أظهرت دراسة حديثة أن 667 موقعا تراثيا وأثريا في القدس قام الاحتلال بتغيير مسمياتها العربية الأصيلة، وهو ما اعتبر، بحسب خبراء، عملية تهويد للمدينة وطمس لهويتها التاريخية والدينية.

واعتبرت الدراسة، التي جاءت بعنوان "التوثيق المستدام للمسميات العربية للمواقع الأثرية في القدس المحتلة والمنشورة في المجلة الأوروبية للسياحة"، أول بحث أكاديمي نوعي على مستوى الشرق العربي والإسلامي والإقليمي والدولي ، بحسب عميد كلية السياحة في الجامعة الاردنية العقبة الدكتور ابراهيم بظاظو.

وبين الدكتور بظاظو، الذي ترأس فريق عمل الدراسة على مدار ثلاث سنوات، أن البحث يعد أكبر إنجاز للأردن، تم توثيقه توثيقا مستداما للمواقع التراثية والأثرية ولأسماء الشوارع ولكل معلم بارز، بمسمياتها الجغرافية والعربية في القدس المحتلة وتوريثها للأجيال.

واعتبر الدكتور بظاظو أن التوثيق اشتمل على قاعدة بيانات للأسماء الأصلية، وتم الاستناد لوثائق تعود إلى فترات زمنية قديمة في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، وكذلك الرجوع إلى الكتب المقدسة، والأطالس التاريخية والجغرافية للتعرف على المواقع بمسمياتها العربية الاصيلة.

وأوضحت الدراسة وجود تدمير ممنهج لجميع المواقع التراثية والأثرية المسيحية والإسلامية في القدس المحتلة، وأظهرتها المرئيات الفضائية المأخوذة من المدينة عبر التسلسل الزمني.

وأوصت بضرورة تعميم هذه النتائج بعدد من اللغات، حتى يتعرف العالم على سياسة التهويد التي تتبع في تغيير معالم أرض الواقع في القدس المحتلة وتغيير المعالم المكانية وتبديل المسميات، وكذلك إعداد قاعدة بيانات مكانية رقمية لجميع مناطق الضفة الغربية متضمنة بيت لحم والخليل بهدف حمايتها، وضرورة التوجه للمؤسسات الدولية المعنية بالتراث والآثار والمتمثلة باليونسكو والمجلس العالمي للسياحة والآثار وجميع الحياة المنبثقة عن الأمم المتحدة للدفاع عن القدس المحتلة بما تحويه من مواقع أثرية وتراثية.

كما دعت الدراسة إلى اصدار أطلس إلكتروني مزود بكتاب على شكل دليل سياحي إرشادي يوزع على زوار القدس من مختلف القارات.

وقالت عضو اللجنة العالمية لأخلاق السياحة في منظمة السياحة العالمية وخبيرة تطوير الموارد بشرية والتدريب السياحي الدكتورة سوزي حاتوغ بوران إن الدراسة تعد انجازا علميا لفريق العمل ضمن أسلوب ابتكاري في توثيق المواقع الاثرية والتراثية، إذ استخدمت نظام المعلومات الجغرافي الرقمي لمدينة القدس المحتلةGPRS) ).

وأضافت، ان للدراسة آثارا سياسية على مدينة القدس المحتلة، فهي بمثابة سلاح في مقاومة عملية التهويد للمدينة المقدسة والحفاظ عليها من خلال المعرفة والابتكار مثلما قام به هؤلاء العلماء والباحثين.

وأكدت أهمية التوثيق في منع سرقة التراث للأسماء الأصلية من تاريخنا، مبينة ضرورة تطبيق ما ورد في الدراسة من قبل أصحاب القرار سواء من جهات رسمية أو خاصة، فهي بحد ذاتها مسؤولية وطنية وتاريخية وقومية وأهمية نشره باللغات المختلفة منها العربية والفرنسية والألمانية.

وقال خبير القانون الدولي المحامي انيس قاسم إن ما يجري من تغيير للمسميات والمواقع التراثية والأثرية لمدينة القدس من قبل سلطات الاحتلال هو نوع من التزوير، ويترتب عليه مسؤولية جنائية على المسؤولين "الإسرائيليين"، مؤكدا أن أي عبث بالآثار التاريخية أو ذات الطابع التاريخي قد يشكل جريمة حرب وهو يرقى الى مرتبة التشويه والإضرار بالآثار ذات الطابع التاريخي أو الديني.

وأوضح أن حماية الآثار هي من الممتلكات الثقافية المحميّة دوليا وفقا لاتفاقية لاهاي لعام 1907، إلا أنه لا توجد للأسف أدبيات كثيرة حول هذا الموضوع.

وقال الرئيس السابق لجمعية يوم القدس صبحي غوشة إن "إسرائيل" تسعى لإثبات وجودها في مدينة القدس قبل ثلاثة آلاف سنة بتزوير التاريخ من خلال الكتب، ذلك أن علماء التوراة والتاريخ أثبتوا أن ما ورد في التوراة هو عبارة عن قصص وخرافات ليس لها أي سند تاريخي ولا يمكن اعتبارها كمرجع تاريخي موثوق للادعاءات الصهيونية في القدس.

وأضاف أنهم لجأوا إلى تزوير آخر وهو اظهار بعض الآثار القديمة بأنها يهودية الأصل، فوضعوا حجارة على سور القدس تدل على أنها مأخوذة من الهيكل وادعوا أن معظم الآثار الدينية والتراثية والعمرانية لها أصل يهودي فأطلقوا عليها أسماء عبرية.

وأشار غوشة إلى كتاب "كنوز القدس" لرائف نجم، والذي رصد فيه الكاتب الأماكن المسيحية والإسلامية التاريخية الموجودة في مدينة القدس المحتلة، يشير إلى وجود 60 موقعا مسيحيا تاريخيا و219 موقعا إسلاميا تاريخيا، لافتا إلى أن الحفريات التي اجريت في المسجد الأقصى لم تكشف عن أي أثر للهيكل.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات