لم ينف معاون وزير الصحة للشؤون الدوائية الدكتور حبيب عبود أن يكون وراء الحملة العالمية على أحد المواد الدوائية التي تنتجها إحدى أكبر الشركات في العالم Zhejiang Huahai Pharmaceuticals الصينية أسباب سياسية في إطار حرب اقتصادية. حيث أصدرت وكالة الأدوية الأوربية «EMA» تقريراً في الخامس من تموز الجاري مفاده أن يتم سحب المستحضرات الصيدلانية الحاوية في تركيبها على مادة « الفالسارتان» وذلك بعد أن تم الكشف عن وجود شائبة في المادة الفعالة قد تكون مضرة كما أن وجود هذه الشائبة لم يكن متوقعاً وأن ظهورها قد يكون بسبب تغييرات في طريقة تصنيع المادة الفعالة وفقاً لما أفادت به الشركة وعليه أعلنت وزارة الصحة وبناء على هذا التقرير إجراء السحب الاحترازي لجميع المستحضرات الحاوية في تركيبها على مادة «الفالسارتان» والمصنعة من الشركة الصينية فقط وللمعامل كافة التي قامت بشراء هذه المادة واستثنت وزارة الصحة منها مستحضر Diovan وCo – Diovan وExforge المصنعة لدى معمل المتوسط بامتياز من شركة نوفرتس حيث تبين أن المادة الأولية مصنعة لدى شركة نوفارتس في معاملها ولا علاقة للشركة الصينية المذكورة بها.
وبناء على ذلك قررت وزارة الصحة سحب 44 مستحضراً دوائياً تنتجها 25 شركة دواء وطنية، موضحاً لـ«الوطن» أن الشركة الصينية هي أكبر شركة في العالم تنتج هذه المادة وهي تستحوذ على معظم السوق العالمية في هذه المادة وهذه الشركة تصنع المادة منذ ولادتها ولم تكن فيها أي مشكلات، لكن يبدو أن الشركة قد غيّرت في شروط التصنيع كما اعترفت هي بذلك فظهرت مشتقات تخرب أو شوائب وهذه الشوائب لم تصرح الشركة عن البعض منها وتم اكتشافها من الشركات الغربية، وعندما واجهت الشركات الغربية الشركة الصينية اعترفت الأخيرة بوجود هذه الشوائب وهذه الشوائب ليست من أصل المادة الدوائية وهي دخيلة عليها والحقيقة أن المادة ليس فيها خلل وما لحقها من شوائب هو من طريقة التصنيع وتبين أن هذه الشوائب غير واردة في نص دستور الدواء الأوربي والأميركي والمعتمد من منظمة الصحة العالمية لذلك أصدرت «ايميا» منظمة الدواء الأوروبية هذا التعميم والتزمت به 40 دولة في العالم فقط.
وأكد عبود أن إجراء السحب لكل دول العالم هو إجراء احترازي وحتى في سورية كذلك وليس سحب إتلاف وإنما فقط للتأكد من سلامة المادة والسحب ليس من أجل الشائبة بحد ذاتها وتماشياً مع الرأي العالمي وبهدف المحافظة على المرضى تم سحب المستحضرات من المعامل والمستودعات والصيدليات وتم التحرز عليها وتم منع تصنيع أي مادة دوائية من هذه المادة وكذلك كل ما تم تصنيعه من مواد تم الحجر عليها حتى تظهر النتائج.
وعن نتائج التحاليل التي أجريت حتى الآن قال معاون الوزير: كل التحاليل التي أجريت هي سليمة وممتازة ولم يثبت في أي مادة وجود هذه الشائبة حيث تم أخذ عينات من المواد الأولية من جميع المعامل التي اشترت هذه المادة وكذلك المستحضرات الناتجة عن المادة، لافتاً إلى تحرير منتجات 10 معامل لأنها أصلاً لم تستجر هذه المادة وأما المعامل الأخرى فتم منع تداولها حتى تظهر النتائج.
وعن عدد الزمر الدوائية التي تدخل فيها هذه المادة هي 5 زمر فقط وعن إمكانية قيام أصحاب المعامل بالادعاء على الوزارة بالخسائر التي يمكن أن يتعرضوا لها نتيجة هذه العملية في حال ثبت عدم وجود نتائج سلبية للمادة أكد عبود أنه لا يمكن أن يقوموا بذلك لأنه وفق الشروط القانونية للترخيص لشركات الدواء يحق للوزارة اتخاذ أي إجراء وعلى الشركة القيام بالسحب طواعية في حال وجود أي خلل أو الشك في ذلك ولكن من حق الصيدلي والموزع أن يتم تعويضه من معمل الدواء على الخسائر التي تعرض لها. أما عن تكاليف إجراء التحاليل فتتحملها الوزارة نظراً لأن هذا الإجراء تم بمبادرة من الوزارة ولكن الأكيد أنهم لن يعوضوا عن أي خسارة بسبب هذا الإجراء حتى لو كانت النتائج سليمة.
وبالعودة إلى تعميم وزارة الصحة نجد أن الوزارة فقد طلب من المعامل الدوائية موافاة مديرية الشؤون الصيدلانية في الوزارة بأرقام التحضيرات والكميات المتبقية لديهم من المادة الأولية واللافت للنظر أن الوزارة نصحت في تعميمها المرضى الذين يتلقون العلاج بهذه المادة مراجعة الطبيب المختص لديهم للتبديل إلى دواء آخر يعالج الحالة المرضية ويخلو من هذه المادة أو يحتوي على هذه المادة من مصادر بديلة آمنة علماً أن جميع البدائل للزمر الدوائية المستخدمة كافة في علاج ارتفاع الضغط الشرياني والأمراض القلبية متوافرة في السوق المحلية. وعادت وزارة الصحة لإصدار تعميم لاحق يتضمن أسماء المستحضرات وأرقام التحضيرات وأسماء معامل الدواء لكن اللافت للانتباه التأكيد على اسم الشركة الصينية هذه الاستجابة للطلب الأوروبي والتأكيد على استمرار منع التداول والتحرز على المادة ومنتجاتها يطرح عدداً من الأسئلة المشروعة التي تحتاج إلى إجابة. أولها مشكورة وزارة الصحة على حرصها على سلامة المواطن والتعامل مع أدنى درجات الشكل لكن لماذا لم تتعامل كبرى شركات ودول إنتاج الأدوية مع هذا التحذير ومنها روسيا وكوبا والهند وإيران؟ لأننا نعرف أن هذه الدول من كبرى الدول المصنعة للدواء في العالم وبالتأكيد استجرت كميات كبيرة من المادة، الأمر الآخر ما دام لم يثبت حتى الآن وجود أي خلل وجميع العينات التي تم تحليلها ثبت أنها سليمة لماذا نطلب من المرضى تغيير الدواء؟ الأمر الآخر ما دام الجميع متفقاً على أنها شائبة والشوائب في كل مكان لماذا كل هذه الحملة لمحاربة هذا المنتج؟
هذه الأسئلة وغيرها ننتظر الإجابة عنها في الأيام القادمة فقد يصدق الحدس أن هناك حرباً مقصودة على الاقتصاد الصيني.
 

التعليقات