كان الأطفال والنساء السوريات الحلقة الأضعف خلال الحرب التي تمر بها البلاد منذ عام 2011، فأصبحوا هدفا حقيقيا للاستغلال والعنف من قبل الجماعات الإرهابية المسلحة والمجرمين على حد سواء.
فبحسب التقرير الوطني الأول للتنمية المستدامة الذي أعدته "هيئة التخطيط والتعاون الدولي" السورية بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة، فإن البلاد وتحديدا في مناطق سيطرة المجموعات الإرهابية المسلحة  خلال السنوات الأخيرة شهدت ارتفاعا ملحوظا في الاعتداء على النساء واستغلالهن والاتجار بهن، وخاصة بين عامي 2012 و2014 ، فقد ارتفع عدد النساء اللواتي تعرضن للاستغلال الجسدي والجنسي واللواتي تعرضن للاعتداء والاتجار بهن وفي حالات كثيرة للبيع.
كما تشير البيانات التي جمعتها هيئة التعاون الدولي السورية، إلى أن نسبة النساء اللواتي تعرضن للاستغلال والاتجار أو لصور أخرى من الاعتداء، شهدت زيادة ملحوظة منذ عام 2013 وبمعدل قارب الـ 21 بالمئة، ومع مطلع عام 2015 تغير الوضع وتراجع العدد بنسبة 93 بالمئة، كما تراجعت نسبة الاعتداء على النساء من 22.3 بالمئة عام 2014 إلى 14.2 بالمئة عام 2015.
ويوضح التقرير أن الجماعات الإرهابية المسلحة استخدمت العنف وسيلة لتحقيق أهدافها ومقاصدها من خلال ممارسة القتل والاغتصاب والتعذيب والتجويع واستغلال الفقر وعوز الناس لمقومات البقاء على قيد الحياة كالغذاء والدواء والمأوى، وكان الأطفال والنساء أكثر الشرائح التي تعرضت للعنف والاستغلال، كما لجأت هذه التنظيمات الإرهابية إلى سرقة المساعدات الإنسانية واستغلالها للضغط على سكان المناطق غير المستقرة لتجنيد الأطفال واستغلال النساء.
وارتفع معدل الوفيات الناجمة عن العنف في سوريا خلال سنوات الحرب بنسبة 2145 بالمئة منذ عام 2011 بسبب جرائم المجموعات الإرهابية المسلحة ومجازر التحالف الأمريكي بحق السكان، فبحسب التقرير، قد شهدت المناطق الواقعة تحت سيطرة المجموعات الإرهابية ارتفاعا كبيرا في نمو حالات العنف والاتجار بالبشر خلال سنوات الحرب، حيث ارتفعت نسبة ممارسة العنف ضد الأطفال من الصفر عام 2010 إلى 498 حالة عام 2012، كما ارتفع عدد حالات العنف المسجلة ضد النساء من الصفر عام 2010 إلى 207 حالات عام 2012، أما جرائم القتل فارتفعت في البلاد من 329 حالة عام 2010 إلى 1586 عام 2011 و3351 عام 2012 و3855 عام 2013 وعادت وانخفضت عام 2015 إلى 1007 حالات.
وفيما يتعلق بجرائم الخطف، يوضح التقرير أن هذه الجرائم لم تكن تتجاوز معدل 0.001 % عام 2010 من إجمالي الجرائم المرتكبة، غير أنه مع بداية الحرب ازدادت بصورة واضحة وارتفعت عام 2011 إلى 1876.2% واستمرت بالارتفاع، ثم بدأت بالتراجع منذ عام 2015، وتشير الحكومة السورية في تقريرها إلى أن ارتفاع أعمال الخطف يعود لأسباب مالية ومادية كالحصول على الفدية من ذوي المخطوف مقابل الإفراج عنه، أو قد يكون الخطف لأسباب انتقامية من قبل الجهات الخاطفة، أو لأسباب أخرى سياسية واجتماعية وثقافية، لافتة إلى أن هذه الجرائم تراجعت بشكل هائل في المناطق التي تم تحريرها من سيطرة الإرهاب وخضعت لسلطة القانون.
كما ارتفع عدد عمليات السلب المسجلة من 666 عام 2010 إلى 2095 عام 2011 وإلى 3731 عام 2012 ثم تراجع عام 2013 إلى 3062 حالة، وإلى 932 جريمة عام 2015، بحسب التقرير الذي يوضح أنه ولسنوات تجاهل المجتمع الدولي تحت ضغط الدول النافذة وأدواتها، الدعوات السورية المتكررة لاتخاذ خطوات جادة وملموسة لمكافحة الإرهاب الذي تتعرض له البلاد والذي من شأنه تهديد السلم والأمن الدولي والإقليمي، وقد أثبتت الوقائع صحة التحذيرات السورية بعد كشف دور الدول الداعمة للإرهاب في ترويج التعاليم الدينية المشوهة والفكر المتطرف والتحريض على الإرهاب وتمويله بالمال والسلاح والحملات الدعائية.
وبحسب التقرير نفسه، فإن البلاد عانت خلال سنوات الحرب  من نشاط عمليات التهريب عبر الحدود واستفحال دور السوق السوداء في النشاط الاقتصادي، كما تنامت بقوة أنشطة اقتصاد الظل ومصادر إنتاج الأموال المشبوهة وعمليات غسل الأموال والتعدي على أملاك الدولة وثرواتها ومؤسساتها والأعمال المتعلقة بالاتجار بالبشر والسمسرة والعمولات وعمليات النصب والاحتيال وغيرها، وخاصة في المناطق غير المستقرة التي انتشرت فيها الجماعات الإرهابية المسلحة، حيث تم الاعتداء على الغابات والحراج ومصادر المياه والثروات وتزايد دور اقتصاد الظل وعمليات التهريب.

ويضيف التقرير: الاعتداء الأبرز خلال سنوات الحرب هو استنزاف ثروات سوريا وإلحاق خسائر فادحة بها، ما أدى إلى تراجع كبير في الموارد المالية العامة للدولة، وفي قدرة مؤسساتها على تمويل برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية وقدرتها على توفير مستلزمات المواطنين، وخاصة أن معظم هذه التعديات تركزت في المناطق التي يوجد بها القسم الأكبر من الثروات السورية الطبيعية من نفط وغاز وفوسفات وثروات طبيعية أخرى مختلفة، حيث قامت الجماعات الإرهابية المدعومة من الخارج بسرقة النفط السوري والغاز وغيرها من الثروات، كما دمرت وسرقت الآثار السورية واستخدمت العوائد في تمويل الإرهاب وتوفير مستلزماته من مال وسلاح ومقاتلين أجانب، وذلك عبر تجار أوربيين ووسطاء أتراك، ولعل أبرز دليل على ذلك هو عرض قسم من المسروقات الأثرية السورية في متاحف عالمية كمتحف لندن.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات