تعودت بعض المصارف أن يأتي المقترضون إليها ونادراً ما قامت بتسويق منتجاتها لديهم.

وعندما أزال المصرف المركزي في 2017 قيود الإقراض عن المصارف العامة ورفع سقف الإقراض إلى 500 ألف ليرة لمصرف التوفير والتسليف تمكنا من إقراض عشرات المليارات بأشهر قليلة.
وفي ظل التعثرات المصرفية في السنوات السابقة أصبحت معايير التسليف التي وضعها المركزي ضرورة قصوى حيث كان الحرص على تخصيص نصف الإقراض في كل مصرف لأغراض إنتاجية. أما أولويات الإنتاج فقد وضعتها وزارة المالية بالتعاون مع وزارة الصناعة.
أما مفهوم رصيد المكوث فقد ظهر ليؤكد على أن المصرف لم يوجد ليأخذ التاجر أو الصناعي القرض ولا يعود إلا لتسديد الاقساط! يؤكد رصيد المكوث أنه كلما أودع المتعامل جزءاً أكبر من حصيلة نشاطه في المصارف تزايدت حظوظه بالاقتراض منها. مما يتطلب متابعة المتعاملين عن ذوي الأنشطة الفعلية القادرة على توليد تدفقات نقدية دورية تبرر الإقراض الحالي والمستقبلي.
نظرا لتقاعس العديد من المصارف في شرح حقيقة ضوابط التسليف الجديدة لمتعامليها، صدر التعميم 489 في 20\1\2018 وتأجل تطبيق رصيد المكوث حتى نهاية العام. وأصبح بذلك بمقدور المصارف الراغبة بالتسليف إقراض أكبر عدد من المقترضين خلال 2018 مما يتطلب التركيز على:
1. المشاريع الجديدة لأنه لم يكن لها يوماً علاقة برصيد المكوث
2. تمويل المستلزمات السلعية (رأس المال العامل) للمشاريع القائمة ذات الملاءة
3. إقراض الحرفيين والمهنيين المليئين
وهي جهود تتطلب التأكيد على مختلف المقترضين عند توقيع عقود الاقتراض الجديدة أن إيداع حوالي 10% من إيراداتهم (ما يعادل ربحهم مع إمكانية سحبه عند الضرورة) في نهاية كل أسبوع أو شهر سيسمح بتجديد التسهيلات بالعام التالي وكلما أودعوا أكثر زادت فرصهم بالاقتراض.
بانتظار تفعيل القروض السكنية (فور الانتهاء من التحضيرات الجارية عليها خلال الأشهر القادمة) لا بد أيضاً من التأكيد على أن 11 شهراً بدون رصيد مكوث أكثر من كافية كي تثبت المصارف العامة قدرتها على خدمة الموظفين بقروض شخصية (نأمل أن يكون بينها القروض السكنية خلال الأشهر القادمة فور انتهاء ضوابطها).
والأمل كبير بأن يتفهم الجميع أن مهلة سنة أكثر من كافية كي تشرح جميع المصارف للمتعاملين معها أن رصيد المكوث سيكون اعتبارا من عام 2019 شرطاً ضرورياً كي تكون الأولوية بالإقراض لمن يتعامل مع المصارف ويظهر حقيقة نشاطه النقدي والتجاري أو الصناعي لها. وهنا لا بد من التاكيد على أن عام 2018 نأمل أن تتكلل به جهود المصرف المركزي بالنجاح في استكمال مختلف مكونات بنية الدفع الإلكتروني التي يعمل عليها منذ أكثر من سنة. وفي حال تمت الأمور على خير فسيكون من أهم نتائجها أن رصيد المكوث سيكون محققاً تلقائياً من خلال المحافظ الإلكترونية وعمليات الدفع الإلكتروني. التي ستبدأ ملامح ظهورها بالتدريج من خلال مخطط العمل الذي يرسمه مصرف سورية المركزي لنشر قنوات وأدوات الدفع الإلكتروني في الأشهر والأعوام القادمة.
أخيرا لا بد من التذكير بأن بنية الدفع الإلكتروني التي اقترحها مصرف سورية المركزي عام 2017 ستكون مقدمة لتغيرات جوهرية وتحسين مستوى المعيشة لكافة السوريين في السنوات القادمة. وسيتم خلال العام الحالي إجراء العديد من الملتقيات والحملات الترويجية اللازمة لمواكبة هذه التغييرات الجوهرية.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات