الحدث السوري في المتابعة"، تقرير سياسي أسبوعي يصدر عن مركز دمشق للأبحاث والدراسات- مداد، يرصد ما يرتبط بتطورات الحدث السوري، من اجتماعات ولقاءات وتصريحات وأحداث، من خلال تنسيقها وترتيبها وربطها بعضها ببعض وبأحداث سابقة وبتطورات لاحقة، مع التعليق على الأبرز منها عبر تحليلها، وتقديم مجموعة من التنبيهات والتقديرات المستقبلية حولها.

 

ملف الشرق:

     خرج المئاتُ من أبناء محافظة الرقة ودير الزور في تجمعات شعبية نددوا خلالها بالاحتلال الأميركيّ والاعتداءات التي يشنها التحالف الأميركيّ الفرنسيّ بحقّ الأهالي، وقاموا بحرق الأعلام الأميركية والفرنسية، ونددوا بالتهديدات التركية مطالبين بدخول الجيش العربي السوريّ إلى مناطق الرقة ودير الزور كافة وتحريرها من الإرهاب والاحتلال، وأكدوا عزمهم على مقاومة الاحتلال الأميركي وجميع القوات الأجنبية المتواجدة في سورية بطريقة غير شرعيّة والعمل على دحرهم منها بكل السبل المتاحة بالتعاون مع الجيش العربيّ السوريّ، ودعوا الحكومة السورية إلى وصل الجسور، التي دمرها الجيش الأميركي،  وإزالة المعابر، التي أقامتها "قسد". (سانا، 9-2-2019)

     في السياق، ذكر مدير مركز حميميم الروسي للمصالحة، الفريق سيرغي سولوماتين، في بيان صدر عنه، أن سكان المحافظتين احتجوا ضد الظروف المعيشية القاسية التي يعود سببها إلى منع فصائل "قسد" المتحالفة مع الولايات المتحدة من تمرير المساعدة الإنسانية التي تقدمها الحكومة السورية لهم وسرقة الحمولات الإنسانية الواصلة من منظمات دولية على يد جماعات مسلحة تحت إشراف العسكريين الأميركيين، و"تم توثيق فيديو الاحتجاجات على التواجد الأميركي في قرية الشنان بمنطقة الصبخة بريف الرقة، وقام المحتجون بحرق العلم الأميركيّ في حركة احتجاجية على التواجد الأجنبي، كما هتفوا بشعارات تحيي الحكومة السورية والرئيس بشار الأسد"، بعد احتجاجات مماثلة في بلدات أبو حماد وحويجة شنان وسحلبية وصفصافة. (روسيا اليوم، 9-2-2019)

هذا، وأبدى الجيش الأميركيّ، استعداده لسحب كل قواته من سورية بحلول نهاية شهر نيسان المقبل في حال لم يغير البيت الأبيض مساره وحتى إن لم تتوصل إدارة ترامب إلى اتفاق لحماية شركائها الكرد في تلك المنطقة. (الميادين نقلاً عن "وول ستريت جورنال" 9-2-2019)

   بالترافق مع ذلك، انسحبَ رتل أميركي مؤلف من نحو 30 سيارة بعضها محمل على ناقلات، من مدينة الطبقة بريف محافظة الرقة باتجاه مركز المحافظة، مشيرة إلى أن الرتل يحوي عدة أنواع من الآليات الثقيلة والمدرعات المتنوعة وعربات "الهمر" وعربات "بيك آب". (سبوتنيك، 11-2-2019)

     على خط مواز، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية روبرت بالادينو، إنّه "لا ينبغي أن تكون هناك عمليات عسكرية تستهدف "قسد" بعد انسحاب قوات بلاده من سورية".

     في سياق متصل، ومن جانبه، قال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف: "نحن نصر على ضرورة أن تنفذ الولايات المتحدة ما وعدت به، وبالتحديد الانسحاب الكامل من سورية، وإنهاء وجودها العسكري هناك". (سبوتنيك، 11-2-2019).

    في وقت قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: "إن تنظيم داعش لم يُهزم بعد، وإنما يتحوّل إلى قوّة قتالية غير منظمة بعدما خسر معظم الأراضي التي كان يسيطر عليها في سورية".

     وفي المقابل، وبعد 4 أيام من تصريحات له، قال فيها إن الإعلان الرسمي عن تحرير   كامل الأراضي التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش في سورية والعراق، ربما يكون الأسبوع المقبل (الجاري)، بيّنَ ترامب أنَّ "الولايات المتحدة سوف تسيطر قريباً على نسبة 100 بالمئة من أراضي تنظيم داعش في سورية".

      من جهته، قال قائد القيادة العسكريّة المركزيّة الأميركيّة الجنرال جوزيف فوتيل حول إذا كان سحب القوات الأميركية التي يتجاوز عددها ألفي جندي سيبدأ خلال أيام أو أسابيع: "ربما أسابيع، ولكن مرة أخرى هذا كله يحدده الوضع على الأرض"، وأضاف: "فيما يتعلق بالانسحاب... أعتقد أننا على المسار الصحيح حيثما نريد أن نكون"، معتبراً أن "نقل الأفراد أسهل من نقل العتاد ولذا ما نحاول فعله الآن هو من جديد نقل هذه المواد، هذا العتاد، الذي لا نحتاجه". (رويترز، 12-2-2019)

     اللافت، كان ما قاله وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي، عادل الجبير في مقابلة له: "نجري مناقشات مع الولايات المتحدة حول ضمان عدم عودة داعش إلى سورية ودعم الإنجازات التي حققناها في شمال شرق سورية"، وأضاف: "إننا سنضمن عدم عودتهم (مسلحو داعش) إلى سورية". (قناة "CBS" الأميركية، 12-2-2019)

     وفي اليوم ذاته ذكر عضو المكتب السياسيّ في "تيار الغد" المعارض، أحمد جقل، أن محادثات تشكيل ما تسمّى "المنطقة الآمنة" وصلت إلى مراحل متقدمة، وأن بعض التفاصيل "في طريقها للتبلور بين تركيا وأميركا".

      هذا، وبالترافق مع إعلان أميركا رسمياً أن قواتها بدأت بالفعل سحب معداتها من سورية من دون الأفراد، سارت فرنسا على خطى حليفتها، وأعلنت أنها تناقش حالياً سحب قواتها من سورية، وأعلن السفيرُ الفرنسيُّ لدى روسيا، سيلفي بيرمان، أنّه تجري مناقشة مسألة سحب القوات الفرنسيّة من سورية.

     في المقابل، قال نائب الرئيس التركي، فؤاد أوقطاي: إنَّ "الإرهابيين الذين يشكلون تهديداً على حدود تركيا الجنوبية، لن يستطيعوا الهرب من مصيرهم المحتوم"، وإنَّ "بلاده ستواصل مكافحة التنظيمات الإرهابية وداعميها بكل قوة وإصرار وإيمان".

      على الجانب السوري، أكّد معاون وزير الخارجية والمغتربين أيمن سوسان، أن أي وجود أجنبي في الأراضي السورية، هو عدوان واحتلال، لافتاً إلى أن اتفاق «أضنة» يستوجب توافر مجموعة من المعطيات، وهي انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، والتوقف الكامل عن دعم كافة أشكال الإرهاب في سورية، ومن ثم وكما يشير «البروتوكول»، بأن أمن وسلامة الحدود بين البلدين هو مسؤولية مشتركة. (الوطن، 10-2-2019).

     في أثناء ذلك، أعلن المسؤول في ما تسمّى "الإدارة الذاتية"، بدران جيا كردي، أنهم يتوجهون إلى الحل السياسي وهو ما يتطلب الاتفاق مع دمشق. ("أ ف ب"، 10-2-2019)

    كما كشف عضو "المجلس الرئاسيّ" في "مجلس سورية الديمقراطية- مسد"، آزاد برازي، عن وجود موقف إيجابيّ لدى الحكومة السورية حول ما تسمّى "الإدارة الذاتية" الكرديّة لشمال وشرق سورية، وأن المفاوضات ستبدأ قريباً، وقال برازي: "إن الأخبار الواردة عن انسحاب القوات الأميركية، إعلامية، وليس هناك وضوح حول مسألة الانسحاب أو جدول زمني واضح وما إذا تم سيكون جزئياً أو كلياً، لكن باعتقادي سيكون الانسحابُ جزئيّاً". (موقع العهد، 11-2-2019)

     والخميس عُقدت قمة رؤساء ضامني أستانا، التي أكد فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ضرورة مناقشة تطورات الوضع في شمال شرقي سورية في ظل إعلان الولايات المتحدة عن نيتها سحب القوات الأمريكية من المنطقة، وذكّر بأنه هو ونظيره التركي سبق أن اتفقا خلال محادثاتهما في موسكو في كانون الثاني الماضي على ضرورة حل القضايا الأمنية في سورية مع الاحترام الصارم لسيادتها ووحدة أراضيها. (روسيا اليوم، 14-2-2019)

    هذا، ومن جانبه حمّل الرئيس الإيراني حسن روحاني الولايات المتحدة المسؤولية عن دعم الإرهابيين في سورية والعراق واستغلالهم لتحقيق مصالح واشنطن، مشدداً على ضرورة سحب الولايات المتحدة قواتها من سورية، كي يتمكن الجيش السوريّ من الانتشار بأسرع وقت ممكن على ضفتي الفرات بما يراعي مصالح سكان المنطقة بمن فيهم الأكراد، وقال: إن طهران تتفهم قلق أنقرة بشأن تطورات الوضع في الشمال السوريّ، وأن نشر قوات سورية في المنطقة يمثل "حلاً جيداً" للحدّ من المخاوف التركية. (روسيا اليوم، 14-2-2019)

    بدوره أكّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن قرار واشنطن الانسحاب من سورية يُعَدُّ "امتحاناً هامّاً جداً" لها، وأشار إلى أن الغموض لا يزال يكتنف تطبيق هذا القرار، مؤكداً على ضرورة العمل المشترك مع روسيا في معالجة تداعياته، وأعرب أردوغان، عن ترحيب بلاده بموقف روسيا الإيجابي من فكرة "المنطقة الآمنة" في سورية، وقال: "ندعم فكرة المنطقة الآمنة بما يخدم إزالة مخاوفنا بشأن الأمن القومي"، وبيّن، أنه لا يمكن تحقيق وحدة التراب السوري دون تطهير منطقة "منبج" وشرق الفرات ممن وصفهم بالتنظيمات الإرهابية. (روسيا اليوم، 14-2-2019)

     وشدد البيان الختامي للقمة الثلاثية على ضرورة أن تخضع المناطق السورية بعد انسحاب واشنطن إلى سيطرة الحكومة. (روسيا اليوم، 14-2-2019)

     هذا، وأعلن الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين، في مؤتمر صحافي مشترك، أن موسكو تتفهم اهتمام تركيا بتأمين حدودها مع سورية، وتنطلق في هذه المسألة من "وجود اتفاقية مناسبة" بين أنقرة ودمشق، وقال بوتين: "ننطلق من وجود اتفاقية مناسبة بين تركيا وسورية، وهي تنصُّ على مبادئ التعاون في محاربة الإرهاب، ويمكن استخدامها أرضية للعمل اليوم"، وأكد وجود اتصال مستمر وتعاون نشط في هذا الاتجاه بين موسكو وأنقرة على مستوى الاستخبارات والعسكريين، مُظهراً قناعته في أنه "إذا استمر هذا التنسيق فإن ذلك سيضمن النجاح"، وتابع: "لكن في نهاية المطاف، نعتقد، ويؤكد ذلك الرئيس التركي، أنه سيتم ضمان وحدة الأراضي السورية، مع اندحار خطر الإرهاب الذي تحدث عنه الرئيس التركي"، وتطرق بوتين في تصريحاته إلى اتفاقية أضنة المبرمة بين سورية وتركيا عام 1998. (روسيا اليوم، 14-2-2019)

      كما أنّه وعلى خط موازٍ، قال وزير الدفاع الروسيّ سيرغي شويغو: "نحن لم نر بعد انسحاب القوات، بل نرى دعمهم الفعال بالسلاح والمعدات للوحدات الكردية على الضفة الشرقية لنهر الفرات". (روسيا اليوم، 14-2-2019)

     في ختام القمة الثلاثية، اتفق رؤساء روسيا وتركيا وإيران على مواصلة العمل للوصول للتسوية السياسية في سورية، مع احترام سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها، وأكدوا رفضهم القاطع لمحاولات فرض حقائق جديدة على الأرض في سورية تحت غطاء محاربة الإرهاب، وأكد الزعماء الثلاثة عزمهم على "التصدي للمخططات الانفصالية التي تهدف إلى نسف سيادة سوريا ووحدتها الترابية، وكذلك أمن الدول المجاورة لها".

     واتفقت الدول الثلاث على عقد اجتماع جديد بصيغة أستانا أواخر آذار - أوائل نيسان المقبل.

     وشكّك زعماء هذه الدول في مؤتمر صحافيّ مشترك بنية الولايات المتحدة سحب قواتها من سورية، وأوضح بوتين أن ترامب يلتزم بوعوده الانتخابية، لكن الظروف الداخلية في الولايات المتحدة تمنعه أحياناً من تطبيقها، مضيفاً: "لا نعلم ماذا سيحدث لاحقاً، لكن اليوم نؤكد أنه لم يحصل أي تغير ملحوظ على الأرض"، وتابع أنه إذا سحبت الولايات المتحدة في الواقع قواتها من سورية، فإن القوات السورية يجب أن تسيطر على هذه المناطق.

     ذلك، ومن جانبه، أشار الرئيس أردوغان إلى أن قرار سحب القوات الأمريكية يعود إلى ترامب وهو يواجه معارضة من قبل كبار المسؤولين الآخرين في الولايات المتحدة، ومن غير الواضح متى سيطبق هذا القرار وما إذا كان سيحصل فعلا.

     وذكر الرئيس التركيّ، أن أنقرة تعول على التنسيق مع روسيا وإيران في عملية سحب القوات الأمريكية من سورية، مشيراً إلى ضرورة احترام وحدة الأراضي السورية من جانب، وضمان عدم سيطرة الإرهابيين على المناطق الآمنة الجديدة.

     كما أنّه، وبدوره، أبدى روحاني قلق طهران إزاء ما وصفه بـ "المؤامرة طويلة الأمد" الأمريكية ضد سورية، مشيراً إلى أنَّ الولايات المتحدة لن تتوقف عن التدخل في شؤون سورية و"قد تواصل عدوانها من الجوّ" حتى إذا انسحبت قواتها البرية من البلاد.

     وشدد روحاني على ضرورة "تطهير شرق الفرات"، مشيراً في الوقت نفسه إلى ضرورة أن يكون لدى الأكراد دور في مستقبل سورية.

      وقال الرئيس الإيرانيّ: إنَّ موقف الدول الثلاث والمجتمع الدوليّ بأكمله يقضي بضرورة استعادة الحكومة الشرعية السيطرة على كامل أراضي سورية.

    في غضون ذلك، أكد نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس، من مؤتمر وارسو، أن واشنطن ستحتفظ بحضور قوي لها في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن الانسحاب من سورية خطوة تكتيكية وليست تحولاً استراتيجيّاً. (روسيا اليوم 14-2-2019)

    إلى ذلك، ظهر الأسبوع الفائت وبقوة ملفُّ إعادة عشرات المواطنين الفرنسيين إلى بلادهم من أماكن احتجازهم في شمال سورية، ومن بينهم مسلحون مع تنظيم داعش الإرهابيّ مع عوائلهم من نساء وأطفال.

     وذكرت الجهات الكردية أنها تحتجز مئات المواطنين الأجانب، إلا أنها لم تكشف عن أية أعداد محددة لهؤلاء، ويدعو الكرد منذ أشهر الدول المعنيّة إلى استعادة مواطنيها من السجناء الذين تحتجزهم "قسد".

     ونقلت تقارير إعلاميّة عن مسؤول أميركي لم تكشف عن اسمه، قوله: إن "الوقت الذي يمكن فيه أن تقدم الولايات المتحدة المساعدة يضيق"، مضيفاً: "ندعو كل الدول إلى العمل سريعاً جداً إلى تحمل مسؤولية مواطنيها الذين توجّهوا إلى سورية للقتال إلى جانب تنظيم داعش". (أ ف ب، 11-2-2019)

    كذلك تصاعد أعداد الأشخاص الذين فارقوا الحياة بشكل كبير، نتيجة التقصير الكبير في الرعاية الطبية والإشراف الصحي على الحالات المرضية، بالإضافة لتردي الأحوال الجوية، ونقص العلاج اللازم وقلة الغذاء في مخيم الهول الواقع في مناطق سيطرت "قسد".

     في هذه الأثناء، سرت أنباء عن اتفاق بين "قسد"، و"التحالف الدوليّ" من جهة وداعش من جهة ثانية، يقضي بخروج التنظيم من آخر مناطقه في شرق الفرات، وسط ترجيحات أن مسلحيه سينقلون إلى صحراء الأنبار أو بادية التنف. (الميادين، 9-2-2019)

    أعلنت "قسد" الأسبوع الفائت عن بدئها هجوماً عسكريّاً على آخر جيوب تنظيم داعش الإرهابي شرق الفرات. (رويتزر- 10-2-2019)

     وفي وقت لاحق، تردّدت أنباء عن أنَّ "قيادات من الصف الأول من التنظيم تمكّنت من الفرار  ممّا تبقى للتنظيم عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات"، كما ترددت أنباء عن امتلاك قيادات ومسلحي تنظيم داعش الإرهابيّ المتبقين في جيبه الأخير بشرق الفرات نحو 40 طناً من الذهب وعشرات ملايين الدولارات، وأنَّ  "تحالف واشنطن" لا يستهدف المنطقة حفاظاً على الذهب والأموال بغية الحصول عليها.

     وبينما ارتكب "التحالف الدوليّ" المزعوم العديد من الجازر راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى بريف دير الزور الشرقيّ. ("سانا"، 11-2-2019)

    وفي وقت جددت فيه سورية، مطالبتها مجلس الأمن الدوليّ بالوقوف ضد الجرائم والاعتداءات التي يرتكبها "التحالف الدوليّ"، والعمل على التحرك الفوري لوقفها ومنع تكرارها، وإجراء تحقيق دوليّ فوري بهذه الجرائم وإدانتها.

     أكد لافروف أن بلاده ستدعم توجُّه سورية للحصول على تنديد مجلس الأمن الدولي ضد قصف "التحالف الدولي" على دير الزور والذي يخلف ضحايا في صفوف المدنيين. (سانا، 13-2-2019)

     وفي اليوم التالي لقمة رؤساء الضامنة، اعتبر وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، أن قوات بلاده هي الطرف الوحيد الذي يجب أن ينتشر في ما تسمى "المنطقة الآمنة" التي يخطط لإقامتها شمالي سورية، واعتبر أن إخراج مسلحي "وحدات حماية الشعب" الكردية، من شمال سورية يشكل القضية الأكثر أهمية بالنسبة لأمن "حدود تركيا وشعبها"، وشدد على ضرورة "ألا يتحول الفراغ الذي سيحدث عقب الانسحاب الأمريكي إلى منطقة آمنة للإرهابيين". (الأناضول، 15-2-2019)

التعليق:

اعتبر عضو الهيئة العلمية في "مركز دمشق للأبحاث والدراسات – مداد"، أنه مما يلفت الناظر او المتابع لقمة سوتشي الاخيرة أنها أخرجت للمتابعين أكثر من مستوى من التوافق والاختلاف في الموقف من الحرب السورية، ما كان في البيان الختامي من كلام عن محاربة الإرهاب وضرورة الحفاظ على الجغرافية السورية وعودة سلطة الدولة وتفهم روسيا وإيران لهواجس تركيا الأمنية، والترحيب بالانسحاب الأمريكي وضرورة عودة سورية إلى جامعة الدول العربية والبدء بإعادة الإعمار وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين الخ ، وأشار، إلى أن ما ظهر من المؤتمر الصحفي كان مختلفاً، إذ ركز كل طرف على ما يعده أولوية لديه.

ولفت محفوض، إلى أنه كان ثمة تأكيد على بذل جهود جدية لمعاودة التواصل والحوار والاتصال بين دمشق وأنقرة، على أساس الاتفاقات بين الدولتين، بالإشارة إلى بروتوكول أضنة لعام 1998، وهذا يرفع سقف التوقعات والتخمينات بشأن الخطوات التالية على هذا الصعيد، بانتظار ردة فعل أو تعليق الحكومة السورية على ذلك.

ويلاحظ أنه أسبوع تلوى الآخر يزداد السخط الشعبي في مناطق تواجد القوات الاحتلالية الأميركية ومن في عدادها على الأرض السورية، الأمر الذي يعطي مؤشرات باتجاهين، الأول باتجاه واشنطن وحلفاءها الكرد بأن التحديات التي سيواجهونها ستزداد يوماً بعد يوم وهو ما لا طاقة لهم على تحمله خصوصاً في ظل مجموعة ضغوط أخرى خارجية من قبيل ضرورة الانسحاب الأمريكي هربا من مخاطر جثام ستحدق بالعسكريين الامريكان في المنطقة، والثاني باتجاه الدولة السورية إذ ان شرق وشمال شرق البلاد بات بحاجة لاستراتيجيات مختلفة في التعاطي مع التكوينات الاثنية والعرقية والمحلية (قبائلية وعشائرية) بحيث يمكن تحويل تنظيم هذه القوى الشعبية وتحويلها لا فيه خدمة الهدف الأساسي ألا وهو الحفاظ على وحدة واستقلال وسيادة سورية، وتحرير كل شبر من أرضها من التنظيمات المسلحة ومن القوات الاحتلالية.

وهنا، وفيما يتصل بما سبق لا بد من التأكيد على أن ارسال الإشارات فقط من منطقة شرق وشمال شرق سورية لم يعد كافياً، بل بات من الضروري تلقف الإشارات القادمة من تلك المناطق والتناغم معها، فعودة الحديث لدى القيادات الكردية عن ضرورة الحوار مع دمشق إشارة كردية يجب تلقفها والتمحيص في أسبابها في الوقت ذاته، بما يمكن من إرسال الردود المناسبة عليها.

كذلك ومع اقتراب انتهاء ملف تنظيم داعش الإرهابي شرق الفرات ومع تزايد التأكيدات الأميركية على الانسحاب من المنطقة، فإن ملفات جديدة بدأت تتكشف وتتطلب متابعة، من قبيل الدواعش الأجانب الموقوفين لدى "قوات سورية الديمقراطية- قسد"، ما هو مصيرهم؟، الملف الآخر يرتبط بسوء الأوضاع الإنسانية في المخيمات الواقعة في مناطق سيطرت "قسد"، والتي يجب أن تبدأ الدولة السورية وروسيا بالعمل على الوصول إليها.

إن الحديث السوري الروسي المتزامن عن مجازر "التحالف الدولي" المتواصلة بحق المدنيين في شرق وشمال شرق البلاد، والتي تصاعدت الأسبوع الفائت يوحي بتحرك ما يخطط له على المستوى الدولي في هذا الإطار من قبيل شكوى قد تقدمها سورية في مجلس الأمن الدولي ضد "التحالف" المشكل من خارج المجلس.

ملف الشمال

      دفع الجيشُ العربيّ السوريّ بتعزيزات جديدة إلى جبهات أرياف حلب وحماة وإدلب، في وقت أكد فيه القائم بأعمال سفير سورية في الأردن، أيمن علوش، أن الدولة السورية لن تتخلى عن شبر من أراضيها، وأن معركة إدلب خاضعة لحسابات كثيرة أهمها وجود مليوني إنسان مدني مقابل 50 ألف مسلح، وهذا يجعل الضحايا من المدنيين أكثر في حال وقوع أي معركة. (عمون، 9-2-2019)

     تأتي تعزيزات الجيش، بينما كشف مصدر في "هيئة التفاوض" المعارضة: عن مخطط تركي، يتضمن دمج مسلحي جبهة النصرة، ضمن ما يسمّى "الجيش الوطني" التابع لتركيا في شمال البلاد، ووفقاً للمصدر، فإن تركيا ترتب لقاءات حالياً بين ممثلين عن "التحالف الدولي"، و"النصرة" للاتفاق على التحضيرات الخاصة بدمج الأخيرة مع "الجيش الوطني". (سكاي نيوز عربية نقلاً عن وسائل إعلام روسية، 10-2-2019)

     وفي الاتجاه نفسه، أكد معاون وزير الخارجية والمغتربين أيمن سوسان، أن إدلب هي جزء لا يتجزأ من التراب الوطنيّ السوريّ، والحسم فيها يخضع للظروف الموضوعية، التي تساهم في إنهاء هذا الوضع «الشاذ»، لكن قرار عودتها لا مساومة فيه. (الوطن، 10-2-2019)

    في غضون ذلك، أجرى وزير الدفاع الروسيّ، سيرغي شويغو، مباحثات في أنقرة مع نظيره التركيّ خلوصي أكار، وجاء في بيان مشترك نشر في ختام المحادثات: أنه "رغم الاستفزازات، تم التشديد على أهمية مواصلة التعاون بين الاستخبارات والقوات المسلحة التابعة للبلدين من أجل إحلال السلام والحفاظ على الاستقرار في إدلب"، كما شدد الطرفان بحسب البيان، على "ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لضمان الأمن في منطقة إدلب المنزوعة السلاح". (روسيا اليوم، 11-2-2019)

     وجاءت محادثات شويغو وأكار قبل يومين من انعقاد قمة سوتشي لرؤساء الدول الضامنة لمسار استانا (روسيا، إيران، تركيا).

    هذا، وتزامناً مع زيارة شويغو، شنّت "النصرة" هجوماً ضد الجيش العربيّ السوريّ استخدم فيه قذائف كيميائية، إذ أطلقت مجموعات إرهابيّة تتبع لـ"النصرة" 5 قذائف محملة بالكلور على نقاط عسكرية من محور الخوين أم زرزور في محيط ريف إدلب، ما أدى إلى إصابة 6 عناصر من الجيش.

    ذلك، وعشية "قمة سوتشي"، قال لافروف: إنَّ "تنظيم جبهة النُّصرة الإرهابيّ يسيطر على 90 بالمئة من محافظة إدلب والاتفاق الذي تم التوصل إليه في أيلول الماضي حول إدلب مؤقت، وتم تأكيد ذلك مرات عدة في الاجتماعات بين الجانبين الروسي والتركي"، وشدد على أن إنشاء منطقة "خفض التصعيد" في إدلب وفقاً لـ"اتفاق إدلب"، لا يعني السماح ببقاء جيوب إرهابية فيها؛ بل يجب القضاء على تلك الجيوب، وأكد "استمرار دعم بلاده للدولة السورية والجيش العربي السوري حتى تحرير جميع الأراضي السورية من التنظيمات الإرهابية". (سانا، 13-2-2019)

     بموازاة ذلك، ركزت قمة رؤساء ضامني أستانا على الوضع في محافظة إدلب شرق البلاد، وقال بوتين في كلمته: إنَّ "بؤرة الإرهاب في إدلب لا يمكن التسامح معها ويجب اتخاذ إجراءات للقضاء عليها". (روسيا اليوم، 14-2-2019)

    من جانبه، أشار الرئيس الإيرانيّ إلى أن سيطرة "هيئة تحرير الشام" التي يشكل تنظيم "جبهة النصرة" عمودها الفقري على 99% من منطقة وقف إطلاق النار في كانون الأول الماضي، حالت دون تطبيق اتفاق إدلب بالكامل، لافتاً إلى ضرورة أن تضاعف طهران وموسكو وأنقرة جهودها لتطبيق هذا الاتفاق. (روسيا اليوم، 14-2-2019)

     بالترافق مع ذلك، قال أردوغان في تصريحات أدلى بها قبيل الاجتماع المغلق مع نظيره الروسي: "نبذل قصارى جهدنا من أجل منع هجمات على قاعدة حميميم العسكرية الروسية. وتنسق هيئاتنا العسكرية فيما بينها في هذا الشأن"، مضيفاً، أن طائرات بلا طيار تركية لم تكتشف أي معدات ثقيلة في تلك المنطقة. (روسيا اليوم، 14-2-2019)

     وأكد البيان الختامي لقمة ضامني أستانا في سوتشي أن اتفاق إدلب مؤقت ولا يلغي مكافحة الإرهابيين، وتم التوافق على اتخاذ إجراءات من أجل تطبيق الاتفاقات بشأن منطقة وقف إطلاق النار في إدلب بالكامل، مؤكدين رفضهم لمحاولات "هيئة تحرير الشام" زيادة نفوذها في المنطقة. (روسيا اليوم، 14-2-2019)

التعليق:

على خط التفاعل الروسي التركي الإيراني في قمة سوتشي، بخصوص منطقة "خفض التصعيد" في شمال البلاد، رأى الدكتور عقيل محفوض، أن أردوغان تحدث في أمور تناقض بالتمام لرهانات وأولويات روسيا وإيران في سورية، وأشار إلى أن الرئيس التركي تحدث عن أن سياسة بلاده عطلت إعادة تنفيذ سيناريو حلب في إدلب، واعتبر محفوض أن هذا مؤشر خطير على نوايا أردوغان ورهاناته العميقة حيال إدلب والمناطق الأخرى التي تسيطر عليها قواته أو ميليشيات موالية له في ريف حلب، وأكد أن هذا ما يجب التدقيق فيه. إذ ما معنى أن يقول ذلك في مؤتمر صحفي يجمعه بالرئيسين بوتين وروحاني؟

في هذا السياق يبدو لافتا الأسبوع الفائت الحديث الذي تردد من قبل "هيئة التفاوض" المعارضة عن مساعي تركية لإجراء تحويل في "جبهة النصرة" باتجاه أن تصبح حركة سياسية فيما يعتبر استمرار تركي في المراوغة بشأن ملف "النصرة" التي باتت تسيطر على معظم المناطق التي يشملها اتفاق إدلب الذي أعلن عنه كل من الرئيس الروسي لاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في أيلول الفائت.

وفي مقابل المراوغة التركية تواصلت الجدية الروسية في الحديث عن أن لا مكان للارهاب في شمال البلاد وهو ما أكدت عليه زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الى أنقرة ومباحثاته بهذا الخصوص مع نظيره التركي خلوصي آكار، بموازة ذلك أكدت دمشق أن إدلب جزء لا يتجزأ من الأرض السورية ولا مساومة في استعادتها كاملة، كما واصلت إرسال التعزيزات العسكرية الى محيط "المنطقة المنزوعة السلاح" التي نص عليها اتفاق إدلب.

الملف السياسي

     الأسبوع الفائت كان لافتاً زيادة التخبُّط بشأن عودة سورية إلى البيتِ العربيّ، إذ إنه عقد مؤتمر البرلمان العربيّ للقيادات العربية رفيعة المستوى في مقرّ الأمانة العامة لجامعة الدول العربية دون دعوة سورية. (اليوم السابع، 9-2-2019)

    في غضون ذلك، أكد الملك الأردني، عبد الله الثاني، ضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يحفظ وحدة البلاد أرضاً وشعباً. (بترا، 12-2-2019)

      هذا، وبالترافق مع تصريحات الملك الاردنيّ، وصل وفد نيابي أردنيّ إلى دمشق لعقد مجموعة من اللقاءات السياسية. (عمون، 12-2-2019)

     في هذه الأثناء، قال أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط في ردّه على سؤال للصحافيين بعد لقائه الرئيس اللبناني العماد ميشال عون في بيروت عن عودة سورية إلى الجامعة العربية: إنه "بعد التفكير، أقول إنني أتابع بدقة شديدة هذا الموضوع، ولكنني لم أرصد بعد أن هناك خلاصات تقود إلى التوافق الذي نتحدث عنه، والذي يمكن أن يؤدي إلى اجتماع لوزراء الخارجية (العرب)، يعلنون فيه انتهاء الخلاف، ودعوة سورية إلى العودة إلى الجامعة". (الأناضول، 12-2-2019).

     وتابع: "لا مؤشرات حول نضوج الوضع بالنسبة لسورية، والحديث حول عودتها هو بالكواليس، ويجب أن يكون هناك توافق حول عودتها ومسألة العودة إلى الجامعة العربية مرتبطة بالتوافق السياسي".

     في غضون ذلك، كشف القائم بأعمال سفير سورية في الأردن، أيمن علوش عن رغبة أردنية حقيقية لعودة العلاقات بين البلدين على طبيعتها، إضافة الى إرادة شعبية كبيرة لذلك، وأكد أن قوة سورية تمنح القوة للأردن، وقوة الأردن تمنح القوة لسورية، كما كشف عن حرص سورية على العلاقات الجيدة مع الأردن، مشيراً إلى أنَّ "المناخ ليس سهلا، والأردن ليس من السهل أن تكون عناوينه واضحة مثل ما يريده المتابعون أو تريده سورية، لأنّ هناك ظروفاً تحكم ذلك". (عمون، 9-2-2019)

     إلى ذلك، وفي ما يتصل باللجنة الدستورية، دعا الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين قبل أيام من استضافته قمة "سوتشي" لرؤساء ضامني "أستانا"، إلى مزيد من العمل من أجل دفع العملية السياسية في سورية، وخاطب بوتين الدبلوماسيين الروس بمناسبة عيدهم، بحسب بيان للمكتب الصحافيّ للرئاسة الروسية وقال: "لا يزال ينبغي بذل المزيد من العمل من أجل مواصلة دفع العملية السياسية في سورية وكذلك من أجل التسوية السياسية الدبلوماسية للأزمات الأخرى".

     على خط مواز، قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف: نحن واثقون من أننا سننجح بالجهود المشتركة للدول الضامنة بتأمين الوصول إلى تشكيل اللجنة الدستورية، مُبدياً أسفه، إذ يقول: "نحن نلحظ محاولات لا تتوقف من قبل شركائنا الأميركيين وغيرهم من المشتركين فيما تسمّى بـ"المجموعة المصغرة" لإفشال هذا العمل". (المنار، 13-2-2019)

     كما أنّه وفي معرض قمة رؤساء ضامني أستانا، شدد بوتين على أهمية أن تبدأ اللجنة الدستورية عملها في القريب العاجل، لافتاً إلى أنَّ الدبلوماسيين الروس بذلوا بالتنسيق مع الأطراف السورية والأمم المتحدة جهوداً ملحوظة في هذا الاتجاه، وأكد أن عدد اللاجئين والنازحين السوريين الذين يعانون من غياب المساعدات الإنسانية قد تقلص إلى الثلث، لكن نحو مليون شخص لا يزالون يحتاجون المساعدة، وبيّن أمل قمة سوتشي في أن يلعب المجتمع الدولي وبالدرجة الأولى الأمم المتحدة ووكالاتها دوراً أنشط في دعم جميع السوريين دون تسييس وشروط مسبقة.

     وقال: "روسيا وإيران وتركيا تبذل مساعي منسقة لاستعادة الحياة الطبيعية في سورية ومساعدة السوريين على إعادة الإعمار، وقد أحرزنا نتائج تجسدت في عودة أكثر من 130 ألف لاجئ سوريّ إلى مناطقهم طوال الأشهر الستة الماضية.

    من جانبه حثّ الرئيس الإيرانيّ على التنسيق بين حكومتي دمشق وأنقرة بما يصب في مصلحة سورية، وأدان الغارات الإسرائيلية على سورية، وعدّها نهجاً "متهوراً". (روسيا اليوم، 14-2-2019)

     هذا، وبدوره أشار أردوغان، أشار إلى أنّه يجب "تجاوز الجمود" الحاصل بخصوص اللجنة الدستورية في سورية، مضيفاً أنّه: "يمكننا خلال فترة قصيرة التوصل إلى نتيجة لإعلان اللجنة من خلال أخذ تحفظات الأمم المتحدة بالاعتبار".

     ذلك، وعقب انتهاء قمة سوتشي، غرّد رئيس دائرة الاتصالات بالرئاسة التركية فخر الدين ألتون قائلاً: إنَّ تركيا بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، ستواصل الإسهام في حلِّ الأزمة السورية.

     وشدد رؤساء روسيا وإيران وتركيا، في البيان الختامي للقمة، على ضرورة تكثيف الجهود لإطلاق عمل اللجنة الدستورية في أقرب وقت، وأكّدوا أهمية تهيئة الظروف الملائمة لعودة اللاجئين السوريين إلى منازلهم، مناشدين المجتمع الدوليّ بتنشيط دوره في مساعدة الشعب السوري دون تسييس الموضوع.

     وفي اليوم التالي لانعقاد مؤتمر سوتشي عبر المبعوث الأممي الخاص إلى سورية، غير بيدرسن، عن أمله بأن تجتمع اللجنة الدستورية في جنيف بأقرب وقت، مبدياً تفاؤله بشأن المباحثات المنتظرة، وأضاف أنه لا يستطيع تحديد إطار زمني معين لاجتماع اللجنة، لكنه أكد أن المناقشات مع الأطراف المعنية بهذا الخصوص تمضي على نحو جيد، وأضاف: "أعتقد أننا وضعنا أيدينا على التحديات واتفقنا بشأن كيفية المضي قدماً.. وأرى أن هذا مؤشر إيجابي جداً جداً". (رويترز، 15-2-2019)

      من جهة أخرى، ظهر الأسبوع الفائت مؤشر مهم على المواقف الدولية من سياسة الولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط، إذ تدّنى مستوى المشاركة في مؤتمر وارسو، ما دفع أميركا إلى التراجع عن أهدافها من ورائه، إذ تسعى الولايات المتحدة في "مؤتمر وارسو" لحشد العالم حول رؤيتها للشرق الأوسط، التي تتلخص بممارسة أقصى درجات الضغط على إيران وتعزيز الدعم لـ"إسرائيل"، إلا أنها لم تنجح على ما يبدو في كسب تأييد أطراف جديدة. (أ ف ب، 12-2-2019)

      واللافت كان أن إيران لم تُدعَ إلى وارسو على حين أنَّ روسيا رفضت حضور المؤتمر.

     في سياق متصل، عرّت اللحظات التي سبقت عقد مؤتمر "الأمن والسلام في الشرق الأوسط" في وارسو المواقف العربية الساعية لـ"التطبيع" مع الاحتلال الإسرائيلي أكثر من ذي قبل، وأكدت ما كشفه بنيامين نتنياهو عن "علاقات جيدة" مع كل الدول العربية "باستثناء سورية". (أ ف ب، 13-2-2019).

التعليق:

اعتبرت الدكتورة أشواق عباس، الأستاذة في جامعة دمشق وعضو مجلس الشعب السوري، أنه من الواضح أن إطلاق عملية سياسية مدعومة دولياً في سورية ما يزال يُجابه بتحديات كبيرة، ليس أولها التطورات المعقدة والمتسارعة على الأرض بدءاً من ملف الشمال بثقله التركي العدواني وحجم الصراع مع-وبين المجموعات الإرهابية المتعددة، خاصةً في إدلب، وانتقالاً إلى ملف شرقي الفرات وحجم الإرباك في مشهد الحل المحتمل أو الممكن خاصة بعد إعلان الأمريكي عن نيته بالانسحاب، والبدائل المتاحة أمام الأكراد بكل ما يظهر من خوف كردي ولعاب تركي ازداد سيلانه، مروراً بحجم  ونوعية التدخلات الدولية المختلفة والتي تتصارع على ما يبدو في الحصول على مصالحها والتعطيل على مصالح الفاعلين الدوليين الآخرين، وليس ختامها في الموقف الأمريكي المعرقل لإطلاق عملية سياسية قد تشكل إعلاناً رسمياً لفشل سياسات أميركا في إدارة ملفات الأزمة السورية المتعددة، وهي التي فشلت في إطالة أمد الحرب إلى ما لا نهاية. باختصار إن تصارع المصالح حتى الآن لا يشي باهتمام الأطراف الفاعلة بحل سياسي ينهي الأزمة أو يمهد لإنهائها، أو هو بتقدير أقل، يشي بعدم استعجالها على ذلك.

ورأت عباس، أن كثرة التصريحات حول ضرورة بدء عمل اللجنة الدستورية بأسرع وقت ممكن، يشير وبوضوح إلى حجم التحديات التي تنتظر هذه اللجنة، والبعض وإن كان يحصر تلك التحديات بأسماء أعضاء اللجنة، إلا أن الأمر يتجاوز ذلك بكثير، فعلى ما يبدو أن بعض القوى الإقليمية ما تزال مسكونة باللحظة التي تعود بها إلى ثمان سنوات خلت، عندما تدخلت في الملف السوري وهي تعتقد أن مسألة "إسقاط" الدولة السورية لن يعدو عن كونه أيام، وبأسوأ تقدير ليس أزيد من شهر واحد. لذلك هي تعود لمقاربة هذا "الحلم" الذي تحول إلى كابوس عليها، من مدخل اللجنة الدستورية انطلاقاً من أنها قادرة على فرض ما فشلت في فرضه عسكرياً على دمشق عبر فرضه سياسياً.

وأكدت على أن التحديات الأكبر التي تعترض عمل اللجنة الدستورية هو ما تخبئه واشنطن لها، فتحت شعار "لا انتصار حاسم لواشنطن، إذاً لا تسوية سياسية بدون واشنطن"، كان السر وراء قرار إطلاق أمريكا تصريحاتها حول الانسحاب الأمريكي، وما يعني ذلك من إطلاق فوضى جديدة في شرقي الفرات، فوضى في التحالفات، وفوضى في مسؤولية الأطراف، وفوضى في الخيارات التي باتت جديدة بعد استقرار اعتقد أصحابه بأنه بات أمراً واقعاً. وبالتالي ذر التراب في العيون من جديد بحيث تغيب عن الأطراف المتعددة الرؤية الدقيقة، وريثما تستعيد كل الأطراف توازنهاـ يكون المسار السياسي قد عُطل على حين (على الأقل حتى تكون واشنطن أنهت انتخاباتها الرئاسية المقبلة)، وفي أحسن الأحوال، وإذا تمكنت كل الأطراف الفاعلة من تجاوز تلك الفوضى واستعادة التوازن مجدداً، وإطلاق المسار السياسي، بعد تفاهمات جدية في الميدان، فإن جسم اللجنة الدستورية وآلية عملها والتصويت فيه سيشكل التحدي الأكثر خطورة.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات