اضطرت الكثير من النساء في سورية، للخوض في سوق العمل، بحثاً عن حياة كريمة، بعد استشهاد زوجها، أو عجزه نتيجة أصابة حربية حيث انقطع الدعم المادي عن الكثير من العائلات ، وأصبح العبء كله على عاتقها، حيث اضطرت تحمل المسؤولية بسبب الظروف القاسية، وفرضت على المجتمع تقبّل فكرة عملها التي كانت مستهجنة سابقاً.

صباح ، أم لثلاث أطفال في ريف دمشق، قالت لسريا ديلي نيوز، إن “زوجي استشهد منذ  أربع أعوام، من قبل قالعصابات الإرهابية  كان والدي يصرف علينا، بالإضافة لدعم مادي كنت أستلمه كل شهر من جمعية خيرية، خلال السنوات الماضية ولكن الدعم المادي انقطع عنا، وبقيت وحيدة مع أطفالي، نصارع كي نؤمن لقمة عيشنا، ولم أجد أمامي سوى صنع الحلويات وبيعها بمربحٍ بسيط، ولاقى عملي استحسان الزبائن، خاصة قبل الأعياد، كما بدأت باستقبال طلبات المونة، كالملوخية والمكدوس، و…إلخ”، حسب قولها.
العديد من أقارب صباح، اقترحوا عليها أن تجد فرص عمل لطفليها الكبار، لكنها ترفض الفكرة رفضاً قاطعاً، وأوضحت  أسباب رفضها بالقول إن “الدراسة سلاح لأطفالي، ولن أسمح لهم بتركها، فلو كنت الآن أملك شهادة دراسية، لما اضطررت للعمل الشاق، ولا أريد لأطفالي أن يكبروا ويشعروا أني ظلمتهم بتركهم لدراستهم، كما ظلمني أهلي عندما زوّجوني بعمر صغير، وتركتُ الدراسة رغماً عني”.
مضيفة: “دعم المحيط كان سبباً لصبري على وضعي، خاصة من يتذوق حلوياتي، ويخبر الآخرين عني كي يشتروا مني، فالكلمات المشجِّعة أحياناً تكون سبباً في التغلب على الكثير من إحباطاتنا، وتخفف عنا بعضاً من الألم الذي نعانيه”، حسب قولها.

لا تملك كل النساء القدرة على التحمل مدةً طويلة، فبعكس صباح، شعرت وفاء، من ريف دمشق، أن العمر يمضي، دون أن يصلها خبر عن زوجها المفقود منذ ستة أعوام، ولم تعد قادرة على تحمل المصروف لوحدها.

تقول وفاء لسيريا ديلي نيوز، إن “أهل زوجي لم يتعرفوا عليّ ، وكلما طلبت منهم المساعدة تهرّبوا، وأهلي كبارٌ في السن، وإخوتي كلُّ واحدٍ منهم مشغول بعائلته، وأطفاله، مما اضطرني لطلاق زوجي غيابياً، والزواج من غيره، لكن الحرب حرمتني من زوجي الثاني نتيجة استشهاده

وتضيف: “لم أستسلم، وبدأت أفكر بعمل يناسبني، فتطوعت مع فريق الهلال الأحمر، وبدأت أحضر دورات تدريبية في عدة مجالات طبية، وإنسانية، وخلال حضوري للتدريبات، عرض عليّ أحد الأطباء أن أعمل سكرتيرة في عيادته، وقبلت بعرضه، بشرط التنسيق بين العملين، لأنني تعلقت بعملي التطوعي، وشعرت أن لي مكاناً ودوراً في هذا المجتمع”.

من جهتها، قررت أم مصطفى أن تعود لعملها كمعلمة للمرحلة الابتدائية، وباشرت بعملها مع بداية العام الدراسي، وأكدت لسيريا ديلي نيوز أن “المجتمع بدأ يتقبل عمل المرأة أكثر من السابق، خاصة بعد فقدان العديد من العائلات لمعيلها، سواء كان شهيداً ، أو مفقوداًأو عسكرياً، وخوضها في كافة مجالات الحياة، وإثبات جدارتها على تحمل المسؤولية، وهذه النظرة لعمل المرأة لم تكن موجودة قبل سبع سنوات، كما أن رغبة النساء بإكمال تعليمهنّ ازدادت بشكل كبير، وبدأ دورهنَّ واضحاً، لا يقتصر على كونهنَّ ربات منزل، لا أكثر

سيريا ديلي نيوز- خاص


التعليقات