منال صافي- ميليا اسبر

نظرة سلبية لا تزال تسيطر على أداء عمل القضاء السوري من قبل المواطنين، من حيث التأخير في البت بالحكم أو انتشار المحسوبيات و و.. في بعض الأمكنة لكن في المقابل ولنكن منصفين فإن القاضي السوري يعمل أكثر من استطاعته بكثير ولاسيما في الظروف الراهنة حيث يصل عدد الدعاوى التي ينظر بها وسطياً إلى 75 دعوى يومياً وبظروف وإمكانات محدودة جداً حيث لا تتوافر له أدنى مقومات العمل من دون مراعاة لمكانة القاضي لوظيفته وطبيعة عمله الحساسة وهذا بالطبع سوف يؤدي إلى خلل في أدائه.
لذلك جملة من المقترحات اقترحها أصحاب الشأن منها تحسين المستوى المعيشي للقاضي ولجميع الكادر العامل في هذا القطاع ومعاملتهم كسلطة لا كجهاز وظيفي إضافة إلى أتمتة العمل وغير ذلك من الأمور التي ستنعكس بالإيجاب على الجميع.

يولّد الاستقرار
يجمع المواطنون على أن ميزان العدالة في مجتمعنا ترجح كفته في أغلب الأحيان لمصلحة من يمتلك المال والنفوذ على حساب أصحاب الحق والضعفاء، مؤكدين أهمية إرساء القانون على جميع الشرائح من دون تمييز كونه يولد الاستقرار والطمأنينة لدى الجميع.
يقول رأفت ياسين: بعض القضاة وخلال مدة زمنية قصيرة من تسلّمهم مهامهم نجدهم يمتلكون المنازل والشاليهات وأفخم السيارات، وهذا بالتأكيد ليس من الأجر الذي تمنحه الحكومة لهم ..متابعاً: فإذا وصل أجر القاضي على سبيل المثال لـ /5/ ملايين ليرة ربما يأتي تاجر مخدرات ويقدم له رشوى بـ/50/ مليون ليرة فإذا كان من ضعاف النفوس سيطلق سراحه فوراً، فالمسألة تتعلق بالأخلاق والمسؤولية تجاه المجتمع وليس بالأجر كما يرى البعض.
أما دارين محمد فبينت أن هناك خرقاً واضحاً للدستور وخاصة المادة التي تشير إلى أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، لكن مايحدث أنه لمجرد الاشتباه وفي أحيان كثيرة بسبب ادعاء كيدي يتم توقيف المتهم، والأمثلة في محاكمنا لاتعد ولاتحصى لهذا النوع من التجاوز والاعتداء على المواطن.
بدوره سامي الحسن تحدث عن السنوات التي يقضيها المتخاصمون في المحاكم والمماطلة لاستصدار الأحكام القضائية لفض النزاعات، وربما يموت أحد أطراف الدعوى من دون البت بأمرها ليكمل أولاده وأحياناً الأحفاد مسيرة أجدادهم في ملاحقة الحقوق، لافتاً إلى أن في هذا هدراً وضياعاً للحقوق وفقداناً للمصداقية بأهم سلطة في البلاد.
كثرة الدعاوى..!
عضو مجلس الشعب وأستاذ كلية الحقوق في جامعة دمشق الدكتور محمد خير العكام أكدّ أن كثرة عدد الدعاوى لا تتناسب مع عدد القضاة الموجودين في سورية وأنّ حل هذه المشكلة تكون إما بتقليل عدد الدعاوى وإما زيادة عدد القضاة وإما بكليهما معاً، ويعود هذا العدد الهائل من الدعاوى إلى الغموض الموجود في بعض التشريعات، فبعضها قديم ويحتاج إلى تعديل وتطوير، مؤكداً أن وزراء العدل السابقين المتعاقبين لم تتوفر لديهم الإرادة اللازمة لإعادة النظر في بعض القوانين التي تحتاج لإعادة النظر فيها وتعديل قانون السلطة القضائية رقم 98 لعام 1961.
القضاء السوري مستقل
أوضح العكام أنّ القضاء السوري مستقل وأن السيد رئيس الجمهورية هو رئيس مجلس القضاء الأعلى وينوب عنه وزير العدل، لذلك ربما قد تؤثر هذه النيابة في القرارات لأنّ مجلس القضاء الأعلى له السلطة في محاسبة القضاة أو في نقلهم من أماكن عملهم، موضحاً أنّ القاضي النزيه لا مشكلة لديه في أي مكان يعمل فيه سواء أكان في القضاء المدني أم الجزائي أم النيابي، ولكن الأفضل أن يكون نائب رئيس مجلس القضاء الأعلى شخصاً من الجسم القضائي كرئيس محكمة النقض بدلاً من وزير العدل بحيث يعطي القضاء حصانة واستقلالية أكبر فالقضية ليست في النص وإنما في الممارسة.
نظرة سلبية
في الوقت الراهن هناك نظرة سلبية لعمل السلطة القضائية، ومن المفروض أن نعمل على تغييرها نحو الاتجاه الصحيح من خلال معالجة المشكلات التي يعانيها القضاة عن طريق تأمين مساكن لهم منذ اليوم الأول لتعيينهم، إضافة إلى تأمين وسائط نقل، وبعد تقديم كل ذلك يمكن محاسبة القاضي على أدائه، كما لا يجوز التعامل مع القاضي على أنه موظف في القطاع الاداري بل هو قاضٍ ومسؤول عن تحقيق العدالة، انطلاقاً من ذلك يجب أن نعمل على تأمين مستلزمات العمل القضائي لكي يعود القضاء السوري إلى الألق الذي تعودنا عليه سابقا بحسبما ذكره الدكتور العكام، منوهاً بأن وزارة العدل كانت في بداية الحرب قد أجرت دراسة وشكلت من خلالها لجنة الإصلاح القضائي وتم تشخيص العديد من مشكلات القضاء، لذا نتمنى أن تنفذ توصيات اللجنة من تلك الدراسة حينها سوف تحل معظم المشكلات التي يعانيها الجسم القضائي.
ليس بالضرورة
بينما القاضي الشرعي الأول في دمشق محمود المعراوي كان له رأي آخر، حيث أشار إلى أنه ليس بالضرورة كل قانون قديم يجب تغييره لمجرد مرور مدة طويلة على صدوره، فهناك قوانين استمدت نصوصها من قواعد قانونية راسخة غير قابلة للتغيير وتصلح لكل زمان ومكان كقاعدة: «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» وقاعدة: «لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص»، فمثل هذه النصوص لا يمكن تغييرها مهما مرّ عليها من زمن، ولكنّ هناك أموراً مستجدة لم تكن موجودة أو ملحوظة سابقاً، لذلك يمكن تعديل بعض النصوص القانونية أو إصدار قوانين جديدة تنظم هذه الأمور مثل القوانين المتعلقة بالمعاملات الإلكترونية وجرائم المعلوماتية والأمور المصرفية، مبيناً أنّ قوانين الأحوال الشخصية النافذة في سورية تحتوي على نوعين من النصوص: الأول: مصدرها اجتهادي يمكن تعديلها حسب المصلحة العامة، والثاني مصدرها تشريعي ديني سماوي لا تقبل التعديل ولا التغيير لأنها ثابتة بنصوص قطعية الثبوت والدلالة مثل منع الزواج من المحرمات وأركان عقد الزواج وشروط صحته وأحكام العدة وأكثر أحكام المواريث وغيرها.
نكسة قانونية
موضوع السرعة في إصدار القوانين ظاهرة سلبية وليست إيجابية لأنها تؤدي إلى نكسة قانونية، فمثلاً تم حالياً تشكيل لجنة من أجل تعديل قانون أصول المحاكمات، مع أنه لم يمضِ على تعديله أكثر من سنتين، وهذا دليل على أن التعديل السابق لم يأخذ حقه من الدراسة والتدقيق وإبداء الرأي فيه من قبل المختصين في جميع المجالات القانونية بحسبما أكده القاضي المعراوي.
وأوضح أن القاضي في سورية ينظر يومياً بما يتراوح بين 50- 75 دعوى وسطياً، فإذا أخطأ في الحكم بدعوى واحدة أو اثنتين فهذا أمر طبيعي، بينما القاضي في أوروبا على مدار السنة لا يتجاوز عدد الدعاوى التي ينظر بها 100 دعوى، لذلك فالخطأ غير مقبول منه، مشيراً إلى أنّ القضاء في سورية يعد من أفضل القضاءات في الدول العربية، لكن هذا لا يعني عدم وجود أخطاء سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة لكن نسبة الخطأ إلى حجم العمل القضائي هي أقل من النسب الموجودة في بقية الدول، مضيفاً أن هناك اقتراحات لتطوير القضاء وقد بوشر بتنفيذ بعضها كإدخال نظام الأتمتة في العمل القضائي.
آلية تقييم عمل القاضي
من الضرورة لتطوير العمل القضائي أن يتم تقييم عمل القضاة بحسب نوعية القرارات الصادرة عنهم وليس بناء على كميتها وعددها، فبعض القرارات يمكن كتابتها بدقائق معدودة وبعضها يستغرق أياماً أو أسابيع، لذلك يجب تقييم القاضي بناء على نوعية قراراته أولاً إضافة إلى الاعتبارات الأخرى، وأن يكون ترفيعه بناء على تقييم أدائه، لا أن يأخذ ترفيعه شكلاً روتينياً كأي موظف آخر بحسبما ذكره القاضي الشرعي.
عدليات غير لائقة
وأشار المعراوي إلى أن تطوير العمل القضائي يستوجب تأمين الأمكنة المناسبة للمحاكم والدوائر القضائية فهناك بعض العدليات باتت لا تستوعب الزيادة في عدد المحاكم وعدد القضاة والمراجعين، حيث إن الغرفة الواحدة تحوي 3-4 قضاة ولا تتسع لأكثر من مراجعين اثنين، لذلك لابد من توسيع العدليات القائمة وبناء عدليات جديدة في دمشق وريفها وبقية المحافظات، مضيفاً أن عمل الموظفين الإداريين في القضاء يتسم بأنه قديم وروتيني ولابدّ من رفد القضاء بجيل جديد من خريجي المعهد التقاني في ظل تطبيق نظام الأتمتة في العمل القضائي بحيث يمتلكون خبرة في التعامل مع النظام الجديد.
لتطبيق التعاميم والبلاغات فقط!
يؤكد القاضي لدى عدلية حلب حسين أحمد أن القضاء العادل والنزيه ينتجان حتماً مجتمعاً متطوراً وحديثاً، يأمن فيه المرء على حريته وماله وحقوقه المدنية والسياسية المنصوص عليها في الدستور أو القانون، وأن العدل هو الضامن للملكية، لذلك كان لنزاهة القضاء الدور المهم في الاقتصاد والاستثمار، باعتبار أن رأس المال وفق القاعدة الرومانية القديمة «جبان» وحتى يتمتع بالجرأة يلزمه قضاء نزيه يحمي هذا المال.
وشدد على أهمية تأمين جهاز قضائي قادر على توفير العدالة، ومعاملته كسلطة كما ورد في الدستور السوري وفي دساتير العالم وليس كجهاز من الموظفين الملزمين بتطبيق التعاميم والبلاغات والتوجيهات الإدارية فقط.
ونوه بأن تحرير هذا الجهاز من هيمنة السلطة التنفيذية يكون بالدعم المادي والمزايا التي تعيد للقضاء هيبته، وهذه المزايا لا تعني الأجر وإنما توفير وسائط النقل والمساكن الخاصة للقضاة وتأمين المقرات ودور المحاكم المناسبة وتأهيل الكادر الإداري المساعد بما يناسب التطور الذي وصل إليه العالم باعتبار أن العدالة لا تقوم على أكتاف القضاة فقط، وإنما هناك مساعدون ومحضرون ومنفذون وسواهم، كما يجب تطوير هذه السلطة برفدها بالأجهزة الحديثة التي باتت سمة أساسية من سمات التطور والتحضر.
ويرى أن المرسوم التشريعي رقم /2/ لعام 2018 الخاص بالتعويض القضائي الذي أصدره السيد رئيس الجمهورية مؤخراً والذي هو في الوقت نفسه رئيس مجلس القضاء الأعلى يشكل خطوة هامة وأساسية على الطريق الصحيح، الذي يؤدي لتوفير قضاء عادل ونزيه، وضامن للحقوق والحريات والأملاك.
جناحا العدالة
وأشار إلى أن المتتبع للعمل القضائي يجد أن القضاء في وادٍ والمحامين في وادٍ آخر فالواقع أثبت أن المحاماة في كثير من الأحيان باتت عبئاً على العدالة والقضاء، فأغلبهم غير مؤهل علمياً وسلوكياً، ما انعكس سلباً على العلاقة بين جناحي العدالة وباتت التنافسية عير المشروعة والحقد والكره الأساس والمحرك، في الوقت الذي يجب أن تكون هذه العلاقة قائمة على الاحترام والتكامل.
مبيناً الحاجة الملحة لنقابات محاماة فاعلة، لا مجرد هياكل نقابية، وتأخذ دورها في التأهيل والإعداد والتدريب، وفي الوقت نفسه تأخذ بيد الجيد منهم وتضرب بيد من حديد على المسيء فالمحاماة في المحصلة يجب أن تكون شريكاً فاعلاً في تحقيق العدالة، فالعلاقة بين القضاة والمحامين هي علاقة جدلية، كلما ارتقى الطرف الأول يرتقي الثاني والعكس صحيح، لذلك يجب العمل وخصوصاً من نقل نقابة المحامين على ردم الهوة بين جناحي العدالة وانتقائهم بعناية بحيث لا تكون المحاماة باب رزق أو نوعاً من العمل الاحتياطي لكل خريج من كليات الحقوق.
محامون!
العمل لسنوات طويلة في أروقة المحاكم منح المحامية هيام وهبة دراية لا بأس بها في خفايا الجسم القضائي فهي تؤكد مجرد أن أستلم قضية أعرف إن كانت رابحة أو خاسرة فإن كان قاتلاً أو سارقاً أو مغتصباً ومثبتاً عليه الجرم لاتمكن تبرئته، وأصارح موكلي بذلك، لكن ما يحصل أن هذا المجرم يذهب لمحام آخر ويصدر بحقه إخلاء سبيل !! كيف يحدث هذا؟
ومن الأفضل أن يتم اختيار محامين مشهود لهم بالنزاهة والثقافة القانونية الواسعة والخبرة ويعين منهم قضاة.
وفيما يتعلق بدور الجانب المادي في حياة القاضي لكونه يشكل عامل ردع أجابت أن بنوك العالم كلها لن تجعل منه نزيهاً إذا كان عديم الضمير، فالمعيار الأساس لعمل القضاة هو الضمير والتنشئة الصحيحة.
ولفتت إلى أن المماطلة في فصل الدعاوى ضيعت الكثير من حقوق الناس فبعض القضاة نتيجة جهلهم والبعض الآخر يتعمد ذلك وهناك من لايجرأ على فصل الدعوى، لذلك نجد أن المماطلة تأخذ أشكالها بالقرارات الإعدادية والتبليغات التي ربما تستمر لمدة عامين بهدف إضاعة الوقت، علماً أن هناك الكثير من الدعاوى المستعجلة يجب البت بها كي لاتضيع الحقوق، لافتة إلى أن قرار وزارة العدل بضرورة فصل الدعاوى خلال /8/ أشهر لايطبق.
وفيما يتعلق بدور التفتيش القضائي أوضحت أنه يقوم بمهامه لكنه لايستطيع مراقبة القاضي لذلك فالضمير هو المعيار والأساس، وعقوبة نقل القضاة ليست حلاً فربما ينقل إلى مكان يتيح له مجالا أوسع للرشوة.
ونوهت بأهمية وضع حد للاعتداء الذي يمارسه معقبو المعاملات على مهنة المحامي وخاصة فيما يتعلق بالشؤون العقارية ومخالفات تثبيت عقود البيع التي تتم في المكاتب العقارية فهي في صلب عمل المحامي لأن ذلك يتطلب وثائق قانونية تحمي من الاحتيال فربما تكون الشقة مبيعة أكثر من مرة.
تحدٍّ كبير
إعادة ثقة المواطن بالقضاء تعد تحدياً كبيراً، ويمكن التعاطي معها عبر عدة مستويات، تتمثل بالسعي لاستقلال القضاء، وتحسين المستوى المعيشي للقضاة، واتباع فلسفة جديدة في انتقاء القاضي.. هذا ماأكده المحامي عارف الشعال ويتابع: المادة 132 من الدستور نصت على فصل السلطة القضائية عن السلطتين الأخريين التنفيذية والتشريعية.
وفيما يتعلق بانتقاء الشخص المناسب لشغل منصب القاضي فلابد من اتباع سياسة جديدة تعتمد على التشدد في وجوب تمتع القاضي بمعايير النزاهة والعفة والعلم والفهم القانوني، وأسهل طريقة في ذلك أن يتم انتقاء القاضي من المحامين ومحامي الدولة الذين لهم سمعة جيدة تراكمت عبر سنوات خدمتهم.
هذه المستويات الرئيسة في رأيي لابد من توافرها في أي عملية إصلاح حقيقية للقضاء يمكن أن تعد بداية حقيقية لإعادة ثقة الناس مجدداً بهذه السلطة الجليلة.
بالفطرة
بيّن مصدر قضائي فضّل عدم ذكر اسمه لـ« تشرين» أنّ القاضي كأي شخص في المجتمع،فهناك أشخاص خيرون بالفطرة، وآخرون فاسدون بالفطرة لكن هؤلاء نسبتهم لا تزيد على 10%، لافتاً إلى أنّ القضاة الشرفاء بالفطرة لا يمكن إفسادهم مهما تعرضوا إلى ضغوطات مادية، بينما الفاسدون بالفطرة لا يمكن إصلاحهم حتى لو تم منحهم رواتب شهرية خيالية، بينما 80% منهم عبارة عن مزيج بين الفساد والنزاهة، مشيراً إلى أنه إذا أرادت الدولة مكافحة الفساد في السلطة القضائية يجب عليها تعزيز مواقفهم وجذبهم نحو الخير من خلال تحسين وضعهم المادي، فليس من المعقول أن يحكم القاضي بمئات الملايين وهو غير قادر على أن ينفق على أسرته، فالقاضي حتى يعطي قراراً أقرب إلى العدالة يجب أن تكون ظروفه مناسبة كأن يملك منزلاً لائقاً –سيارة – خدمات جيدة.
آلية خاطئة
أوضح المصدر بوجود آلية خاطئة في اختيار القضاة، فليس من المنطقي أن يكون شرط تعيين القضاة هو إتقان اللغة الانكليزية وكذلك الحاسوب، علماً أن هناك من كان متفوقاً في دراسة القانون لكن لم يتم قبوله في المعهد القضائي لتلك الأسباب، منوهاً بأنه بعد التعيين يمكن للجهة التي سيعملون فيها أن تقوم بتطويرهم عن طريق اتباعهم دورات لغة وحاسوب، أما أن يكونا شرطاً للتعيين فهذا ظلم وإجحاف بحقهم، كذلك من شروط التعيين أن يدرس مستوى القاضي الأخلاقي والاجتماعي والسلوكي، بينما في مسابقة تعيين القضاة لا يهتمون بهذه الأمور على الإطلاق.
وكشف المصدر عن وجود نقص في العاملين في السلك القضائي والإداري، قبل الحرب كان عدد القضاة في سورية حوالي 1500 قاض فقط، كما أن عدد العاملين الإداريين في أي محكمة لا يتجاوز الثلاثة ما يؤدي إلى تراكم الدعاوى، علماً أنّ أي محكمة مهما كانت صغيرة يجب ألا يقل العاملون فيها عن 15 عاملاً مشدداً على ضرورة ألا ينظر القاضي بأكثر من خمسين دعوى يوميا من أجل أن يعطي الخصوم حقهم لأنه في النهاية هو بشر ولديه طاقة محددة، علماً أنّ بعض القضاة حالياً ينظرون بأكثر من 200 دعوى يومياً، وهذا من شأنه أن يؤثر في أداء عملهم.
رفع الوصاية
عبد الرحمن تيشوري- الخبير الإداري دعا إلى تفعيل دور مجلس الدولة وإدارة قضايا الدولة وإعادة النظر بكل ما تعانيه السلطة القضائية وعدم خرق استقلال السلطة القضائية من قبل وزير العدل لأنه شخص ينتمي إلى السلطة التنفيذية، إضافة لعدم انتماء القاضي لأي تيار سياسي لأن ذلك مخالفة صريحة للدستور ومخالفة لمبدأ حياد السلطة القضائية وضرورة رفع الوصاية من قبل بعض الجهات على العمل القضائي كتعيين واختيار القضاة وإلى إعادة النظر بكل التشريعات التي تحكم عمل القضاء لجهة السرعة والإنجاز وزيادة عدد القضاة وتدريبهم في المعهد العالي للقضاء.
وأضاف من الأهمية أن يطبق القانون على الجميع بالتساوي أمام المحاكم وخاصة مانص عليه الدستور بأن (المتهم بريء حتى تثبت إدانته) وكذلك توفير حق التقاضي وضمان الحريات والحقوق واستقلال القضاء (شخصياً – ذاتياً) ورقابة القضاء من دون تدخل بقية الأطراف.
مقترحات للنهوض
باعتبار أن الإجراءات الإدارية القضائية قديمة وتتميز بالرتابة والروتين الممل، ولا تتناسب مع الحياة المعاصرة المتمثلة بانتشار أنظمة الأتمتة ووسائل الاتصال الإلكتروني الحديثة والأرشفة الرقمية والمعلوماتية، وسواها في أعمال هذه الحياة لذلك يقدم القاضي حسين أحمد جملة من المقترحات للنهوض بهذا الجهاز وأهمها تأهيل الكادر الإداري بما يتناسب مع متطلبات الوظيفة الإدارية القضائية من خلال تدريب الكتاب والمساعدين العدليين والمحضرين، وبقية الفئات الإدارية المساعدة في إنجاز عمل المحاكم، وتأمين العدد الكافي منهم، ما يسهل إنجاز العمل على أكمل وجه وحصر المسؤولية، وتحديد المهام بشكل دقيق لكل عامل بما يسهم بإزالة الالتباس والغموض في العمل وفي المسؤولية، وفي الوقت نفسه يؤمن وظيفة فنية ذات مردود مناسب.
فالواقع العملي أثبت أن تعدد المسؤوليات وتركيزها بيد أشخاص معينين، قد يكون في الغالب مدعاة لضياع الجهد وتدني مستوى الإتقان لدى العامل.
وأكد ضرورة أتمتة العمل بشقيه القضائي والإداري وأرشفة الأحكام والإجراءات والأعمال القضائية الإدارية إلكترونياً لكي يسهل تناولها واستثمارها بأقصر الطرق وبأقل التكاليف والجهد، وهذه الحاجة تملي أهمية العمل على ربط كل عدليات القطر مع بعضها ومع محكمة النقض، ومع وزارة العدل ودوائرها المختلفة، ومع الدوائر الحكومية المختلفة مما تدعو الحاجة إلى ربطها مع هذه العدليات.
1000 محكمة على امتداد القطر
وزارة العدل هي الجهة المسؤولة عن كل ما يتعلق بالشأن القضائي وعليها تقع مسؤولية إيجاد حلول لما يتعرض له القضاء في سورية من صعوبات تعرقل عمله وتضعف أداءه.
معاون وزير العدل- القاضي تيسير الصمادي أكد أنّ وزارة العدل تحرص على تأمين مستلزمات عمل مختلف أنواع المحاكم الممتدة على أنحاء القطر والتي تزيد على 1000 محكمة متعددة الاختصاصات، كذلك تعمل على تأمين العناصر الأساسية للعملية القضائية، أهمها العنصر البشري وذلك من خلال إجراء العديد من المسابقات لتعيين قضاة لمحاكم الصلح والبداية والاستئناف، إضافة لرفد إدارة التشريع بعدد من المتميزين منهم، والأهم تأمين وسائط النقل لهم وخاصة للقضاة الذين أمضوا في العمل مدة تزيد على عشرين عاماً ولم يتم تخصيصهم حتى الآن بوسيلة نقل خاصة أو حتى تأمين وسيلة نقل جماعية.
لا تلبي الحاجة
و أشار الصمادي إلى أنه نتيجة الأحداث فقد خرج العديد من قصور العدل من الخدمة ما اضطر الوزارة إلى استئجار أماكن جديدة لضمان استمرارية العملية القضائية في مختلف العدليات،علماً أن المباني المستأجرة لا تلبي الحاجة الفعلية لدور المحاكم لعدم تصميمها المناسب لذلك، وصغر مساحتها، لذلك تقوم الوزارة حالياً على متابعة بناء قصور العدل في كل من محافظات (اللاذقية– السويداء– درعا– طرطوس)، لافتاً إلى أنّ الوضع في عدلية دمشق ليس جيداً، وذلك لما يعانيه من ازدحام خانق في ظل وصول عدد المراجعين إليه يومياً إلى 15 ألف مراجع وذلك بسبب وجود عدد كبير من محافظات أخرى قدموا إلى دمشق ، كاشفاً عن إعداد خطة لتأمين الأراضي المناسبة لبناء قصور العدل أو شراء بعض الأبنية من القطاع العام والخاص لتأمين عمل هذه المحاكم.
إعداد التشريعات
وزارة العدل تساهم بشكل أساس في إعداد التشريعات المناسبة للعمل القضائي وتعديل البعض منها وذلك تماشياً مع التقدم الحاصل في المجتمع ومع ظهور جرائم جديدة أثناء الأزمة لم تكن معروفة سابقا مثل جرائم الخطف مقابل الفدية والجرائم المتعلقة بالأعمال الإرهابية،حيث ساهمت بإصدار قوانين مختلفة تتعلق بمكافحة الإرهاب وإحداث محكمة جديدة لها، وأيضاً قانون أصول المحاكمات المدنية رقم 1 لعام 2016، وقانون السجلات القضائية.. الخ، بحسبما ذكره معاون وزير العدل، وأن الوزارة ساهمت منذ عام 2011- حتى 2016 في إصدار 150 قانوناً و350 مرسوماً تشريعياً، وهذه الحزمة من التشريعات لو أتيحت الفرصة لتطبيقها لأحدثت تأثيرات إيجابية ضمن المجتمع لا يمكن إنكارها، علماً أن ذلك يندرج ضمن عملية الإصلاح القضائي وهي ضرورية في كل الأوقات وذلك من أجل النهوض بالعملية القضائية وفقاً لظروف كل مرحلة.
8 ملايين وكالة مؤرشفة
معاون وزير العدل ذكر أن الوزارة تعمل على مشروعين مهمين الأول: أتمتة العمل القضائي الذي سوف يقضي على حالات الفساد المختلفة بنسبة لا تقل عن 70% منها ويعد هذا البرنامج من الحلول التي تساهم في تطوير العملية القضائية إلى حد بعيد، والمشروع الثاني هو أرشفة الوكالات العدلية وإصدارها آلياً حيث إنها تحمي حقوق الأفراد والدولة كذلك وتجعلهم بمنأى عن النزاعات القضائية، وقد بلغ عدد الوكالات المؤرشفة ما يقارب 8 ملايين وكالة عدلية في محافظات دمشق – ريف دمشق- اللاذقية – طرطوس – القنيطرة – حلب – درعا، موضحاً أن البرنامج ساهم في الحد من تزوير الوكالات العدلية إلى ما يقارب الصفر في المراكز المؤتمتة، فمثلاً من خلال تطبيقه في مراكز الكاتب بالعدل الأول بدمشق حقق هذا النظام دخلاً شهرياً للخزينة العامة ما يقارب 10 ملايين ليرة ويمكن القياس على ذلك في بقية المراكز.
تأمين الظروف المناسبة
وبينّ الصمادي أن تأمين الظروف المناسبة لعمل القاضي يساعده في إنجاز مهامه وتأمين الحماية المعنوية له وعدم تعرضه لأي ضغط من أي جهة كانت، كما أن تحسين الظروف المادية للقاضي من المسائل التي تسعى الوزارة لتأمينها، وذلك عن طريق تأمين العيش اللائق والكريم للقضاة ،وعدم البحث عن مصادر دخل أخرى مشروعة أو غير مشروعة، حيث استطاعت الوزارة من خلال رفع قيمة اللصيقة القضائية من 100ليرة إلى 200 ليرة وزيادة مطارح اللصيقة إلى تأمين دخل مناسب للقضاة، لافتاً إلى أنها قامت بإعداد مشروع قرار لرفع التعويض القضائي وبما يناسب الأوضاع الحالية إلا أن الظروف المحيطة بالبلد وضرورة دعم الجيش والقوات المسلحة بالمقام الأول جعل الوزارة والحكومة تتريث في استكمال أسباب صدور التشريع اللازم لذلك حتى تتحسن الظروف، حيث صدر مؤخراً المرسوم التشريعي رقم 2 لعام 2018 والذي يقضي بزيادة التعويض 100% على الراتب المقطوع بتاريخ أداء العمل، والوزارة تعمل دائماً على تأمين متطلبات القضاة على كل الصعد وفق الإمكانات المتاحة.

تشرين

 

 

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات