مع استعادة سورية تدريجيا لإمكانياتها وقدراتها الاقتصادية، وهذا يتبلور يوميا بالمشاريع الصناعية التي تعاود إنتاجها من جديد وبالتوجه الحكومي نحو استثمار الثروات والموارد الطبيعية، فإن التحدي الأساسي الذي يواجه سورية بمؤسساتها ومختلف جهاتها العامة والخاصة يتمثل في إعادة النظر بكل طرق وأساليب توظيف الإمكانيات والقدرات الاقتصادية للبلاد واستثمارها بالشكل الأمثل، فمثلاً لم يعد مجديا أن يتم العودة إلى تصدير محصول القطن خاما كما كان يحصل لسنوات طويلة، ثم هل من المجدي أن يصار إلى تصدير الغاز الفائض عن الاستهلاك المحلي أو توظيفه في مشاريع خاصة ومن ثم تصدير منتجاتها للدول الأخرى، وغير ذلك من الثروات الوطنية.

ومثل هذا التوجه يحتاج إلى استراتيجية متكاملة تعمل عليها الحكومة بالتعاون مع القطاع الخاص، بحيث تنطلق من دراسة واقع الإنتاج الوطني وتطوره خلال السنوات القادمة، وحجم الاستهلاك المحلي وتطوره، إضافة إلى إمكانيات التوظيف والاستثمار الأمثل وتوافقه مع فرص التصدير والاحتياجات الخارجية.

أما فرص نجاح هذه الاستراتيجية ووضعها موضع التنفيذ الفعلي فإنها ستكون رهنا بجدية الجهود المؤسساتية للقطاعين العام والخاص والابتعاد عن المنطق التنظيري الذي حكم معظم الخطط والتوجهات الحكومية خلال السنوات السابقة، سواء قبل الأزمة أو خلالها، وعلى ذلك فهناك حاجة لبرنامج تنفيذ زمني مضبوط ومراقب بدقة، بحيث تخضع كل خطوة تنفيذية لتقييم واضح وصريح.

في هذه الحرب تأكد للسوريين أهمية ومحورية ما يمتلكونه من ثروات وموارد وإمكانيات طبيعية واقتصادية وبشرية وفنية، ولذلك فإن المحافظة عليها واستثمارها بأقصى حد يمكن هي أولوية في مرحلة إعادة الإعمار والبناء، وفي مواجهة أي محاولة جديدة للنيل من هذا البلد وحضارته وقيمه ومواقفه

سيريا ديلي نيوز


التعليقات