حذّر مراقبون وفنيون من تدفقات غير مسبوقة للشّاشات التي تتسلل تهريباً إلى الأسواق السورية..منبّهين من خطورة استخدام هذه الشاشات، لافتقارها لأدنى درجات الأمان، إذ تسبب أكثر من أذية لعيون المتابع الذي هو الأسرة عموماً..نظراً للأشعاعات الصادرة عنها بسبب رداءة المواد المستخدمة في تصنيعها.

بالفعل يبدو أنه ليس لمقولة ” لست غنياً لأشتري سلعاً رخيصة” أيّ ترجمة واقعية في أسواقنا نحن السوريين..فرغم مشاهد الفقر والفاقة والنقمة التي أنتجتها الحرب، وجد السوريون أنفسهم وجاهياً أمام أزمة جديدة وبوّابة نزيف حاد تستنزف مدخراتهم بلا رحمة..” أفخاخ” معلّبة ومغلّفة بأمبلاجات جاذبة، متسللة من وراء الحدود..

سلع “ملغومة”..ليست مجرّد حذاء رياضي أو بنطلون جينز..بل شاشات منزليّة ليست ببضعة آلاف قليلة من الليرات السورية، بل ثمنها بمئات الآلاف.. وهي مجهولة المنشأ والماركة والميزات..المعطى الوحيد الواضح والأكيد فيها هو سعرها المرتفع الذي يدفعه المغرر بهم عبر أساليب تسويق احترافية بل ” انبطاحيّة”..بمزاعم الكفالة و الاستعراض بإيصال السلعة إلى المنازل، مع عبارات منمّقة تتكفّل بالاستحواذ على رضا الزبون لبضع دقائق، هي ذاتها الدقائق التي يستغرقها تحضير المبلغ وتسليمه لعامل التوصيل والتركيب.
المسألة بخطورتها ذات بعد آخر اقتصادي بكل ما للاقتصاد من تفرعات صناعية وتجارية وتسويقية ونقدية واجتماعية و أمنية سياسية أيضاً.
فالشاشات والأجهزة الكهربائية المهرّبة، هي الأكثر فتكاً بمدخرات السوريين الذين يعانون أساساً من ضائقة معيشيّة، وكذلك ” شفطاً” لموجودات السوق من القطع الأجنبي الذي يذهب ثمناً لمثل هذه السلع ” المزورة خصّيصاً لأسواق الجمهورية العربية السورية”..والمجمعة في المستودعات العملاقة في مناطق سيطرة الإرهاب، وليست مجمعات سرمدا هي الوحيدة و إن كانت الأكبر والأكثر شهرة.
وهي ” الكوارث المعلّبة” التي تتكفّل بإغلاق أي مصنع سوري يشغّل مئات العمال ويعيل آلاف الأشخاص..كما أنها السلع المندسّة التي تنسف كل الجهود التي تبذل للإعادة التوازن إلى كفتي الميزان التجاري السوري، المختل بل المنهار على خلفيات الحرب و إسقاطاتها الثقيلة.
والأخطر إنها – بما تشفطه من عملات – تبدو أكبر داعم للإرهابيين في مناطق تموضعهم، فبأموالنا نحن السوريين يعيدون شراء الأسلحة والمعدات ليدفعوا بمفخخاتهم صوبنا..

هذا هو خطر التهريب، و أخطر ما فيه هم الأجهزة والسلع المعمّرة ذات الثمن الباهظ الذي يستنزف موجودات السوريين، كثاني أكبر سلعة بعد السيارات، لكن هذه الأخيرة لا يمكن احتواؤها تهريباً، فيما الشاشات مثلاً مخبأة في البيوت.
بعيداً عن كل هذه الاعتبارات، يكفي أن نعلم أن هذه الشاشات لا تخضع لنظام تسعير واضح، ولا هي معلومة المنشأ، إذ تجري هناك في المستودعات الحدودية ” عمليات الفتل” أو التدليس، أي وضع اللصاقات الخاصة بالمنشأ والماركة والميزات والخصائص الفنيّة.
وبإمكان أي مستهلك ملاحظة أن شاشة LG مثلاً ذاتها ” توشيبا” وذاتها ” شارب” وسلسلة ماركات عالمية شهيرة لم تدخل الأسواق السورية منذ 20 عاماً..أي الشاشة ” الستوك” ذاتها تم إلصاق لوغو و أحرف جاهزة بها، وما على المستهلك السوري إلا أن يدفع.

هوامش:

فوجئ أعداد كبيرة من المواطنين السوريين بأعطال وعطب سريع في الشاشات المهربة التي تورّطوا بشرائها بعد أشهر قليلة.
بما أنها مهربة لم يهتدوا إلى مراكز صيانة..بعد أن رفضتها مراكز الصيانة التقليدية لأنه شاشات مزورة منسوبة “انتحالاً” إلى ماركات أخرى.
النتيجة أن المستهلك يضطر في هذه الحالة إلى إتلاف الشاشة ..وبعضهم واسى نفسه بأنه اعتبر أن المبلغ فقد منه، أو أتت عليه الحرب، لكنهم بكل تأكيد ابتلعوا مرارة الموقف لأن ” القانون لا يحمي….”.
اتضح أن الميزات المدونة على ” الكاتالوج” المرافق، عائدة إلى ماركات غيرها التي تم تركيبها..بعض الزبائن أفصح و آخرون لاذوا بالصمت.

 

التعليقات