يشير عدد من أصحاب الحرف الذين التقيناهم إلى إصرارهم على تعليم الجيل الجديد هذه الحرف لمنعها من الاندثار والضياع وهو ما أكده لنا الحرفي فادي الخيمي المختص بصناعة الأقمشة الدمشقية, حيث بين أن النول العربي القديم أو البروكار الدمشقي معروف عالميا ومطلوب من مختلف الدول لجماله وجودة صناعته وقد ورث هذه المهنة من والده الذي ورثها بدوره عن جده وهو حاليا يعلمها لابنه الصغير وأضاف أن البروكار عبارة عن قماش مصنوع من خيوط الحرير الطبيعي تدخل عليه مادة القصب الذهبية أو الفضية وله عدة نقشات منها (الوردة الدمشقية- الوردة الشامية -نقشة الكشمير- قشة الخيوط العربية..)

سمية إبراهيم الحرفية في مجال صناعة الحرير أشارت إلى تنوع المنتجات التي يصنعها الحرير الطبيعي كمناديل الرأس والبلوزات والشالات, ولفتت إلى أن محافظة طرطوس تعتبر الأولى على مستوى القطر في مجال تربية دودة الحرير, حيث تتركز التربية في مناطق (الدريكيش- صافيتا – الشيخ بدر – بانياس) وقلما كانت في الماضي قرية لا تقوم بهذه التربية أما الآن فقد اقتصرت التربية على بعض القرى في المناطق المذكورة, مشيرة إلى ارتفاع أسعار الحرير الطبيعي بسبب قلة الإنتاج.

وبدوره بيّن الحرفي حسان حواصلي عراقة صناعة البسط والسجاد على النول العربي القديم حيث توارث هذه المهنة من الأجداد وأضاف لن يتوقف إنتاج المد العربي، ومن الضروري أن يتعلم الشباب هذه الحرف الجميلة.

من جانبه, أوضح شيخ كار الحرف اليدوية التراثية في سورية عدنان تنبكجي أن الصناعات الحرفية تعتبر ضمن إطار الصناعات الصغيرة فهي تساعد على الحد من البطالة والاستفادة من كافة الموارد البشرية سواء الذكور أو الإناث اللواتي يستطعن أداء بعض الأعمال ضمن منازلهن وتالياً المشاركة في العملية الإنتاجية ما يعطي مصدراً للدخل. وأضاف: تتركز الأهمية الاقتصادية للحرف التقليدية على إمكانية خلق فرص عمل أكبر عن طريق تخصيص موارد أقل مقارنة بمتطلبات الصناعات الأخرى وقابليتها لاستيعاب وتشغيل أعداد كبيرة من القوى العاملة بمؤهلات تعليمية منخفضة. ومن هنا تأتي أهمية تدريب الشباب على الحرف ليقوموا بدورهم لتعليمها.

الحرفي لؤي شكو -صناعة الرسم على الزجاج أشار إلى قلة الأيدي الماهرة في الصناعات التقليدية لكون اغلب الناس باتوا يفضلون الصناعات الآلية لرخص ثمنها قياساً لأسعار الصناعات التقليدية وجاءت الأزمة وزادت الطين بلة نتيجة هجرة العديد من الحرفيين واستقطابهم من قبل الدول التي سافروا إليها وتقديم الدعم لهم, وأشار شكو إلى أن هناك 33 حرفة مهددة بالزوال منها البروكار وصناعة السجاد والبسط اليدوي والزجاج المعشق داعياً إلى تشكيل مجالس شيوخ الكار في المحافظات وتعميق وجودهم مع الأيدي الماهرة.

ولفت شكو إلى أن هناك نقاط ضعف في دعم هذه الصناعات ورعايتها وحمايتها من الضياع تتمثل بعدم قدرة الحرفيين على تأمين المواد الأولية اللازمة لصناعاتهم وعدم استقرار أسعار هذه المواد وعدم وجود أسواق لتصريف المنتجات.

علي المبيض معاون وزير الثقافة أشار إلى أن الصناعات التقليدية تشكل مكوناً رئيسياً للهوية الثقافية والحضارية لسورية وتشكل المهارات المتعلقة بالتراث الثقافي اللامادي.

وهناك أربع مدن سورية من أصل عشر مدن عالمية أدرجت في لائحة التراث العالمي كأقدم مدن عالمية وتشمل حلب ودمشق واللاذقية والرقة الأمر الذي يشير إلى عمق الحضارة السورية.

نجلاء الحافظ مديرة التنمية السياحية في وزارة السياحة أشارت إلى أن لدى وزارة السياحة استراتيجية وطنية للصناعات التقليدية والتراثية من أجل حمايتها ومنعها من الاندثار وذلك من خلال توعية المواطنين بأهمية هذه الصناعات وتأمين المواد الأولية للحرفيين التي يعاني الحرفيون من تأمينها نتيجة الحصار الاقتصادي المفروض على سورية وعزوف الموردين عن توريد المواد, إضافة إلى عدم وجود الزبائن لكون الصناعات التقليدية تعتمد على السائح الخارجي وتالياً انخفاض القدوم السياحي أثر بشكل كبير على مستوى الدخل لدى الحرفيين.

ولفتت الحافظ إلى أن البرنامج الوطني للتنمية المستدامة للصناعات التقليدية الذي أطلقته وزارة السياحة بالتعاون مع اليونيسكو خرج بمجموعة توصيات من شأنها حماية هذه الصناعات ومنعها من الاندثار من خلال السعي لإنشاء مدن حرفية تشمل كل الشباب لتدريبهم على الحرف التقليدية بإشراف شيوخ الكار والحرفيين البارزين, وأضافت الحافظ لا يمكن إغفال دور السفارات والجاليات السورية في الخارج لترويج الصناعات التقليدية, إضافة إلى إقامة صالات عرض داخلية وخارجية لتفعيل المشاركة الخارجية والداخلية ووضع ركن خاص للصناعات التقليدية.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات