على مدى يومين متتالين شهد مبنى الحكومة السورية  نقاشات عميقة وجدية تستهدف اتخاذ قرارات مصرفية "قوية واستثنائية .. ولازمة "  من شأنّها المساعدة على جذب الأموال السورية في الخارج وخاصة لبنان الذي يلاحقه شبح الإفلاس و إن أتقن القائمون على جهازه المصرفي فن المراوغة عبر محاولة القفز فوق حقيقة الافلاس التي اعترفت بها أركان الدولة اللبنانية  الرئيسية ..

ويبدو أن قرار الحكومة السورية بجذب الأموال السورية في الخارج يضيف "شبحا " إضافيا في بلد يعتمد حصرا على الودائع العربية . حيث بدأت البنوك اللبناية تتحسس خائفة احتمال تحرك سورية لاستيعاب أموال اقتصادها ومواطنيها المودعة في لبنان  ..

في لبنان يحاولون تسويق فكرة دفاعية تقول  : " أنّ البنوك اللبنانية لم تفلس خلال الحرب اللبنانية حتى تفلس الآن ..

ولكن الحقيقية تقول :  " أنّه خلال الحرب لم تكن المصارف اللبنانية تقوم أو لم تكن مجبرة على إقراض الدولة .. حتى جاء رفيق الحريري بعد الطائف وصدر في عهده قرار ألزم البنوك اللبنانية بإقراض الدولة لتمويل احتياجاتها تحت طائلة سحب رخصها ..

لذلك الآن أصل ما تعاني منه المصارف اللبنانية هو إجبارها على إقراض الدولة عبر سندات الخزينة لذلك عندما تفلس الدولة يفلس الجميع معها . وهو ما يضع الودائع أمام احتمالية ضياعها خاصة و تصنيف لبنان العالمي يؤكد أنّها دولة ذاهبة الى إفلاس ..

وهنا قد يكون أبسط واجب على الدولة السورية التي تمتلك وبعد سبع سنوات حرب جهازاً مصرفياً قوياً ومتماسكاً حكومياً وخاصاً وغير مهدد بالافلاس على الإطلاق لايقرض الدولة , بل لديه أموال جاهزة للاقراض وكل ذلك بفضل القوانين التي تنظم القطاع مع ملاحظة قدرة الحكومة والسلطات النقدية طوال سنوات الحرب على اتخاذ القرارات الوقائية التي تحمي مصالح المودعين .

اذاً من أبسط واجبات الدولة السورية العمل على استصدار حزمة من القرارات المحفزة والمشجعة على عودة الودائع السورية "التي تشكل في نسبة مهمة مها نتائج الاقتصاد السوري قبل الحرب "  في الخارج ومعها المستثمرين ..

ونعتقد أنّ المهندس عماد خميس قد فتح فعلا هذه الجبهة القوية بكل ما تحمله من تحديات وربما ضغوطات قد تصل الى درجة تحرك حكومات ضد هكذا تصرفات اذا ما علمنا أن تأثير الاموال السورية كان مباشراً وقوياً في عدد من الدول في مقدمتها لبنان لجهة الايداع ومصر لجهة الاستثمار .

معلومات سيرياستيبس تؤكد أنّ الحكومة السورية وفي اجتماع ضم اركان السلطة النقدية و المصارف الحكومية وفي أرفع لجنة في مجلس الوزراء وهي " لجنة السياسات " قد ناقشت التوجه والتحرك الفوري نحو صياغة قرارات مشجعة بالمطلق على عودة الودائع السورية في الخارج بالتوازي مع تطوير هيكلية المصارف الحكومية وجعل العمل المصرفي أكثر مرونة . وهذا يعني أن الحكومة  قد أعطت الضوء الاخضر للمصرف المركزي ومجلس النقد والتسليف للعمل على صياغة مجموعة من القرارات المفصلية والتي تحمل معها ما يكفي من المحفزات الآمنة والمضمونة لعودة الودائع السورية بالتوازي مع استمرار العمل على إعادة ترتيب المناخ الاستثماري المحمي بقانون قوي وبما يشجع على عودة الاستثمارات السورية التي هاجرت خلال الحرب لسبب أو آخر

من المهم بمكان أن تجد الحكومة نفسها معنية وبشكل مباشر بترجمة ما قله السيد الرئيس بشار الاسد "بأن الاعمار سعتمد بشكل رئيسي على اموال السورين في الدتاخل والخارج "

وتطبيق ذلك يحتاج الى صياغة قوانين وقرارات مفصلية وتاريخية وجرأة استثنائية من الحكومة وضمن الوقت حتى تتمكن من استغلال ظرف حقيقي تستفيد من خلاله من وضع المصارف اللبنانية التي لو أفلست ستذهب معها أموال السوريين "تقدر ب 25 مليار دولار وهناك من يقدرها ب 50 مليار دولار"  أدراج الرياح . من هنا كان تصريح حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور دريد درغام واضحا ومباشرا لوجود حراك قوي وجريء باتجاه استصدار حزمة من القرارات التي تتسم بالمرونة وقد يكون أقلها رفع سعر الفائدة ..

يقول الدكتور دريد درغام  حاكم المركزي " والحديث كان بالأمس فقط "  : نحن مقبلون على اتخاذ خطوات في غاية الأهمية ستمكن المركزي من امتلاك الأدوات التي تخدم السياسة النقدية و التي من شأنها وضوح التشخيص للفترة القادمة في سورية " .

تصريح درغام إنما يعبر عن مضمون الاجتماع الحكومي في لجنة السياسات التي أشرنا اليها أعلاه و الذي تم تأكيده أمس خلال اجتماع الحكومة الأسبوعي . وحيث بات مؤكدا أنّ سورية مقبلة على اتخاذ قرارات مصرفية استثنائية وهذه معلومات مؤكدة ومن مصادر رفيعة المستوى .

 طبعا علينا أن نتأكد أن المصارف اللبناية ستحسن الدفاع عن نفسها وعلينا أن نتفهم ذلك جيدا دون أن نقع في مصيدة ما يتمتعون به من براعة في الكلام والالتفاف على الواقع وتجميله . .

وإن لم تتمكن الحكومة من اقناع السوريين بخطورة وضع أموالهم في دولة مقبلة على الإفلاس فإنها عليها أن تنجح بإقناعهم بوضع أموالهم في الجهاز المصرفي السوري عبر استصدار قرارات مقنعة ولا تقبل الجدل والطعن .

ولبنان اليوم ليس كلبنان في فترة الحرب .. في فترة الحرب لم تكن مصارفه  مرتبطة بقوانين تجبرها على أن تقرض الدولة  . وبعد الحرب تغيرت القوانين وصارت البنوك ملزمة بإقراض الدولة .

وكما وصفها أحد رجال الأعمال السوريين : " البنوك اللبنانية تعمل جابي للدولة اللبنانية تقوم بجمع المال من المودعين وتسليمها للبنك المركزي للتأخذ سندات وتكسب فرق الفائدة .. أي أن البنوك هي سماسرة لجامع أموال كبير وليس هناك أكثر من السوريين معرفة بويلات جامعي الأموال وما يحملونه من نكبات وإفلاسات ..  

الجميع معني في الحكومة بالعمل الجدي على إعادة الأموال السورية ليتم ضخها مرة جديدة في الاقتصاد ..

والجميع معني بعدم الوقوع في شرك تلاعب القائمين على المصارف اللبنانية خاصة وأنّهم بارعون في تجميل وقلب الحقائق .. وكما يقال يدافعون ويدافعون ويكذبون وعندما يقع الفأس بالرأس .. يغييرون أرقام تلفوناتهم وانتهى الأمر .. وتصبحون على إفلاس ؟

سيريا ديلي نيوز


التعليقات