منذ انعقاد الدورة 59 لمعرض دمشق الدولي في آب الماضي اتخذ المعنيون في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية عبر المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية قرارهم بنقل جميع المعارض التي ترغب شركات التنظيم بإقامتها إلى مدينة المعارض الواقعة على طريق مطار دمشق الدولي.

القرار لاقى قبولاً لدى البعض باعتباره تشجيعا لإعادة الحياة لمدينة المعارض التي تعد من أهم وأكبر مدن المعارض في المنطقة ولا سيما بعد الحضور الكثيف الذي شهدته خلال أيام معرض دمشق الدولي لكن عدداً من شركات تنظيم المعارض الخاصة اعتبروه قرارا “صادما” بحق المعارض التخصصية مسوغين رأيهم بعدد من الأسباب التي عملت على عرضها في التقرير التالي مع وجهات نظر الأطراف الأخرى.

ففي الوقت الذي أبدت فيه وزارة الاقتصاد استعدادها لتقديم كل الدعم اللازم والتسهيلات الممكنة لأي معرض يقام على أرض مدينة المعارض وفق بيان لها اعتبر مدير عام مجموعة مشهداني الدولية لتنظيم المعارض خلف مشهداني أن هذا الإجراء تنقصه الدراسة المعمقة لواقع المعارض التخصصية خاصة تلك التي لا تحتاج أكثر من 600 م2 لتنفيذها.

شركات التنظيم: هنغارات مدينة المعارض ذات مساحات كبيرة وهذا يؤثر في المعارض التخصصية

كما رأى مدير مؤسسة الباشق للمعارض تامر ياغي في تصريح أن إقامتهم معرض إعادة إعمار سورية على أرض مدينة المعارض بعد هذا القرار كان “تحديا وواجبا وطنيا” لإعادة افتتاح المدينة لكنه لا يخفي اعتقاده بأن قرار النقل “خاطئ” كون معظم الهنغارات “الهولات” في مدينة المعارض ذات مساحات كبيرة وهذا يؤثر في المعارض التخصصية التي يستحيل أن يصل حجمها لهذه المساحات.

مدير مؤسسة المعارض والأسواق الدولية فارس كرتلي حاول تبديد مخاوف شركات التنظيم خلال تصريحه بقوله “بعض الشركات قد تخاف من تكلفة حجز قاعة ضمن مدينة المعارض مساحتها قد تصل ل 2000 متر مربع أو أكثر بينما معرضها لا يحتاج سوى 600 متر مربع لكننا قدمنا كل التسهيلات ولن نحاسب أي شركة مالياً إلا على المساحة الحقيقية التي يشغلها معرضها” مضيفاً “لدينا أجنحة متنوعة المساحة تتراوح من 200 م2 إلى 4500 م2”.

من جهة أخرى اعتبرت شركات التنظيم أن إصدار هذا القرار بالإضافة لبعد مدينة المعارض عن دمشق سبب إحجاماً عن المشاركة في المعارض من قبل رجال الأعمال أو الزوار بالتالي عدم تحقيقهم لأي أرباح في حين أوضح كرتلي أن مؤسسة المعارض ستعمل بالتعاون مع وزارة الإدارة المحلية على تأمين باصات لنقل الزوار من وإلى مدينة المعارض إلى جانب تأمين كل النواحي اللوجستية اللازمة لإنجاح هذه الفعاليات مؤكداً أن عشرات المعارض تم تثبيتها خلال العام الحالي 2018 ووصل عددها الى نحو 28 معرضا تتضمن عشرات الشركات التخصصية.

البحث عن سبل زيادة عدد الزوار والمكان الذي يلعب دوراً مهما في زيادة المشاركة هو هدف شركات التنظيم التي أكدت أنها ليست ضد تفعيل إقامة المعارض في المدينة ولكن ليس بالمعارض التخصصية التي عادة ما تكون أقل مشاركة وزواراً من المعارض العامة.
كرتلي: قدمنا كل التسهيلات الممكنة من ناحية التجهيزات والبنى التحتية

ولدى تساؤل عدد من الشركات عن سبب اتخاذ مثل هذا القرار في هذا الوقت رغم أن العديد من المعارض التخصصية ذات المساحات الصغيرة كانت تنظم داخل العاصمة دمشق قبل الأزمة التي تتعرض لها سورية أوضح كرتلي أن المدينة قبل الظروف الراهنة كانت ممتلئة بالحجوزات على مدار العام ولم يكن هناك مانع من إقامة بعض المعارض داخل دمشق لكن الآن لا مبرر لإقامة هذه المعارض خارج المدينة التي أنشئت لتكون “خاصة بالمعارض” أياً كان نوعها.

وأكد كرتلي أن الموضوع نوقش سابقاً قبل إصدار القرار بشكل إفرادي مع شركات التنظيم مضيفاً “نحن لسنا طرفاً ضد شركات تنظيم المعارض بل على العكس نحن وإياهم متكاملون ومدينة المعارض مدينتهم وقدمنا كل التسهيلات الممكنة من ناحية التجهيزات والبنى التحتية وطلبنا منهم مساعدتنا لإعادة ألقها والنشاط المستمر فيها”.

وزارة الاقتصاد بينت في بيان لها أن عام 2018 سيكون “عام المعارض بامتياز” نظراً للنجاحات المحققة عبر المعارض المقامة على أرض مدينة المعارض خلال العام الماضي وما أمنته مؤسسة المعارض بدعم الوزارة من تسهيلات لكل المعارض الراغبة بالحجز.

وكان من المقرر تطبيق قرار نقل جميع المعارض إلى مدينة المعارض منذ بداية عام 2017 لكن نتيجة تردد عدد من شركات التنظيم ومجلس إدارة الجمعية السورية للمعارض كون أصحاب الشركات كانوا حجزوا أماكن إقامة معارضهم في عدد من فنادق دمشق وتم الإعلان عن أماكنها وتوزيع البروشورات والمخططات التسويقية وثبتت العديد من الشركات مشاركتها فكان من الصعوبة إلغاء هذه التجهيزات مباشرة وبناء عليه تم تأجيل قرار وزارة الاقتصاد إلى ما بعد انعقاد الدورة 59 من معرض دمشق الدولي لتكون انطلاقة الأنشطة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية على أرض مدينة المعارض حسب تصريح سابق لوزير الاقتصاد والتجارة الخارجية.

بالمحصلة لا يمكن نكران دور المعارض التخصصية التي ساهمت بإيصال رسالة للخارج بأن سورية مازالت مستمرة بالعمل والإنتاج رغم الإرهاب الذي تتعرض له لكن بين طلب شركات التنظيم ترك الحرية لهم باختيار أماكن إقامة معارضهم وبين إصرار المؤسسة العامة للمعارض على نقل جميع المعارض إلى المدينة لتشجيع صناعة المعارض وتطوير نموها وفق كرتلي الذي قال “لا يمكن أن يبقى المعرض ذو مساحة صغيرة مهما كان نوعه يجب أن ينمو ويتطور وبالتالي يحتاج لمساحات أكبر” بين كل هذه الآراء تبقى مدينة المعارض كغيرها من أراضي الوطن التي تعرضت للإرهاب وتداعيات الحرب والتي تحتاج لتضافر جهود أبنائها وبذلهم التضحيات على المستوى المادي والجهدي لتعود كما كانت “درة معارض الشرق الأوسط ونافذة الاقتصاد السوري على العالم” وهذا لن يتم دون تشجيع الحركة من وإلى المدينة.

سانا

سيريا ديلي نيوز


التعليقات