ليس ( أشطر ) من مسؤولينا ( الأعزاء ) في توجيه الانتقاد إلى المسؤولين السابقين، وكأنّ البلاد كانت عطشى إلى يأتي هذا المسؤول الجديد أو ذاك فيرويها..! هكذا على الأغلب يأتي كل مسؤول فعلاً ويضع المسؤول الذي كان قبله في الموقع نفسه في ( المقلاة ) ويبدأ بتفنيد أخطائه .. وأنه لو لم يكن قد فعل كذا .. لكان قد حصل كذا وكذا .

هو من حيث المبدأ لا بأس بأن نُشخّص الأخطاء، بل على العكس فإن تشخيصها وتحديدها من المُفترض أن يقودنا بالنهاية إلى اجتراحِ العلاج، بعد اتضاح صورة الخلل. أما أن نكتفي بوضع المسؤول السابق بالمقلاة ، ونستمتع برائحة الزيت على النار، فنحن بالنهاية نكون قد أسأنا أولاً وآخراً، فبدلاً من إطفاء الأخطاء فنحن بذلك نزيدها اشتعالاً ..! إن انتقاد المسؤول الحالي للمسؤول السابق لا يكون سليماً إن لم نرَ أنّ هناك إجراءاتٍ حقيقيّة تُتّخذ من قبل المسؤول الجديد، يظهر من خلالها الفرق بين النّهجين، من خلال الآثار والثمار والنتائج، وإلا فعلى الأغلب يكون المسؤول السابق على حقٍّ أكثر.

سببُ هذا الحديث بصراحة هو ما أفصح عنه حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور حازم قرفول منذ أيام، وذلك في مؤتمر المركز البريطاني السوري، الذي أقامه الدكتور فواز الأخرس في دمشق تحت عنوان ( البرنامج الوطني التنموي ) حيث انتقد الدكتور قرفول ما أسماه ” الاستراتيجية الدفاعية السابقة التي اتُّبِعت خلال الأزمة في سورية، فيما يخص سعر الصرف ” والتي أدت – حسب الحاكم قرفول – إلى فقدان الاحتياطي، ولذلك فاستراتيجية المصرف المركزي في المرحلة القادمة هي القطيعة مع الاستراتيجيات السابقة .. يقول الحاكم . لا بأس .. فلتكن تلك القطيعة، لأنّ الحاكم أدرى بما هو أفضل بحاكميّته .. ولكن نريدُ نحن أن نفهم : ما فائدة هذه القطيعة وهذا الكلام كله، وقد ارتفع سعر صرف الدولار إلى 535 ليرة ، بفارق 100 ليرة عن نشرة مصرف سورية المركزي ..؟!

لقد بقي هذا الفارق بحدود 10 ليرات فقط، ومستقراً على هذه الحالة لأكثر من عام .. ولكن ما إن تفضّلتَ لتحكم البنك المركزي حتى بدأ سعر الصرف بهذا التدهور المتسارع إلى أن وصل إلى هذا الحد .. ! نحن نرى أنّ على السيد الحاكم أن يتخذ القرارات المؤثّرة إيجابياً على سعر الصرف، ونرى أيضاً أنه صار لزاماً عليه ذلك، مادام ينتقد الذين قبله جهاراً، ولم يكن صاحب القرار .. وها قد صار .. فأين القرارات التي توقف هذا الانزلاق الذي هبط بالليرة إلى هذا المستوى ..؟ أين قرارات المركزي التي ستوقف جنون الأسعار ..؟ لقد سئمنا أصوات الطواحين .. ونريد طحيناً .. !

هامش : يقول معجم المعاني : الشاطر هو الَّذي أَعْيا أَهْلَه لُؤْمًا و…… و “فَتًى شاطِر” نَبيهٌ ماضٍ في أُموره وحَسَنُ التَّخلُّص، ماهِرٌ في تدبُّر أَمْره وبارِع في الخُروج من المأزق.

سيريا ديلي نيوز- علي جديد


التعليقات