ماكاد خبر إصدار الرئيس بشار الأسد المرسوم رقم 360 القاضي بتعديل الحكومة يستقر في الآذان، حتى ظهرت مواقع التواصل الاجتماعي تويتر وفيسبوك إلى حين كتابة هذه السطور أشبه بساحة لتبادل الآراء بين متفائل بالتعديل وآخر لم يخفي خيبات آمله، فالتعديل وإن بدا الأكبر من نوعه في عهد الحكومة الحالية إلا أنه كان متوقعاً وغير جديد.

الشارع السوري الذي عهد ثلاث تعديلات حكومية خلال الحرب التي تتعرض لها البلاد، رفع من سقف التوقعات مع صدور التعديل الحكومي، وانقسم هو الآخر بين مسارين اثنين، الأول: رأى فيه أنه لم يأت بشيء جديد بعد كل هذا الانتظار ورفع مستوى التوقعات بتغييرات جذرية ورسم ملامح المرحلة القادمة التي عنوانها إعادة الإعمار، وهنا لابد من القول أنه ومهما كانت هذه التوقعات لكنها أراحت الشارع السوري من الانتظار والتخمين واقتراح الأسماء..

أما المسار الثاني، فيتجاوز التوقعات وينطلق من الواقع، ويرى في التعديل الحكومي أنه جزء من سياسة البلاد في مرحلة مابعد الحرب، السياسة التي تتجه فيها سورية ( قيادة – حكومة – شعباً ) بقوة نحو التغيير بشكل ممنهج مدعوماً بتنفيذ توجهات الرئيس بشار الأسد التي طرحت أمام الحكومة السورية في 20/6/2017 وخاصة لجهة تنفيذ المشروع الوطني للإصلاح الإداري، وهو المسار الأكثر منطقية وواقعية لاسيما وأن خطوات عملية عديدة دعمت هذا التوجه بدءاً من إحداث وزارة التنمية الإدارية، ومن ثم تعزيز دور هذه الوزارة وتحديد مهامها عبر صدور القانون رقم /28/ الذي أطر عمل هذه الوزارة وحدد أهدافها ورسم معالم عملها، وهذا المسار لايتفق هذا الرأي القائل أن التعديل يعكس فشلاً في أداء بعض الوزراء..

أياً يكن ذلك، لابد من التذكير، أنه ومع كل تعديل وزاري تكون هنالك مفاجآت وتوقعات وخيبات آمل لدى الجميع، وهو آمر طبيعي. لكن في هذا التعديل الحكومي هنالك أيضاً الكثير من المفاجآت التي لا يعرفها الكثيرون، وبداية الحديث عنها لابد من ذكر بعض الملاحظات:

  1. أي تعديل حكومي كما ذكرنا، قد لايكون بسبب فشل عمل هذه الوزارات، بقدر مايكون ضخ دماء جديدة، وتجديد النشاط والحيوية، وإفساح المجال لإنجازات جديدة تتناسب والمرحلة القادمة..
  2. الأمر الثاني، وهو الغاية في الأهمية أن اختيار الوزراء الجدد غالباً مايتم على معايير كثيرة، أهمها الكفاءات المؤهلة والخبرة ، وهو ماظهر واضحاً في التعديل الحكومي الجديد، خاصة وأن ثلاثة من الوزراء الجدد كانوا جزءاً من برامج التدريب التي أقامتها وزارة التنمية الإدارية ( اثنان منهم اتبعوا برنامج الجدارة القيادية ) ووزير آخر كان مرشح لاتباع برنامج المهارات القيادية، وهنا لابد من التوقف قليلاً عن آمرين أساسين:
  • الأمر الأول متعلق بدور وزارة التنمية الإدارية التي استطاعت أن تحجز لنفسها دوراً ومكانة مهمة في المرحلة المقبلة كونها الجهة التنفيذية المسؤولة عن تنفيذ المشروع الوطني للإصلاح الإداري، أكثر من ذلك فالوزارة وخلال زمن قصير استطاعت أن تترك بصمات واضحة ظهر بعضها في قانون معاوني الوزراء، والبعض الآخر سيظهر قريباً من خلال العمل على تعديل قانون الوظيفة العامة في سورية، وإصدار القرار/1559/ الذي يعد الخطوة الأولى في مسار الإصلاح الإداري في سورية لكونه شكل لجنة لإقرار البنى التنظيمية للجهات العامة، وهذا إذاً يعكس دون إطالة صوابية التوجه والخط الذي تعمل عليه الوزارة على كافة الصعد التشريعية والتنظيمية والإصلاحية..
  • الأمر الآخر متعلق ببرامج التدريب والتأهيل التي تقيمها الوزارة والتي تستهدف من خلالها دعم النخب القيادية، وتعزيز قدرات شاغلي الوظائف القيادية ابتداء من مستوى الإدارة الوسطى، وبالتالي تمكين وصول الشخص المناسب إلى المكان المناسب من خلال اجتيازه عملية الاختبار والتقييم وقياس القابلية الوظيفية لاستلام الوظائف القيادية في الدولة، وهو ما طبق فعلاً باختيار وزيرين اثنين ممن اتبعوا هكذا برامج، وهو أمر يدعو للتفائل ويسهم في ترسيخ نهج الإصلاح الإداري عبر تطبيقه وتنفيذه خطوات عملية وترجمة ما تم الاستفادة منه في هذه البرامج على أرض الواقع..

أخيراً، لابد من القول إن ماتقوم به وزارة التنمية الإدارية بات اليوم واضحاً ومعروفاً لدى الكثيرين، وكل ذلك تم وترجم في القانون رقم /28/ لعام 2018، القانون الجديد الذي أحدث مراكز نوعية ذات مهام وصلاحيات مهمة تعمل على تغيير الذهنية التقليدية للإدارة في سورية، وقواعد اختيار شاغلي الوظائف القيادية الوسطى والعليا، ومسؤولياتها ومهامها..

سيريا ديلي نيوز


التعليقات