“ببوس إيدك يا أحمد بدك تدبر 200 مليون من تحت الأرض” هكذا كان يتوسل لأخيه من مكان مجهول تحول فيه من خاطف إلى مخطوف لدى جهة أخرى تمارس عليه ما مارسه من عنف وابتزاز.

هي حالة تشير إلى الدرجة التي وصلت إليها ظاهرة بدأت تعرفها البلاد منذ بداية الأزمة فيها، عام 2011، واتخذت أشكالاً عدة، وأهدافاً متنوعة منها السياسية ومنها ما يتعلق بالسلب، حتى صار لكل منطقة “رموزها” من الخارجين عن القانون، يتداول الناس أسماءهم في جلساتهم بهمس وخوف.

خطر ينهش حتى العصابات التي بدت في بعض المناطق خارجة عن أي سيطرة، رغم أن بعضها ينشط في مناطق تسيطر عليها الحكومة، كما في سلحب (50 كيلومتراً عن محافظة حماة، وإلى الجنوب من سهل الغاب).

بعض سكان المدينة يقولون إنها من أكثر المناطق السورية معاناة من العصابات التي تمارس الخطف، ويرى بعض هؤلاء أن الاعترافات التي بثتها قناة “السورية” لأحد أعضاء تلك العصابات منذ أيام، كانت “رسالة” حكومية بأنها ماضية في السيطرة على أولئك، ويضيف أحد سكان سلحب أن المدينة تعيش حالياً أياماً حاسمة فهناك قوات حكومية على مداخلها وإرادة جادة في القبض على أفراد تلك العصابات بعد سنوات من الرعب الذي أثارته في المنطقة كلها.

السويداء .. فدية بمليوني دولار!

في جنوب البلاد تعيش محافظة السويداء حالة رعب مشابهة، إذ تنتشر عصابات تمارس القتل والخطف، حتى صارت أخبار الخطف في المدينة جزءاً من حياتها اليومية.

آخر عملية خطف، حتى كتابة هذه السطور، كانت تحمل طابعاً غريباً فالجهة الخاطفة طلبت مليوني دولار (أكثر من مليار ليرة) فدية للمخطوف خلدون القاضي ربما لأن الخاطفين اعتقدوا أن عمله في متجر مجوهرات يعني أنه قادر على دفع ذلك المبلغ الخيالي فعلاً، كما وصفه بعض أهالي المنطقة، الذين تداولوا الحادثة.

وربما لأن المعلومة التي تؤكد أن المتجر مستأجر غابت عن “الخطة” التي رسمها الخاطفون، فقد قرروا أن يكون خلدون ضحيتهم القادمة:

وهناك في وسط السويداء، كان ثمة عصابة تراقبه، انتظروه حتى خرج ولاحقوه، ثم أطلقوا النار على سيارته وأخرجوه منها، ومنذ تلك اللحظة لا أحد يعرف عنه شيئاً سوى أن ثمة عصابة من المدينة نفسها، اختطفته وتطالب بمليوني دولار لإطلاقه.

مشيخة العقل: نفوس مريضة تحتاج علاجاً

لا أحد يجرؤ على الحديث، سواء بعض الذين عاشوا تجربة خطف، أو غيرهم، فالذين يمارسون القتل والخطف، يتوزعون على عدد من العصابات التي تبدو في فوضى منفلتة من أي سيطرة، رغم أن ثمة من يتحدث عن عصابات مجرمة، وأخرى “كويسة” تحاول أن تحد من إجرام العصابات الأخرى.

نسأل المستشار الديني للرئاسة الروحية في السويداء الشيخ عبد الوهاب أبو فخر عن موقف المشيخة وماذا يمكن أن تفعل، وعن تلك الظاهرة عموماً، فيقول إن هناك انحلالاً خلقياً وأزمة أخلاقية عند بعض الأشخاص.

ويرى أن تلك الحالات هي “حالات شاذة في مجتمعنا، وأن بعض النفوس المريضة تحتاج إلى معالجة”، ويعرب عن أمله في أن “الأمور ستكون على أحسن حال إن شاء الله”

ويشير أبو فخر إلى أن “الخطف وطلب الفدية أمر مستهجن ومستنكر، فهذه أمور خارجة عن المألوف التوحيدي والديني والعرفي والاجتماعي والإنساني”

وعن الدور المحتمل للمشيخة، يقول إن “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيبقى قائماً، وسيكون لهذه الأزمة زواجر، إذ لا بد من الزواجر والنصوص والتعزيزات وإقامة الحدود على فاعلي هذه الأفعال المشينة”

من الأمس القريب

مع بداية تحولات الأزمة، كانت امرأة وابنتها في سيارتيهما باتجاه حماة، فجأة وجدتا عدداً من المسلحين يقطعون عليهما الطريق، ثم طلبوا منهما أن تترجلا وكان واضحاً أنهم سيأخذون السيارة بما فيها، فقالت المرأة، في محاولة إنقاذ متذاكية: “يا جماعة نحنا ضد النظام” وكانت المفاجأة حين نظر إليها أحدهم وهو يقول: “ضد النظام، معه، معارضة، موالاة، نحن لا علاقة لنا بكل ذلك” ثم اقترب منها وقال بوضوح أكثر: “نحنا قطاعين طرق، بتسمعي فيهم؟”.

روسيا اليوم – أسامة يونس

سيريا ديلي نيوز


التعليقات