تُعتبر إعادة إعمار سوريا مشروعاً رئيسياً للحكومة ولأصحاب الأموال، والعملية مرتبطة بخطة لتعزيز #السلطة السياسية والاقتصادية للعمل، في حين تتم مكافئة الحلفاء الأجانب عبر إعطائهم حصة من السوق.

فكمية الدمار في سوريا تطرح أسئلة عما إذا كان التمويل كافياً لإتمام عملية إعادة الاعمار، وتظهر سلسلة من مشاكل في ظل غياب جهات أساسية للاستثمار في سوريا، بالمقابل فأن قضية إعادة الاعمار متصلة أيضاً بالقدرة على تأمين الاستقرار وتوفير بيئة عمل داعمة للاستثمار، غير أنّ هذين الشرطين مهددان من قبل عاملين أساسيين: وجود أصحاب الأموال المحسوبين على أصحاب الكراسي الذين تمّ تمكينهم سياسياً واقتصادياً طوال الحرب، والذين يعوّقون أيضاً إلى حدٍّ ما عودة بعض الاستثمارات في البلاد، وبالتالي يحدّون من إمكانية خلق بيئة تجارية مواتية لإعادة الإعمار، إضافة لإصدار القرارات الخاطئة في هذا الزمن.

إنّ الانتصارات المحققة على أرض الواقع على الإرهاب شجّعت دمشق على محاولة استعادة المستثمرين ورجال الأعمال الذين غادروا البلاد بسبب الحرب، وهم من خلفيات متنوّعة جدّاً وعملوا في مجالات مختلفة.

وتستند دوافع دمشق إلى اجتذاب الاستثمار وزيادة النشاط التجاري، في حين تقلّل الشركات المصنّعة حاجتها للاستيراد، وهو أمر بالغ الأهمية إذ إنّ العملات الأجنبية أصبحت نادرة جداً، ولكن لا يوجد أي علامة تشير إلى عودة كبيرة للصناعيين السوريين.

بالمقابل فأن استثمارات الجهات الفاعلة في القطاع الخاص غير كافية لإعادة بناء سوريا، ففي عام ٢٠١٧، قُدِّرت تكلفة إعادة الإعمار بـ ٣٥٠ مليار دولار أمريكي أضف إلى ذلك أنّ هناك مشاكل تتعلق بالتمويل لأنّ مخططات الشراكة بين القطاعين العام والخاص تعتمد إلى حدٍّ كبير على التمويل من المصارف.

وهذا الأمر غير متوفّر لأن مجموع أصُول ١٤ مصرفاً تجارياً في القطاع الخاص العاملة في البلد بلغت ١.٧ ألف مليار ليرة سورية في نهاية عام ٢٠١٦، أي ما يعادل حوالي ٣.٥ مليار دولار أمريكي ، في حين بلغت في عام ٢٠١٠، أصُول هذه المصارف ١٣.٨ مليار دولار أمريكي، لذا ستحتاج عملية إعادة الاعمار تمويلاً ضخماً من الخارج، والتي من المتّوقع أن تستفيد منها البلدان التي قدمت الدعم الأكبر لسوريا.

يقول الخبير الاقتصادي الدكتور محسن عزوز في تصريح إن «الوضع الراهن قد يستغرق ٢٠ عاماً للعودة والانتعاش من جديد إن افترضنا أنّ "مرحلة" سوريا ما بعد الحرب ستبدأ في ٢٠١9 بنسبة نمّو ٤.٥ % في ظلّ الظروف الراهنة».

وبحسب العزوز، فقد الاقتصاد 2,5 مليون وظيفة فعلية ومحتملة، وفي عام ٢٠١٦، بلغ معدّل البطالة 65%، في حين ارتفعت نسبة البطالة بين الشباب من ٦٩ % في عام ٢٠١٣ إلى ٧٨ % في عام ٢٠١٥، وتُقدّر نسبة الفقر بـ 85 % من السكان، في حين دُمّر3 مليون منزل وقد شجّع ارتفاع مستوى البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة مجموعات من الشباب لاتباع الطرق غير القانونية للحصول على المال، مؤكداً أنّ النهاية المحتملة للحرب في المستقبل القريب لا تعني نهاية المشاكل الاقتصادية، بل على العكس تماماً تعد بداية لحرب اقتصادية جديدة.

ويكمل الخبير الاقتصادي، لذلك سيتعيّن على الحكومة التعامل مع سلسلةٍ من التناقضات والتحدّيات: فمن جهةٍ، على الحكومة إرضاء مصالح الكثيرين المحسوبين عليهم، ومن جهةٍ أخرى، عليها أن تراكم رؤوس المال من خلال توفير الاستقرار الاقتصادي والسياسي، مع منح حلفاء سوريا في الخارج الحصص الرئيسية في عملية إعادة الإعمار.

كما أنه لا معنى لانطلاق انتعاش في سوريا إذا بقيت العقوبات العامّة على سوريا والسوريين، والتي ساهمت بشكل سلبي على الوضع.

سيريا ديلي نيوز- نور ملحم


التعليقات