القرار، لا ينطوي على أي بعدٍ أو مضمونٍ، يتعلق بسياسات التحصيل الضريبي، أو الإجراءات الأخرى، التي تستهدف وضع اليد على أموال مدخرات السوريين، وغير السوريين، ولو كان الأمر كذلك، لما نص القرار على تقديم إشعار تسديد جزء من الثمن، لم يُحدد، لا بنسبة، ولا بحد أعلى أو أدنى.

وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أن مشروع الدفع الإلكتروني في سورية، لا يعدُ مشروعاً جديداً، فقد طُرِح منذ عام 2004، لكنه تأخر، واستمر مطروحاً، بين أخذٍ وردٍّ، حتى (2011)، إذ شُنَت الحرب على سورية، ما جعل شروط تنفيذه ومتطلباته غير ممكنة، ولا يمكن أن تندرج من الناحية المنطقية، كأولوية في ظروف الحرب، التي تطورت وتفاقمت بصورة بالغة التعقيد. وما يجب أن يؤخذ بالحسبان، أن مشروع الدفع الإلكتروني، الذي تأخر بسبب منعكسات الحرب الاقتصادية والاجتماعية وتداعياتها المؤلمة، أصبح من الضرورة القصوى في الزمان والمكان، بالنسبة لعملية تطوير المنظومة الاقتصادية الإنتاجية والخدمية، وإعادة بناء الاقتصاد السوري على أسس حديثة، وشروط اقتصادية وتكنولوجية معاصرة.

سيريا ديلي نيوز- د. مدين علي


التعليقات