لا يمكن الوصول إلى تقديرات دقيقة ونهائية عن أوضاع العاملين السوريين الاقتصادية، ولكن الوقائع تفرض نفسها، والأرقام تحاول أن تواكبها وتقدر حجم الكارثة... فالأجر السوري اليوم هو واحد من أقل خمسة أجور عبر العالم، وقوة عمل العامل السوري تباع بسعر ظالم لا يمكن أن يستمر طويلاً...
، وبمناسبة عيد العمال نعيد التذكير ببعض الأرقام والنتائج الاقتصادية التي تدل على وضع الطبقة العاملة في سورية اليوم.

 

من يعمل ومن لا يعمل؟
تقدر الدراسات الدولية: أن قرابة 11 مليون سوري موجودون في سورية اليوم هم في عمر العمل، 5،5 مليون منهم جاهزون للعمل، ويعمل منهم فقط 2،6 مليون تقريباً ونسبة 53% منهم عاطلون عن العمل، أي: أن أكثر من نصف القوى العاملة السورية محرومة من حقها بكسب لقمة عيشها من خلال الأعمال النظامية. بينما حوالي 17% من القوى العاملة السورية تنشط في الميدان العسكري. وهؤلاء جزء من حوالي 6،1 مليون من السوريين في عمر العمل ولا يعملون.

*تقرير البنك الدولي_ حزيران 2017

 


 

 

الناتج... من يحصل عليه؟
ما ينتج عملياً داخل سورية كناتج محلي إجمالي، يتم توزيعه بالمحصلة بين الأرباح والأجور. وقد كان 25% من الناتج السوري البالغ قرابة 60 مليار دولار يوزع للأجور، و75% للأرباح. يحسب هذا التوزيع تقديرياً من خلال عدد العاملين ووسطي الأجور مضافاً إليه بعض جوانب الموازنة التي تخص الأجور، مثل: الرواتب التقاعدية، وتثبيت الأسعار وغيرها. وعملياً يتبين أنه في عام 2016 فإن كتلة الأجور قد بلغت 1360 مليار ليرة، وما يعادل في حينه 2،72 مليار دولار، وهي تعادل نسبة 11% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 89% للأرباح. وحوالي 23 مليار دولار في عام واحد. وإذا ما انخفضت تقديرات الناتج فإن هذه الحصة ممكن أن تكون 15% مقابل 85% للأرباح

 


 

 

العامل... على ماذا يحصل؟
يحصل العامل بطبيعة الحال على الأجر، وهو سعر قوة العمل، والذي ينبغي أن يرتبط بقيمة قوة العمل، أي: بقدرة العامل على تجديد قوة عمله. ما يعني تأمين الحاجات الضرورية لاستمرار هذه القوة وتطويرها، ليس للعامل فقط بل لمن يعيلهم من أفراد أسرته. ودون أن يحقق الأجر هذا الشرط الموضوعي، فإن التأثيرات تمتد لتطال معدل العمر الوسطي، ومستوى تغذية وتعليم ورعاية أطفال الأغلبية من أصحاب الأجور، ولكنها تنعكس اقتصادياً أيضاً وبشكل مباشر على أداء العامل في العمل، أي: إنتاجيته وهو الذي يخلق الثروة الجديدة ويدمج الآلات بالمواد، وبدون كفاءة قوة عمله فإن مجمل إنتاجية العملية تتأثر، فالأجور التي تقل عن الحاجات الضرورية، هي سرقة مباشرة من جهد العامل، بل ومن عمره الوسطي، ومن مستقبل أطفاله.
يقارب الأجر الوسطي في سورية اليوم 36 ألف ليرة سورية، بينما تقارب تكاليف المعيشة لأسرة من خمسة أشخاص: 300 ألف ليرة سورية. أي أن الأجر الوسطي يغطي 12% فقط من تكاليف العامل وأسرته التي يعيلها. وبينما ارتفعت تكاليف المعيشة الوسطية من 30 ألف ليرة في 2010 إلى 300 ألف ليرة في 2018، أي عشر مرات، فإن الأجر الوسطي ارتفع من 11 ألف ليرة إلى 36 ألف ليرة أي 3 مرات فقط.

 

 

ما الحل؟
يقترح البعض، أن زيادة الأجور وانخفاض الأسعار ستكون عملية تدريجية تلقائية مع توسع النشاط الاقتصادي، ولكن هؤلاء يتجاهلون حجم الكارثة الإنسانية السورية، ومستوى تدهور الأجور السورية.
لكي يحصل العمال على أجر يكفي حاجاتهم الضرورية ينبغي أن أن يتضاعف الأجر الوسطي 8 مرات، أو أن تنخفض الأسعار بالمقدار ذاته. فإذا ما زاد الناتج قد ترتفع الأجور وتنخفض الأسعار ولكن بوتيرة بطيئة، لأن كل زيادة في الناتج تتطلب حكماً زيادة في عدد العمال المشتغلين، وبالتالي تصبح الزيادة في الأجور موزعة على عدد أكبر. إن انتشال مجمل العمال السوريين من الفقر المطلق الواقعين فيه، حيث أجورهم لا تكفي حاجات غذاء أسرهم، يتطلب حكماً، أن يزداد الناتج والتشغيل، ولكن يتطلب بالضرورة أن تتقلص حصة الأرباح، وينتقل جزء هام من الدخل من الأرباح إلى الأجور.

جريدة قاسيون

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات