بعد غياب ست سنوات  – ربما كان غياباً مبرراً – يعود الرقم الإحصائي  الصادر عن المكتب المركزي للإحصاء للحضور مؤخراً بصدور المجموعة الإحصائية.
الاقتصادية د. رشا سيروب تحدثنا عن كيفية العمل الأكاديمي في ظل غياب الرقم الإحصائي، وعن قراءتها للمؤشرات التي جاءت بها المجموعة الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء.
ما ينشر
تقول د. سيروب إن ظروف الحرب فرضت آلية عمل تستثني فيها المؤشرات الرقمية من المناطق والمحافظات الساخنة، وكان على كل العاملين في مجال المعلومة الرقمية أن يتوزع عملهم بين معلوم ومجهول.
كباحثين عانينا كثيراً في إعداد الدراسات والبحوث، والعديد من هذه الدراسات تم إرجاؤه لعدم وجود الرقم الإحصائي المعتمد من المؤسسة الرسمية الوحيدة المخولة بإصداره في ظل غياب وقلة المراكز البحثية التي يمكن أن تساعد في إصدار بعض الأرقام كمؤشرات ذات دلالة يمكن الاعتماد والركون إليها.
عدم وجود المجموعة الإحصائية جعلنا نعتمد على ما ينشر في الصحافة والإعلام المحلي من تصريحات للسادة المسؤولين، وهي ليست موثوقة 100%، وخاصة عندما نلاحظ تغيرها بين الحين والآخر أو عدم تطابقها في كثير من الأحيان، وهو ما حوّل الرقم الإحصائي إلى باب للتكهن أو للضجيج الإعلامي سواء بتهويل بعض الأرقام أو تحسين بعضها الآخر، وفي كلتا الحالتين لا يمكن استخدام هذا الرقم الإحصائي غير الدقيق وغير المستند على أسس علمية في وضع السياسات واقتراح الحلول بشكل صحيح (ما بني على خطأ فهو خاطئ).
الآن وبعد غياب دام 6 سنوات للرقم الإحصائي، نشر المكتب المركزي للإحصاء المجموعات الإحصائية للأعوام (2012-2013-2014-2015-2016-2017) لتغطي السنوات الضائعة من حياتنا.
أولية
وعن البيانات الصادرة في المجموعة الإحصائية أضافت د. سيروب أنه من خلال اطلاعنا على المجموعات الإحصائية نلاحظ أن معظم بياناتها أولية أو تقديرية وأن عام 2016 هو آخر سنة شملتها المجموعة الإحصائية، وهو ما يضعنا مرة أخرى أمام إشكالية دقة وموضوعية الرقم الإحصائي وهل يمكن الاعتماد عليه في إجراء دراساتنا وبحوثنا، وخاصة أننا بأمس الحاجة في الوقت الراهن للبحث العلمي الذي لا يمكن له أن يكون فعالاً من دون وجود الرقم الفعلي، والذي لا يمكن من دونه رسم السياسات الاقتصادية السليمة.
ما زالت بعض الإحصاءات غائبة وتم الاكتفاء بوضعها في المجموعة الإحصائية إلا أنها تعود إلى أعوام سابقة لا تتخطى عام 2010- 2011 وهي الإحصاءات المالية والنقدية وبعض البيانات عن القطاع الخاص.
إلى النصف
وبإلقاء نظرة على بيانات سنوات الحرب سنذكر أهم المؤشرات ذات الصلة بحياة المواطن ومعيشته:
1-    انخفض نصيب الفرد الواحد من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2016 (بالأسعار الحقيقية –سنة الأساس 2000) بمقدار 62,87% مقارنة مع عام 2010 وهو أقل بمقادر 50% مقارنة مع عام 2000.
2-    أصبح النمو الاقتصادي الحقيقي سالباً، حيث بلغ (-57,07%) في عام 2016 مقارنة مع عام 2010.
3-    انخفضت نسبة التغطية بالأدوية المحلية من إجمالي الأدوية من 91% عام 2010 إلى 38% عام 2016 رغم أن عدد الأصناف الدوائية المصنعة محلياً ازداد 513 صنف دوائي وعدد معامل الأدوية المحلية في عام 2015  بلغ 82 معملاً وبذلك ازدادت 12 معملاً مقارنة مع عام 2010  لتعود وتنخفض إلى 67 معملاً عام 2016.
4-    تشير إحصاءات أعداد الأطباء المسجلين في نقابة الأطباء في معظم الاختصاصات عام 2016 إلى استقرار في عدد الأطباء وعدم وجود نقص أو تغيير كبير في عددهم مقارنة مع عام 2010، ويدل التوزع النسبي لاختصاصات الأطباء إلى عدم تغير في سياسات الاختصاصات التي تحتاجها سورية بعد مرور 7 سنوات من الحرب، باستثناء اختصاص الجراحة التجميلية والترميمية الذي ازداد بنسبة تقارب 31%.
5-    رغم أن العدد المقدر للسكان الموجودين على الأراضي السورية يشير إلى زيادة عدد السكان بنسبة 2.63% سنوياً، إلا أن أعداد طلاب المرحلة الثانوية عام 2016 ما زال أقل من عام 2010 وخاصة في عام 2013.
6-    انخفاض أعداد مدارس التعليم والتوجيه المهني (والتي تشمل المدارس الصناعية والتجارية والزراعية والبيطرية والنسوية) من 678 مدرسة عام 2010 إلى 528 مدرسة عام 2016، في الوقت الذي ازدادت فيه عدد المدارس الشرعية من 106 مدارس عام 2010 إلى 144 مدرسة  عام 2016.
7-    انخفض عدد أعضاء الهيئة التدريسية (مرتبة أستاذ وأستاذ مساعد ومدرس) من 5078 عام 2010 إلى 4580 عام 2016، والنقص الأكثر حدة تركز في المعيدين بحيث انخفض عددهم بما يقارب 55%، والمعيد هو الكادر الذي سيصبح عضو هيئة تدريسية حال حصوله على درجة الدكتوراه.
8-    رغم أن عدد العائدين من الإيفاد لم يتجاوز 50% من عدد الموفدين إلا أن وزارة التعليم العالي ما زالت مستمرة بسياسة الإيفاد.
9-    تجاوز معدل البطالة 77% للشريحة العمرية التي دون 35 عاماً، وانخفض عدد المشتغلين في القطاع الحكومي 5,43% بين عامي 2015 و2010 في حين تجاوز الانخفاض في عدد المشتغلين في القطاع الخاص 64% بين العامين المذكورين.
10-    العجز التجاري يزداد وما زالت صادرات الخام تشكل المكون الرئيس من الصادرات حيث وصلت إلى 60% من إجمالي الصادرات، أما السلع المصنعة ونصف المصنعة شكلت 40%، في حين تركز الاستيراد على السلع المصنعة ونصف المصنعة حيث تجاوزت 58% من إجمالي المستوردات، ولم يتجاوز استيراد الأصول الثابتة 8,5% والتي تعدّ مؤشراً لتطور الصناعة الوطنية.
11-    انخفضت قيمة رؤوس أموال المستثمر في القطاع العام الصناعي من 619 مليار ل. س عام 2010 إلى 109 مليارات ل. س عام 2015.
على الرغم من عدم دقة الأرقام في المجموعة الإحصائية لأسباب عديدة مختلفة واعتمادها في جزء كبير على التقديرات، إلا أنه يمكن الاستناد إليها في بعض الحالات كدلالة تأشيرية ومرجع وطني يمكن ذكره في دراساتنا وأبحاثنا، بانتظار نتائج المسوح التي ستصوب العديد من الأرقام وتكون أقرب إلى الواقع.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات