الحالة الاقتصادية المتدهورة نتيجة الحرب جعلتنا نعمل بشكل غير نظامي ومخالف للقانون ... هذا هو تبرير الفتاة ذو 35 من العمر والتي تلقب بـ " سحر" تتحدث  قائلة: منذ إعلان الدولة السورية على موقفها من تركيا وقطع العلاقات التجارية نتيجة مساندة تركيا للإرهاب بدأ عملنا بشكل غير قانوني وبشكل منظم رغم أنه فردي حيث نعمل على استيراد الملابس التركية وجلبها إلى العاصمة دمشق، بطرق عدة لم تطلها مساءلة الدولة بعد

تكمل سحر تتم عملية الشحن عبر البر عن طريق الحدود اللبنانية ويستغرق وصول البضائع مدة زمنية أقصاها ثلاثة أسابيع، أو جوًا إلى بيروت ومنها برًا إلى دمشق عبر سائقي السيارات الذي يعملون على خط بيروت- دمشق، وفيها تصل البضائع بعد يومين

تضيف الفتاة التي تعمل ببيع الألبسة التركية في دمشق عبر مواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك الشحن برًا يكون أقل كلفة من الشحن جوًا، إذ يُحسب الكيلو الواحد المشحون برًا بستة دولارات (ما يعادل 2500 ليرة سورية) حسب سعر الصرف اليوم 400 ليرة سورية ، أما الشحن جوًا إلى بيروت ومنها برًا إلى دمشق عبر نقطة المصنع الحدودية فيكلف تسعة دولارات (ما يعادل 3700 ليرة سورية) للكيلو الواحد

تؤكد سحر أنها تعمل منذ عام 2015 بهذه الطريقة ولم تصادفها أي مشكلة سواء بالشحن البري أو الجوي وفي حال تعرضنا لأي مشكلة فأن سائق السيارة يكون لديه اتفاق مسبق مع بعض موظفي الجمارك السورية  ، مبينة أن وزن البضائع المشحونة من بيروت إلى دمشق عبر سائقي السيارات لا تتعدى 30 كيلو بأجر لا يتعدى 100 دولار ليد السائق بحوالي 40 ألف ليرة سورية.

تضيف سحر في بعض الأحيان نتبع طريقة أسهل بكثير تجنباً لتعقيدات الجمارك والحدود ودفع تكاليف إضافية للسائق والعديد من المتعاملين معه ، وذلك من خلال الاتفاق مع فتيات مقيمات في تركيا ويترددن إلى سورية يسمح لهم نقل حوالي 30 كيلو للشخص وبهذه الحالة تُعامل الملابس على الحدود السورية على أنها ملابس شخصية قديمة ويختلف سعر الشحن بهذه الطريقة من فتاة لأخرى، إلا أنها بالمجمل تتراوح بين سبعة وعشرة دولارات للكيلو الواحد، الذي يحوي خمس قطع من الملابس تقريبًا

وزارة الاقتصاد تتكلم

من المتعارف عليه أن العلاقات السورية – التركية كانت منفتحة بشكل كبير بين البلدين قبل الأزمة السورية وقبل الاتجاه الذي اتخذته تركيا بدعمها للإرهاب ومشاركتها بسفك الدم السوري مما أدى إلى اتخاذ الدولة السورية العديد من الإجراءات والقرارات منها إيقاف الاتفاقيات التجارية التي كانت مبرمة بين البلدين ومنع التعامل بالبضائع التركية السوري بموجب قرار صدر في أيلول 2011، يقضي بفرض حظر واسع النطاق على الواردات التركية إلى البلد، ووفق بيانات وزارة الاقتصاد الخارجية في سوريا فقد تراجع  التبادل التجاري الرسمي بين تركيا وسورية بنسبة85%، لعام 2013 ومن بعدها توقف بشكل نهاي ولم يتم منح أي إجازة استيراد لحد يومنا هذا، كما صدرالقرار الحكومي عام 2015 «يحظر استيراد أو شراء أي مادة أو بضاعة أو تجهيزات ذات منشأ تركي كما يمنع قبول العروض التي يدخل في تركيبها أي مكون تركي»، مع تكليف جميع الجهات الرقابية بمتابعة تطبيق هذا القرار وللتأكيد في عام 2017 أي بعد عامين بالضبط كان قرار الحكومة الحالية أيضاً بتشديد الرقابة على ظاهرة تهريب الأقمشة التركية إلى الأسواق المحلية

كلام الوزارة كان واضح ولكن عند دخولك العديد من المحالات التجارية وشراءك مواد غذائية مكتوب عليها صنع في تركيا سيكون لنا تسأل حول الموضوع ...

الجمارك تشرح بشفافية  

مسؤول من الجمارك السورية أكد  وجود بضائع تركية في الأسواق السورية ولكن بشكل غير نظامي وهي مهربة وتدخل الأسواق بطرق غير قانونية مبرراً عدم تدخل الجمارك في مصادرة هذه البضائع عدم السماح للجمارك بدخول المحالات مثل السابق وفق القوانين الجديدة التي صدرت إلا بحال واحدة وهي وجود شكوى مقدمة عن وجود بضائع تركية تباع في محل كذا وهذا لم يحدث أبداً لأن جميع عمليات البيع والشراء تتم بشكل سري وليس على العلن .

يكمل المسؤول الجمركي، أكثر المحافظات التي تباع بها البضائع التركية هي حلب تليها اللاذقية وثم حماة وحمص دمشق ودرعا، مضيفاً نجد في حلب جميع المواد الغذائية والأدوية والملابس تركية المنشأ وذلك لأنها تدخل عبر المناطق التي تقع تحت سيطرت العصابات الإرهابية المسلحة ومعظمها موازية للحدود التركية وهذه المناطق لا تقع تحت سيطرة الدولة السورية ولا يوجد بها نقط جمركية تابعة للدولة فهي مناطق الغير أمنة تلك أصبحت ممرًا لعبور البضائع التركية من تركيا إلى الشمال السوري، عبر معبر باب السلامة ومعبر باب الهوى،و يوجد منفذان الأول هو عزاز والفوعة، ومنه تدخل إلى حلب ويوضع عليها ملصقات على أنها مصنّعة في سورية ثم تُطرح بالسوق، كما يوجد منفذ ثانٍ وهو من خلال سرمدة، عفرين ومن خلال المناطق التي يسيطر عليها الأكراد تنتقل إلى دمشق أو غيرها من المحافظات، وما ساعد على ذلك هو عدم وجود ضابطة جمركية في تلك البقعة ومنها إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة السورية.

تركيا تعترف بتهريب البضائع

جدل كبير أصبح بين وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك والجمارك وكل جنب منهم يرمي الكرة لتسجيل هدف الاتهام للأخر وليبرئ نفسه من موضوع البضائع المهربة المتواجدة في الأسواق وما بين النفي والتأكيد كان قد أكد رئيس غرفة التجارة والصناعة التركي نجم الدين زار أوغلو في تصريحاته الصحفية على أن  حجم البضائع التركية، تفيض بها الأسواق السورية ، حيث ازدادت صادرات المنتجات التركية التي تعبر الحدود إلى المناطق السورية شمالًا، بنسبة 48% خلال النصف الأول من العام الحالي، قياسًا إلى نفس الفترة من عام 2016

وقال أوغلو، بأن الصادرات التركية إلى سورية، و التي تمر عبر معبر “جيلوي غوزو” ارتفعت بنسبة 48% خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، قياسًا إلى نفس الفترة في عام 2016. وكشف زار أوغلو أن عدد شاحنات النقل الطويلة (التر) التي عبرت إلى سورية بلغ أكثر من 58 ألفًا مبينًا أن الطلب في ازدياد دائم وهي تقف في المنطقة الفاصلة بين الحدود، حيث يتم إفراغ حمولتها قبل أن تعود أدراجها إلى تركيا، بينما يتم نقل الحمولة إلى معبر باب الهوى السوري .

ورد على هذا التصريح اكتفى رئيس اتحاد غرف التجارة السورية غسان القلاع بحديثه يوجد العديد من القضايا التي لا نجد لها صدى كبيرا في الإعلام كالتهريب والتي تعد من الأسباب الكبرى لمشاكلنا الاقتصادية

داعيا إلى معالجة هذه القضية وأسبابها وتسهيل انسياب السلع في الأسواق بالطرق النظامية وتأمين احتياجات المواطنين وموارد للخزينة العامة للدولة

مبينا أن البضائع القادمة من ميناء مرسين التركي تدخل تهريباً من المحافظات الشمالية إلى كل مناطق سورية عبر محافظة حماة.

ضرر للدولة ..

وعن أضرار عمليات التهريب على الاقتصاد السوري يؤكد علي الأحمد محلل اقتصادي في تصريحه  أنه يتم إلحاق الضرر بالاقتصاد والمجتمع على السواء، ويتمثل كذلك على عدة مستويات، أولها في تخفيض إيرادات الدولة، إذ يتم التهرب من تسديد إيرادات مستحقة للدولة كرسوم جمركية، كما تتجسد آثاره في الإضرار بالمؤسسات الاقتصادية والفعاليات النظامية، وذلك من خلال عدم التكافؤ بين تكاليف المهرب وتكاليف المؤسسات النظامية. ويضر المجتمع لأنها تحرم الخزينة من رسوم تلك السلع المهربة، وبالتالي تقل الموارد التي من المفترض إنفاقها على الخدمات ذات النفع العام وتضر المجتمع من جهة أخرى لأنه غالباً يتم تهريب ما هو ممنوع وغير مراقب أو التي لا تسمح السلطات باستيراده نظامياً نظراً لأنها مخالفة وتتجسد أثاره في الأضرار الصحية التي تلحقها بعض المهربات التي ربما تكون منتهية الصلاحية، وكذلك في تداول سلع قد تكون محرمة دينياً وقانونياً، وبالتالي تسبب ضرراً صحياً وأخلاقياً إضافة إلى الضرر المادي

المخلص الجمركي الحلقة الأضعف ..

ويضيف الأحمد إن مكافحة التهريب مسألة مهمة جداً خاصة مع وجود رقابة ضعيفة في السوق الداخلية وبوجود هكذا نوع من الرقابة في الداخل ليس بالإمكان التقليل أو ضبط المهربات، مع ضعف الرقابة على الحدود وضعف أنظمة العمل الجمركي ويُضاف إليها التهرب الجمركي الذي يقدر بنصف الموازنة العامة سنوياً، والعجز في الموازنة العامة قد يصل إلى (25 %) أو (30 %) هذا يعنى أنه لو قام كل مستورد أو تاجر بواجباته وسدد ما هو مستحق عليه من رسوم على بضاعته للدولة، ولو قام كل موظف جمركي يعمل في الأمانات الجمركية بدوره بنزاهة وأمانة لما عانت الموازنة العامة من هذا العجز لا بل على العكس كانت ستزيد عن الموازنة الحالية بـ(25 %) على الأقل

ويرى الأحمد أن المخلص الجمركي هو أهم حلقة في عمليات التهريب لأنه غير ملحوظ، ويتم التهريب من قبله بإفتاءات تشريعية جمركية قانونية وذلك عندما تسمى الأسماء بغير مسمياتها وتوضع القيم بعيداً عن الحقائق ويتم التلاعب بالوثائق.

وقدر الأحمد أن  التهرب الضريبي عبر المنافذ الجمركية النظامية بأكثر من مئة مليار ليرة، أما التهريب عبر الحدود غير النظامية وعلى وسائط النقل البدائية والمعروفة هي أقل أهمية من تلك التي تهرب عبر المنافذ النظامية.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات