لم تكن تعلم الشابة وفاء أن مصيرها الإيقاف بإحدى الفروع الأمنية نتيجة اكتشاف أحد شركات الصرافة أن المبلغ الذي كان بحوزتها مزور ... وفاء ذات 22 من العمر تدرس الهندسة المعمارية ما إن أعلمها الصراف أن كامل المبلغ بحوزتها مزور حتى غابت عن الوعي لتدخل في متاهات التحقيق ...  حصلت على المبلغ من أحد أصدقاء والدها المقربين بحكم أن عائلتها تقيم في السعودية بحسب ما صرحت به لجريدة الأيام ، وذلك بعدما قام والدها بالاتصال بالرجل وطلب منه أن يؤمن مبلغ 1500 دولار أميركي لها من أجل جامعتها الخاصة وسكنها على أن يقوم الأب بإرسال المبلغ له خلال أيام معدودة .

وفاء مثل الكثير من الأشخاص الذين وقعوا في فخ العملات المزورة والتي كثرت خلال السنوات السبع نتيجة خروج الكثير من المناطق من سيطرت الدولة فعبثت الفوضى الاقتصادية بها وكانت سوق لجميع ما هو ممنوع وغير قانوني .

صعوبة كشف العملات المزورة

يتحدث فؤاد سالم عامل في أحدى شركات الصرافة المرخصة في دمشق لجريدة الأيام قائلاً : يتخوف الكثير من السوريين من تصريف العملة، وذلك خوفا من العملة المزورة، وبشكل خاص الدولار، ذلك أن الإشاعات كثرت وكذلك وقوع عدة حوادث تم فيها الكشف عن حالات لقطع أجنبي مزور.

 مضيفاً تمر علينا العديد من الحالات التي نكشف فيها قطعا مزوراً، هذا أمر غير مستغرب خاصة بعد تحرير كامل مناطق ريف دمشق والسبب هو عدم وجود سلطة موحدة تضبط القطع الأجنبي والعملة، وكذلك غياب الرقابة المالية بشكل شبه تام عن السوق المحلية

يكمل فؤاد، عندما نكشف حالة تزوير، غالبا ما تكون حجة الشخص الذي تم كشف التزوير معه بأنه لا يعلم أنها مزورة، وأنه حصل عليها من جهة أخرى، وعلى كل حال لا نستطيع فعل شيء حيال ذلك سواء إخبار الجهات المختصة  مبيناً أن سورية في فترة حرب لذلك لا يوجد بنك أو جهة بإمكانها أن تكفل ضخ كتل نقدية مكفولة من التزوير، وكذلك لا يوجد طرق فعالة يمكن من خلالها الكشف عن التزوير، فأقصى ما يمكن فعله، هو الكشف عن طريق ملمس القطعة، أو تسليط الضوء من الخلف عليها، وفي كلا الحالتين لا يفي ذلك بالغرض .

وبحسب فؤاد فأن ما يزيد من انتشار الظاهرة هو ارتفاع كلفة الآلات الإلكترونية لفحص العملة واقتصار استخدامها في البنوك وبعض محلات الصرافة، إضافة إلى جهل عامة الناس والبسطاء بعلامات العملة السليمة ما يجعل خداعهم من قبل المروجين أمرًا سهلًا.

تقنيات عالية الدقة للتزوير

ومن جهته أشار مصدر في الأمن الجنائي لجريدة الأيام أنه وخلال السنوات الماضية تم القبض على العديد من الأشخاص الذين كانوا يروجون لعملات أجنبية من فئة الدولار وعملات سورية من فئة 500 و1000 مزورة  .

أضاف المصدر لا يمكن التمييز بينها وبين الدولارات الحقيقية إلا عن طريق الأدلة الجنائية، وذلك لدقة عملية التزوير التي يعملون بها وأشار المصدر أنه معظم العملات المزورة تدخل أسواق دمشق عن طريق الغوطة الشرقية ومنطقة برزة البلد حيث تم القبض على العديد من الأشخاص في منطقة برزة يعملون في التزوير وتبين أن لهم ممولين من الدول المجاورة و من خلال متابعة عشرات الحالات المضبوطة تبين أن نشاط مروجي العملة المزورة يسجل ارتفاعاً متزايداً وأن المصدر الرئيسي لهذه العملات من خارج الحدود ومروجيها من حملة جوازات السفر العربية أو من المواطنين المقيمين في البلدان المجاورة وقد اتبعوا طرق متعددة، وصلت إلى درجة عالية من الإتقان وذلك باستخدام التقنيات الحديثة من طابعات رقمية وآلات نسخ ملونة ليزرية حديثة وغيرها، ما يجعل تلك الجريمة، إن لم يكن لها ضابط ورادع، خطراً على اقتصاد البلد

وبحسب المصدر فأن محطات الوقود والمناطق الريفية تشكل  مناخ مناسب لعمل مروجي النقد المزور ودائماً يتعرض العاملون في هذا القطاع لخسائر متلاحقة أكسبتهم بعض الخبرة في الكشف عن التزوير .

يبين المصدر،إن ظاهرة العملة المزورة تتكرر بشكل أسبوعي لكنه أصبح يلم بجانب منها حيث يكتشف المزور مباشرة وأحياناً بشكل متأخر بواسطة جهاز الفحص وهنا يكون المزور قد لاذ بالفرار وعليه تمزيق المزيف ووضع بدل عنه من أجره الخاص.‏‏‏

إحصائيات رسمية ...

وبحسب الإحصائيات الرسمية لفرع مكافحة التزييف والتزوير وتهريب النقد والتي اطلعت جريدة الأيام عليها فقد بلغ عدد الموقوفين والضبوط المنظمة من قبل الفرع في قضايا ترويج العملة السورية والأجنبية المزورة، وتزوير الوثائق الرسمية وترويج الليرات الذهبية المزيفة والنصب والاحتيال ومزاولة مهنة الصرافة من دون ترخيص والتحقيق بقضايا أخرى /2007/ /ضبط و/1474/ موقوفاً... وفي عام 2012 بلغ عدد الموقوفين و الضبوط المنظمة /673/موقوفاً وتم تنظيم /573/ضبطاً.. أما في عام 2013 تم تنظيم /333/ ضبطاً و/416/موقوفاً، وفي عام 2014 تم تنظيم /462/ ضبطاً و/609/ موقوفين.. وبالنسبة لعام 2015 تم تنظيم /128/ ضبطاً و/148/ موقوفاً في حين تم تنظيم 1500 ضبط و 450 موقوفاً في عام 2016 أما عام 2017 فتم تنظيم 550 ضبطاً و300 موقوفاً

وتجد الريالات السعودية مكاناً بارزاً ضمن قائمة مصادرات أموال التزوير وفقاً لأرقام وزارة الداخلية الصادرة عن فرع مكافحة التزييف والتزوير، حيث بلغت /985000/ ريال سعودي مزور بينما يتسيد الدولار الأميركي قائمة العملات الأجنبية المزورة في سورية بقيمة وصلت إلى /5397190/ دولار أميركي مزور، ولا تعني هذه القائمة غياب العملة السورية بأعدادها الخيالية ضمن المصادرات وكانت محافظة حلب هي أكثر المحافظات التي يتداول بها العملات المزورة لتليها دمشق ومن ثم درعا والسويداء

الرأي القانوني ...

وبحسب القضاء في سورية فأنه يعتبر تزوير العملات من الجرائم الجنائية الوصف، أي إنه من اختصاص محكمة الجنايات حسب المادة 430 من قانون العقوبات التي تشدد في العقوبة في حال تم ضبط الأموال المزورة مع صاحبها وكان يعلم بأنها مزورة.وتحال الدعوى في بداية الأمر إلى قاضي التحقيق للنظر بالدعوى وفي حال ثبت لدى القاضي أن الأموال مزورة من خلال لجان الخبرة تحال القضية إلى قاضي التحقيق ثم إلى محكمة الجنايات ، ومن مقومات الجرم هو علم المتهم بتزوير الأموال وفي حال كان المتهم غير عالم بالتزوير يتم إخلاء سبيله.

سيريا ديلي نيوز- نور ملحم


التعليقات