ظهر مصطلح (الكساد التضخمي) في بداية سبعينيات القرن الماضي, وهو يعبّر عن معدل العناء الاقتصادي أي مجموع معدلي (البطالة والتضخم) ويتجسد عملياً بعد الحرب والأزمات الاقتصادية مثل الحرب العالمية الأولى والثانية وأزمة الكساد الكبرى من سنة 1929 وحتى 1939 وغيرها, وهو من أصعب الحالات الاقتصادية التي يواجهها راسمو السياسة الاقتصادية وتحديداً السياسة النقدية, وفي رأينا أن مدخل العلاج يكون من توصيف الواقع الاقتصادي بشفافية وواقعية من خلال دراسة واقع المؤشرات الاقتصادية وخاصة الإنتاج وفاتورة التجارة الخارجية من صادرات ومستوردات وبعض المؤشرات الفنية وخاصة (سعر الخصم –سعر إعادة الخصم – سعر الفائدة), حيث يعبر سعر الخصم عن سعر الفائدة أو تكلفة الإقراض على الأموال التي يقرضها البنك المركزي إلى البنوك التابعة لتغطية حاجات سيولتها والمحافظة على الاستقرار النقدي, أما استثمارياً فإنه يعبر عن قيمة التدفقات النقدية المستقبلية الناجمة عن الاستثمار لتحديد الوضع المالي المستقبلي للاستثمارات المصروفة, أو هو سعر الورقة النقدية المخصومة في المصرف وتقاس بالفارق بين قيمة الورقة الاسمية والقيمة المحصلة, وتالياً فهو من أهم الأدوات الاقتصادية التي يستخدمها البنك المركزي للتأثير في الكتلة النقدية والعجلة الاقتصادية على المستوى الكلي والجزئي, وكمثال على ذلك إذا كان الاقتصاد يعاني الركود أو النمو المتباطئ فإن المركزي يقوم بتخفيض سعر الخصم, أي تخفيض سعر الإقراض من المركزي إلى البنوك المحلية ومن ثم إلى المقترضين, وهذا يساعد في التوسع في الاستثمار والاستهلاك وسعر الصرف, لكن من جهة اخرى فإن هذا سيؤثر في حجم وعوائد المدخرات للأموال المودعة للمودعين في البنوك وهذه تدعى (سياسة توسعية أو سياسة التسيير النقدي), كما يمكن أن يعتمد البنك المركزي سياسة زيادة سعر الخصم أي (سياسة انكماشية أو التضييق النقدي) لتقليل الكتلة النقدية في السوق والهدف هو تقليل معدل التضخم, وهنا سيتأثر سلباً حجم الناتج المحلي الاجمالي من جراء تراجع الاستثمارات والاستهلاك وسعر الصرف, أما سعر الفائدة فهو سعر إقراض أو إيداع النقود لطرف آخر سواء كان بنكاً أو شخصية عادية أو اعتبارية, وهذا يساعد في التحكم بعرض النقود وتداولها, كما يعبر عن العائد على رأس المال المستثمر, ويوجد مصطلح سعر إعادة الخصم وهو السعر الذي يتقاضاه البنك المركزي من سعر الخصم الذي يخصمه وهو من أهم آليات التحكم في عرض النقود, فعند تخفيض سعر إعادة الخصم من المركزي يزداد المعروض النقدي من البنوك لديه بسبب تحويل الأوراق المالية لديها إلى سيولة نقدية, وعندها تستفيد من الفارق بين سعر الخصم وإعادة سعر الخصم والعكس صحيح أيضاً, وكحالة عملية لاقتصادنا السوري الذي يعاني حالياً انخفاض معدل النمو الاقتصادي وارتفاع معدل البطالة وسعر الصرف الذي يعبر عن سعر الليرة السورية مقابل العملات الأخرى, فإن هذه الحالة في رأينا قد تتطلب تخفيض معدل الفائدة وسعر الخصم لتشجيع الاستثمارات من خلال ضخ كميات كبيرة من السيولة في السوق لتفعيل حركة الدورة الاقتصادية للوصول إلى الانتعاش الاقتصادي وتجاوز الركود, ومن هنا تظهر ضرورة وأهمية المرونة في السياسة النقدية التي تحدد وتؤثر في حجم الإقراض والاقتراض أي (الائتمان المصرفي), وقد يكون لسعر الفائدة أهمية أكبر من سعر الصرف, ولاسيما أن تخفيض سعر الفائدة ينعش سوق الأسهم المالية وبورصة دمشق ويؤثر في معدل التضخم والبطالة وغيرهما, ولاسيما أن سعر الصرف في سورية حالياً يتأثر بإجراءات أعداء سورية وخاصة الشائعات والإرهاب الاقتصادي من عقوبات وحصار اقتصاديين جائرين مفروضين من طرف واحد.

سيريا ديلي نيوز-د. حيان أحمد سلمان


التعليقات