قد يبرر للمشافي بحكم العقوبات الاقتصادية حصولها على مستلزمات العمل الطبي بأساليبها الخاصة، لكن ما لا يبرر على الإطلاق أن تكون هذه المستلزمات منتهية الصلاحية عبر تهريبها بأسعار بخسة والمتاجرة بها مستغلة حاجة المرضى عبر مضاعفة أسعارها على نحو جنوني، ما يجعل المواطنين، ولاسيما الفقراء منهم يدفعون ثمناً مرتين، مرة عبر دفع مبلغ كبير لقاء عملية «قثطرة» قد يكون تكبد الأمرين لتأمينه، ليدرك لاحقاً أنه دفع هذا المبلغ بلا جدوى صحية، ومرة حينما تسوء حاله بعد إجراء العملية لاكتشافه أن هذه المستلزمات منتهية الصلاحية بشكل يعرض حياته بأي لحظة للخطر، وهنا نتساءل: هل تحوّلت المشافي الخاصة إلى تاجر من الطراز الرفيع متخلية عن دورها الإنساني، بغية تحقيق أرباح كبيرة حتى لو على حساب صحة المواطنين عبر استخدام منتجات مهربة منتهية الصلاحية لتحقيق غايتها.
المورد نفسه!
هذا الكلام ليس اتهاماً يقال جزافاً من دون دليل، وإنما حقائق مثبتة أكدها مصدر مطلع في الضابطة الجمركية لـ«تشرين»، حيث بيّن أن الدوريات الجمركية قامت بناء على إخبارية بضبط شبكات دوائية وقثطرات قلبية منتهية الصلاحية في 3 مشافي خاصة، علماً أن المنتجات تورد لها من قبل مورد واحد، لافتاً إلى أن الضابطة الجمركية تتابع هذه القضية منذ 15 يوماً، وعند معرفة توقيت توزيع المورد لهذه المشافي، تم الدخول في وقت واحد من قبل الدوريات الجمركية بالتعاون مع مديرية صحة دمشق، وبناء عليه جرت مصادرة جميع المنتجات المخالفة من داخل غرفة العمليات وحجزها.
منتهية الصلاحية
وبيّن المصدر أنه نظراً لحساسية هذه القضية لكونها إنسانية وأخلاقية تمس صحة المواطن وسلامته، سيكون هناك تشدد كبير في الإجراءات المتخذة بحق المشافي المخالفة، حيث لن تتم المسامحة بأي قثطرة قلبية، ولاسيما أن المرضى يدفعون مبالغ كبيرة لقاء تأمين ثمنها، ليصدموا فيما بعد أن العملية غير ناجحة، فيعاودون إجراءها في مشفى أخرى، والسبب استخدام هذه المشافي شبكات وقثطرات منتهية الصلاحية، لافتاً إلى تعرض مواطنين كثر إلى هذا الاستغلال غير المسوغ أبداً ولاسيما من مشافٍ يفترض أن تركز على النواحي الطبية وليس التفكير فقط بالربح.
عقوبات مشددة
وعند سؤال المصدر الضابطة الجمركية عن منشأ هذه الشبكات والقثطرات أكد أن منشأها أوروبي، علماً أن الشركات المنتجة لها غالباً تكون راغبة بالتخلص منها لقرب انتهاء صلاحياتها، فيتم بيع القثطرة الواحدة بأسعار زهيدة تقارب 10 دولارات، بينما تباع هنا في المشافي الخاصة بـ800 ألف ليرة، أي أكثر من عشرة أضعاف سعرها مستغلين حاجة المواطنين لإجراء هذه العمليات، لافتاً إلى أن أحد المشافي قدّم البيانات الجمركية بغية التهرب من المخالفة، لكن حتى لو تم الالتفاف على المخالفة بهذا الإجراء، الذي سيتم التدقيق فيه كثيراً نظراً لخطورة هذه القضايا الإنسانية والأخلاقية، ستكون هناك مخالفة انتهاء الصلاحية، التي لا يمكن في أي حال من الأحوال التخلص من هذه المخالفة الجسيمة، لذا سيتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية بحق هذه المشافي الثلاثة، التي ستحال مخالفاتهم بموجب ضبوط موثقة إلى القضاء المختص بغية اتخاذ العقوبات اللازمة المشددة، فصحة المواطن وغذاؤه خط أحمر، لا يجوز في أي حال من الأحوال التهاون والتساهل به على ذمة المصدر في الجمارك.

سيريا ديلي نيوز- رحاب الابراهيم


التعليقات