آخر قرارات الإعفاء، التي هزت الحرم الجمركي أمس، كان إصدار قرار من وزير المالية، بناء, على اقتراح من مدير الجمارك العامة، إعفاء الآمر العام للضابطة الجمركية، من دون تحديد مكان عمله الجديد، مع تعيين آمر عام جديد من خارج الضابطة الجمركية، وهنا تتفاوت الآراء بشأن القرار الجديد، فمنه من يراه إجراءً إدارياً روتينياً، كأي قرار آخر، ضمن التنقلات الإدارية التي حصلت مؤخراً، وآخرون عوّلوا عليه من أجل إصلاح حال الضابطة الجمركية بينما يجري الحديث أن القرار جاء بسبب وجود حالة من عدم الوفاق بين الآمر العام للضابطة الجمركية والمدير العام، الذي اتهم من قبل العديد من ضباط الضابطة الجمركية في التفرد بالقرارات من دون الرجوع إلى مجلس الضابطة، الذي يعد رئيسه في حين يتولى الآمر العام منصب المعاون، لذا بناء عليه, لا يجيز القانون لمدير عام الجمارك إصدار أي قرار من دون موافقة بقية الأعضاء على أي قرار نقل يخص الضابطة، وبناء عليه حسبما يؤكد مصدر مسؤول في الضابطة الجمركية فإن جميع القرارات الصادرة وخاصة فيما يتعلق بتنقلات الضابطة الجمركية باطلة قانونياً مادامت لم تحظ بموافقة بقية أعضاء مجلس الضابطة، المعطل كلياً في هذه الفترة، بسبب تفرد المدير العام بإصدار القرارات.

لماذا عطل مجلس الضابطة؟

وبين المصدر أن مجلس الضابطة، يفترض أن يجتمع كل 15 يوماً أو كلما استلزمت الضرورة عقده، لكن منذ حوالي العام لم يجتمع سوى ثلاث مرات فقط، ما يعني أنه لم يعد له وجود إطلاقاً على الرغم من أهميته في حل مشكلات الضابطة الجمركية والقضايا التي تواجهها أثناء عملها، حيث كان يسهم في إيجاد حلول سريعة لها تنعكس إيجاباً على أداء عناصر الضابطة إدارياً وعلى أرض الميدان عبر مكافحة التهريب ومخالفة المهربين ورفد الخزينة بمليارات الليرات، لكن للأسف اليوم مجلس الضابطة غير مفعل إطلاقاً، والكلام -لمسؤول في الضابطة الجمركية-، وذلك بناء على توجه واضح من مدير عام الجمارك لإلغائه، متسائلاً: ما الغاية من تعطيل هذا المجلس المهم، الذي يقوم على المشاركة في اتخاذ القرار، إذا لم يكن الهدف التفرد في إصدار القرارات من دون الرجوع إلى المجلس والتشاور مع المعنيين في الضابطة الجمركية، العارفين بمشكلات وهموم الضابطة، فكما يقال، أهل مكة أدرى بشعابها.

الحق على الضابطة!

يحمِّل المصدر المسؤول في الضابطة مسؤولي الضابطة المسؤولية الأكبر لما وصل إليه حال الضابطة الجمركية، بسبب تخليهم عن صلاحياتهم بالتدريج لضمان البقاء في مناصبهم، والحفاظ على المكاسب المادية الكبيرة، التي يحصلون عليها من جراء الجلوس على هذه الكراسي المهمة، ما أعطى المجال لمدير الجمارك في الاستحواذ على القرار، وعدم الرجوع إلى مجلس الضابطة في أي قرار يصدره، ليستدرك حديثه بالقول: هذا الأمر واقع بات معروفاً للجميع بدليل العدد الكبير للمنقولين حالياً من الضابطة الجمركية وحتى الإدارة العامة، لكن في المقابل بات كل مدير أو موظف يخشى على نفسه من النقل إلى مكان آخر بسبب أو من دون سبب مادام لا يتوافق مع توجهات مدير الجمارك، الذي يغلق على نفسه الباب ولا يقابل أي موظف، مع التأخر في حل الكثير من القضايا التي قد تبقى أياماً بداعي الاطلاع والمذاكرة، ما خلق حالة من عدم الرضا الجماعية بينه وبين الضابطة الجمركية وحتى مسؤولي الإدارة العامة وموظفيها أيضاً.

هذا الواقع لمسناه جدياً طوال الفترة الماضية عند محاولة الاستفسار عن أي معلومة نحصل عليها، حيث يمنع إعطاؤنا أي معلومة حتى من قبل المكتب الصحفي من دون الرجوع إلى المدير العام، الذي تستحيل مقابلته، إلا للشديد القوي وحسب رغبته، كما لحظناه عند إجراء عدد من المقابلات مع عدد من ضباط الضابطة الجمركية، وبعض مسؤولي الإدارة العامة، الذين أبدوا حذرهم الشديد في انتقاء الكلمات للتعبير عن ذلك، بمن فيهم الذين شملتهم التنقلات الجديدة، علماً أن المديرين الجدد لا يملكون كفاءات وخبرات أفضل من المديرين المنقولين وخاصة في مراكز حساسة ومهمة تتطلب مديرين بصفات إدارية وقيادية، فهل تم تحقيق هذا الشرط في التنقلات الجديدة أم أنه تغيير لمجرد التغيير فقط.

هل حققت هدفها؟

نسأل المصدر المسؤول عن عدد المنقولين من الضابطة الجمركية فقط، ليؤكد المصدر المسؤول أنه لا يوجد رقم دقيق لكنه تجاوز المئة، وعموما ًلم يبق مكان في الضابطة الجمركية إلا قد طالته التنقلات، من دون النظر إلى الكفاءة والخبرة، ليتساءل: هل حققت التنقلات التي حصلت الغاية منها كما يروج؟ فاليوم الحقيقة أن واقع الضابطة الجمركية ليس في أفضل حاله، إذا لم نقل في أسوأ حالاته، ليعول على الآمر العام الجديد في تغيير هذا الواقع، فاليوم يتطلب إصلاح حال الضابطة الجمركية وجود قائد يسهم في عودة الضابطة الجمركية إلى ما كانت عليه، لافتاً إلى أن إحدى إشارات تعيين الآمر الجديد الاحتفاظ بمنصب الآمر العام, على اعتبار أنه بموجب قانون الجمارك الجديد قد يلغى هذا المنصب ليكون هناك مدير واحد يدير الجمارك العامة.

تشرين

سيريا ديلي نيوز


التعليقات