لاشك أن استعادة السلطة البحرية الممثلة بالمديرية العامة للموانئ تسجيل أكثر من 20 سفينة تحت لواء العلم السوري أمر إيجابي بالرغم من اعتبار البعض هذا الرقم قليلاً إذا ما قورن بأعوام 2000 حتى 2004؛ إذ وصل العدد إلى نحو 300 سفينة، كما أن البدء في منح الشهادات البحرية عبر الأكاديمية السورية للتدريب والتأهيل البحري، والمعترف بها من قبل المنظمة الدولية البحرية، إلى جانب عائدية أكثر من 500 سفينة لأشخاص سوريين، كلها مؤشرات تدعو إلى التفاؤل من جديد لعودة النشاط البحري إلى سابق عهده، وبالتالي فإنه يقع على عاتق وزارة النقل ومؤسساتها البحرية المعنية الاستفادة من ذلك من خلال إحداث مدينة صناعية بحرية، أو أحواض صناعية بحرية تعنى بصيانة وتأهيل وتحويض السفن والبواخر، على أن تكون ذا مواصفات عالمية ولاسيما أن منطقة الشرق الأوسط تفتقر إلى هذه المدن الصناعية البحرية أو الأحواض، وهنا لابد من الإشارة إلى أن الخبرات السورية في هذا المجال استطاعت خلال السنوات الماضية من إعادة بناء أكثر من عشر سفن، وبحسب المعلومات الواردة إلينا من المديرية العامة للموانئ والمؤسسة العامة للنقل البحري فإن الوزارة جادة في طرح موضوع إحداث مدينة صناعية بحرية ولاسيما في ظل امتلاك الوزارة للدراسات الفنية للمشروع، إلا أن مشكلة هذا المشروع وبحسب المعلومات تكمن في التمويل، وأن لدى الوزارة عدة خيارات لحل مشكلة التمويل، وهي إما طرحه للاستثمار وفق صيغ التعاقدية، أو وفق قانون التشاركية.

غياب

مدير التفتيش البحري بالمديرية العامة للموانئ المهندس علاء صقر أكد أن غياب القاعدة الفنية وأحواض صيانة وإصلاح السفن في سورية، يجبر أكثر من 500 سفينة تعود ملكيتها لسوريين على التسجيل في موانئ دول أخرى، حيث تتراوح حمولات هذه السفن بين 5000 – 40000 طن، موضحاً أن الحركة النشطة لهذه السفن ولاسيما في البحار الدافئة، ذات الملوحة الزائدة، تزيد من احتمال حدوث الأعطال فيها، وتحتم على هذه السفن زيادة عدد الصيانات المختلفة الدورية، من تحويض وصيانة الهيكل والمحركات والمعدات والتجهيزات المختلفة، إلى جانب الإصلاحات والتحويضات الطارئة، الناجمة عن حوادث التصادم وسوء الطقس وغيرها، يحتم على هذه السفن تنفيذ مختلف أنواع الصيانات والإصلاحات في أحواض إصلاح السفن الأجنبية، وهو ما يؤدي إلى خسارة هائلة بالقطع الأجنبي، تقدر بمئات الملايين من الدولارات سنوياً.

ويوضح صقر لـ”البعث” أن الهدف من إنشاء قاعدة فنية لإصلاح وتحويض السفن على الساحل السوري، هو تنفيذ الصيانات المختلفة الدورية والطارئة، لهياكل السفن ومحطات الطاقة وجميع المعدات والتجهيزات الأخرى عليها، بشكل يحقق النوعية والجودة، ويمكن من المنافسة في السوق العالمية، والاستفادة من الموقع الجغرافي لسورية تجارياً، واستقطاب قسم من السفن التي تنقل شحنات الترانزيت عبر الموانئ السورية من مختلف دول العالم لتنفيذ صياناتها في سورية؛ إضافة إلى تطوير الخبرات الفنية الهندسية السورية، في مجال صناعة وصيانة وبناء السفن، مع توفير فرص العمل للمهندسين والفنيين والعمال السوريين، فضلاً عن إنشاء نواة لصناعة بناء السفن في سورية، وإنشاء هيئة تصنيف وطنية، تكون أول هيئة تصنيف عربية تقوم بالإشراف على السفن السورية وتأمين سلامتها، والارتقاء بسورية إلى مستويات عالمية في المجال البحري.

استرداد

ويشير التقرير الصادر عن المديرية إلى المسوغات الفعلية للمشروع المتمثلة في وجود أكثر من 500 سفينة تعود ملكيتها إلى رجال أعمال سوريين تحتاج إلى صيانات دورية وطارئة، تضطر حالياً إلى تنفيذ صياناتها في الموانئ الأجنبية، مع وجود أكثر من 1000 سفينة تمتلكها دول شرق البحر المتوسط (لبنان، الأردن، مصر، قبرص، اليونان)، تحتاج إلى صيانات دورية وطارئة، إضافة إلى وجود عدد كبير من السفن الأجنبية والعربية التي تجبر على الاتجاه إلى الموانئ السورية بحكم الموقع الجغرافي لتفريغ بضائع الترانزيت، والتي يمكن استقطابها لتنفيذ الصيانات في ترسانات التحويض والإصلاح السورية، إضافة إلى أن قلة عدد الأحواض ومراكز صيانة السفن في شرق المتوسط، واقتصارها على عدد قليل في تركيا وقبرص واليونان ومصر، وغيابها في كل من سورية ولبنان، تجبر السفن على التوجه إلى دول أوروبا وآسيا وغيرها، لإجراء صياناتها، فضلاً عن الاستفادة من انخفاض الضرائب، والتسهيلات، التي قدمتها الحكومة، ومن رخص أجر اليد العاملة السورية، للمنافسة في مجال صناعة صيانة وبناء السفن.
وأشار التقرير إلى أن إنشاء وتفعيل 10% فقط من مجمل مشاريع قواعد إصلاح وتحويض وصيانة السفن يؤدي إلى تأمين أكثر من 3000 فرصة عمل للمهندسين البحريين والفنيين والعمال والإداريين، مع استرداد هذه الكميات الهائلة من الأموال السورية المهاجرة، التي تصل إلى مئات الملايين من الدولارات الأمريكية، والتي تدفع في السوق الأجنبية لتنفيذ هذه الصيانات، والاستفادة منها في سورية.

 

أحد القباطنة أشار إلى جملة من المشكلات والتحديات التي تواجه الأسطول السوري، ومنها عدم وجود حوض في سورية لصيانة البواخر السورية والأجنبية التي ترتاد مرافئنا، فتضطر إلى إجراء الصيانة في الدول الأوروبية أو الدول المجاورة وما تتكلفه هذه البواخر من مبالغ كبيرة، حيث إن تكلفة الحوض ما بين “30 إلى 40” مليون دولار، وإيراداته السنوية تتجاوز “10” ملايين دولار تصاعدياً، بالإضافة إلى أنه يشغل عمالة بين “5000 إلى 10 آلاف” عامل؛ ما يحد من موضوع البطالة، ولا توجد أية مشكلة تحد من إنشائه، مع العلم أن الجهات السورية المختصة بالموضوع منذ سنوات تتحدث عن إنشاء حوض السفن وإلى تاريخه أسطولنا يجري الصيانة في الخارج بما فيه السفن المملوكة للقطاع العام.

يذكر أن المديرية العامة للموانئ لديها دراسة فنية واقتصادية لمشروع حوض بناء وإصلاح السفن في منطقة عرب الملك الواقعة بشمال بانياس حيث إن الموقع يمتاز بأعماق تتراوح ما بين 7-10 أمتار وعلى مسافة 19م من الطريق القديم الذي يربط جبلة ببانياس في منطقة خالية من السكان، كما يمتاز الموقع بجبهة بحرية طولها 920م، وطول الشاطئ نحو 1500 م محاط بأملاك عامة تتجاوز مساحتها 64 ألف كم2، وهذا المشروع يسمح باستقبال سفن ذات حمولة تصل إلى 30 ألف طن وبطول يصل إلى 200م، وبحسب المشروع فأنه يؤمن فرص عمل لأكثر من 3000 عامل…

البعث

سيريا ديلي نيوز


التعليقات