شاهدنا العديد من الجولات الحكومية التي زارت مدينة حلب الشهباء المحررة من الإرهاب منذ أكثر من عام ونقلت لنا  كاميرات الإعلام الحماس الذي قدمته الحكومة للصناعيين من أجل إعادة إعمار المصانع والمنشآت الاقتصادية المدمرة في حلب لتدوير عجلة الاقتصاد من جديد.

إحصاء أضرار.. وعود بيضاء ..تسهيل إجراءات .. خطط وقرارات واجتماعات وزارية وزيارات ميدانية، هذا ما حدث ووثق ضمن أوراق ووسائل إعلام مكتوبة ومرئية ومسموعة ولكن إلى أين وصلنا من كل هذه الزيارات والاجتماعات؟ وما هي حقيقة الصناعة وواقع الصناعي في حلب؟ وهل ستعود حلب القلب الاقتصادي لسورية مثلما كانت قبل سبع سنوات من الحرب تنبض بالإنتاج والتصدير.

لكن الوسط الصناعي في حلب ما زال بعد كل تلك الوعود منقسم على ذاته بين من يرغب في مواجهة المصاعب والتصدي للمخاطر والاستمرار في العمل وبين من بحسب الصناعيين الذين التقينا بهم، لقد انقسم الصناعيون في حلب بين الإصرار رغم أصابه اليأس مرة أخرى فأخذ يفكر في الرحيل مرة أخرى من هذه المدينة وخاصة بعد معاينته الأضرار التي لحقت بالمدينة والخيارات الضيقة التي أصبحت متاحة أمامهم.

 

ندرة الشباب والكهرباء أكبر المشكلات

يقول الصناعي مصطفى كواي، الذي بقي في حلب: إن أكبر المشاكل التي تواجهنا حالياً هي عدم توفر الأيدي العاملة من فئة الشباب أو الرجال، فمعظم الشباب قد هاجر خارج البلد، والبعض الآخر التحق بخدمة العلم، لا يوجد سواء الفتيات في سوق العمل وطبيعة عمل منشآتنا بتصنيع الجلديات لا يناسبها عمل النساء، إذ أن المرأة لا تملك الجهد العضلي المناسب له فهو يحتاج إلى عزم وقوة، وبالإضافة إلى ندرة اليد العمالة فإن الصناعي "كواي" يؤكد على وجود مشكل واضحة في أمدادات الكهرباء للمدينة ويقول: إن وضع الكهرباء ليس بخير أبداً وليس كما وعدت الحكومة به، فما زالت العديد من المنشآت الصناعية تولد الكهرباء من خلال اشتراكها مع مستثمر خاص حيث يتم توفير الكهرباء عبر مولد يعمل بوقود الديزل الأمر الذي يزيد من تكاليف الإنتاج كثيراً ويجعلنا رهينة للمستثمر، لقد سمعنا الكثير من الوعود حول وضع الكهرباء والمازوت ولكنها  ليست أكثر من وعود عبر وسائل الإعلام .

لقد تضافرت تلك المشكلات الداخلية للصناعة الحلبية مع مشكلة خارجية مرتبطة بظروف الحرب ألا وهي العقوبات الاقتصادية والتي أثرت من وجهة نظر الصناعي "كواي" بشكل كبير على عمل الصناعيين الحلبيين وعلى الزبائن الذين كانوا يتعاملون معهم قبل الحرب، فهؤلاء الزبائن لا يستطيعون المجيء إلى سورية بسبب ظروف الحرب كما أن تحويل الأموال أصبح صعباً جداً وكذلك الحصول على قطع الغيار اللازمة لعمليات الإنتاج والتصنيع.

رغم أن الحكومة تحث قطاع الصناعة على العودة للمناطق التي استعادت السيطرة عليها، ورغم تأمينها لخط  كهربائي مغذ لمدينة حلب ورغم تأمينها لمحيط المدن الصناعية ودعم البنية التحتية فيها، فإن بعض رجال الأعمال يعتقدون بأن الحكومة ما زالت  لا تبذل من الجهد ما يكفي لإعادتهم.

30% فقط من مازوت الدولة

منذ بداية الحرب، نقلت أغلب معامل حلب أعمالها إلى الأحياء السكنية في المناطق الآمنة حفاظاً عليها من الأضرار، لكن ذلك لم يسهل عملية حصولهم على مازوت «سادكوب» اللازم لعملية الإنتاج، وبحسب عضو غرفة صناعة حلب محمد زيزان، فإن المصانع لا تأخذ غير 30% من مخصصاتها من المازوت بحجة أن هذه المصانع مدمرة ومهجرة، وهذا ما يدفعهم لشراء المادة من السوق السوداء بأسعار تصل إلى حوالي 300 ليرة أحياناً، مضيفاً أن غرفة صناعة حلب قامت بإرسال عدة طلبات لمنح الصناعي المهجر مخصصاته بالكامل دون جدوى.

خسارة 87% من صناعات حلب

في الوقت الذي يؤكد به رئيس غرفة الصناعة بحلب  المهندس فارس الشهابي "على أن مدينة حلب هي عاصمة الصناعة وأنه إن لم تنهض الصناعة في حلب فلن يتعافى الاقتصاد السوري الأمر الذي يتطلب المزيد من الدعم ولاسيما في المناطق المحررة من الارهاب الذي دمر الصناعة الحلبية ونهب منشآتها وتحديداً منشآت المدن الصناعية

يؤكد الشهابي أنه منذ عودة الأمان لمدينة حلب فقد ارتفع عدد المصانع والورش ارتفاعا حاد  حيث كان عدد المنشآت العاملة بالمدينة قبل الحرب حوالي 65 ألفا وعندما خرج مقاتلو الفصائل الإرهابية المسلحة من حلب كان العدد 4 آلاف منشأة، لكنه زاد الآن ليتراوح ما بين 7 آلاف و8 آلاف منشأة بسبب استئناف رجال الأعمال لنشاطهم وتحديداً في المدن الصناعية" وهذا يعني أن حلب خسرت حوالي 87% من منشآتها الصناعية في فترة الحرب.

وأضاف الشهابي قائلاً: أنه تم رفع مذكرات للحكومة من أجل تقديم حلولاً إسعافيه فيما يخص مشكلة الوقود والمخصصات وتنظيم عملية الدخول والخروج من وإلى المناطق الصناعية الآمنة و قد تمت الإجابة عنها بشكل فوري لاعتماد الحلول المناسب لها.

نسيج حلب ينتجه 100 معمل فقط

الصناعي مجد الدين ششمان المستثمر في صناعة النسيج يؤكد أنه وبعد عام بعد مرور أكثر من عام على تحرير المدينة الصناعية، عاد الصناعيون الى مصانعهم وعاد أكثر من 380 مصنعا للنسيج للإنتاج من أ صل 1380 مصنعاً منتجاً قبل الأزمة، لكن هذا العدد قد تراجع الآن الى أقل من (100) معمل وذلك لعدة أسباب منها: نقص المحروقات والكهرباء والسرقات ومشاكل نقل البضائع، أي أن الصناعة النسيجية في حلب قد خسرت حوالي 93% من منشآتها خلال الحرب.

وقد أكد ششمان أن المشكلة الكبرى في قطاع النسيج تتمثل في هجرة المعامل والمصانع الى مناطق أخرى في سورية تكون أكثر أماناً من مدينة حلب والأخطر من ذلك كله هو هجرة المعامل الى خارج سورية ويتابع ششمان قائلاً: إني أرى أن هناك غياب لأي سياسة دعم للصناعة في حلب وغياب الدعم للمنتج الوطني أيضاً.

نقل ونهب وسرقة ورشاوي

يقول الصناعي عماد العبد الله للأيام لم يبقى في حلب صناعيين إلا القليل وهم لا يتجاوزوا ويعملون ضمن منشآت  صغيرة بعدما تمت سرقة منشآتهم الكبيرة خلال الأعوام السابقة فالمعامل التي تم تفكيكها ونقلها إلى تركي

 

نور ملحم

سيريا ديلي نيوز


التعليقات