ماذا يعني أن توافق اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء على مشروع قرار معد من وزارة المالية يُفوض وزير المالية بمنح المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية سلفة من أموال الخزينة الجاهزة بمبلغ قدره 3.5 مليارات ليرة شهرياً خلال عام 2018؟

 حسب وزارة المالية فإن هدفها تمكين المؤسسة من سداد الالتزامات المترتبة عليها لقاء منح التعويض المعاشي للمتقاعدين!

 ونستنتج من ذلك أن وزارة المالية تقدم يد المساعدة لمؤسسة التأمينات كي لا تقع في عجز يمنعها من تسديد رواتب المتقاعدين والمبالغ المترتبة على إصابات العمل !!

وبما أن وزارة المالية لا تتبرع مجاناً فإن المبلغ المعلن عنه 3.5 مليارات هو سلفة ستستردها الوزارة لاحقا!!

 ولكن..  أهذه المعطيات صحيحة.. أم أننا أمام لوحة ناقصة أو مشوهة؟

 

إذا عدنا لبيانات المؤسسة العامة للتأمينات فإننا سنكتشف بسهولة أنها ليست بحاجة إلى سلف وزارة المالية، وإنما لمساعدتها باسترداد ديونها المترتبة على الجهات العامة!

 

وهذه الديون “حرزانة” تتجاوز 200 مليار ليرة، لو استردتها المؤسسة ووضعتها في المصرف العقاري مثلاً كوديعة لتقاضت فوائد عنها بما لا تقل عن 22 مليار ليرة سنوياً، أما إذا استثمرتها بموجب الأنظمة النافذة فستكون الأرباح أكثر من الفوائد بكثير!

 

ماذا يعني هذا الكلام؟

 

يعني أن وزارة المالية تحرم المتقاعدين والذين تعرضوا لإصابات عمل من المليارات التي ترفض الجهات العامة سدادها من دون أن نعرف لماذا؟

 

بإمكان وزارة المالية تسديد هذه الديون بسهولة تامة من خلال اقتطاعها من اعتمادات الوزارات وتحويلها مباشرة للتأمينات الاجتماعية بدلاً من “تمنينها” بمنحها سلفاً متواضعة، فلماذا لا تفعلها وزارة المالية؟!!

 سبق لوزير مالية سابق أن قال منذ عقدين من الزمن للمؤسسة التي كانت تطالب بدين يتجاوز مبلغ 60 ملياراً: انسوه.. لن تستردوه.. لقد أطفأناه في الموازنة العامة للدولة!

 كما أن وزيراً آخر للمالية في تسعينيات القرن الماضي كاد أن يصادر أموال التأمينات وكأنها أموال عامة، كما كان يفعل حينها بودائع القطاع العام في المصارف، وكاد أن يفعلها مع التأمينات لولا إثارة الموضوع في جريدة البعث!

 ولم يكن بمقدور إدارات التأمينات أن تفعل شيئاً حيال  قرارات تعسفية بأموال “خاصة” بالعمال لا بوزارة المالية ولا الخزينة العامة للدولة، ولكن كان بإمكان نقابات العمال أن تضغط باتجاه استرداد أموال عمالها.. ولم تفعل شيئاً ملموساً حتى الآن.. فلماذا؟!!

 لنأخذ المؤسسات الخدمية كالكهرباء والمياه والهاتف والإسكان… ماذا يحصل عندما يتأخر المشترك بالسداد؟

 تُقطع عنه الخدمة ويُلغى اكتتابه ويُرغم على تسديدها مع الفوائد.. ترى لماذا لا ترغم وزارة المالية الجهات العامة على سداد ديونها للتأمينات مع الفوائد، أو تقتطع هذه الديون من اعتمادات الوزارات وتسديدها مع فوائدها مباشرة للتأمينات؟

 إن السلفة التي قررت وزارة المالية منحها لمؤسسة التأمينات بالكأد تغطي عوائد استثمار أو فوائد مبلغ الـ 225 ملياراً ديون المؤسسة على الغير!!

 بالمختصر المفيد: التأمينات الاجتماعية تحتاج إلى المساعدة باسترداد ديونها لا إلى إعانات وزارة المالية التي تتعامل مع المؤسسة بالمثل الشعبي “من دهنو سقيلو”!!

سيريا ديلي نيوز


التعليقات