جدل كبير أثاره قرار اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء القاضي بإلغاء حصر تصدير الصوف باسم الشركة العامة لأصواف حماة, بعد أن كانت اللجنة المذكورة قد وافقت سابقاً على شروط عقد وقعته شركة أصواف حماة مع شركة تجارية خاصة يمنح الأخيرة التفرد بتصدير الصوف مع بقائه تحت اسم الشركة العامة لأصواف حماة, مقابل تعهد الشركة الخاصة بتقديم مجموعة من الميزات يأتي في مقدمتها تحقيق أرباح لا تقل عن 4 مليارات ليرة لمصلحة الشركة, إضافة إلى رفع أجور العمال إلى 80 ألف ليرة شهرياً لكل عامل, ناهيك عن تعيين 500 عامل جديد وإضافة خط إنتاج جديد في شركة أصواف حماة.
مصالح خاصة
قرار إلغاء الحصر السابق أثار حفيظة عمال الشركة, فرفعوا مذكرة لإعادة النظر في القرار إلى اتحاد عمال حماة, وذلك أكده مصدر في الاتحاد العام لنقابات العمال، مبيناً أن إلغاء الحصر جاء بناء على طلب خمسة تجار صوف ويلبي مصلحتهم الخاصة من دون الأخذ بالحسبان الميزات والفرص التي يقدمها العقد المذكور بدءاً من تحسين واقع إنتاج الصوف مروراً بتحسين الواقع المعيشي للعمال وصولاً إلى تحقيق الأرباح ورفع مستوى المنتج .
وتساءل المصدر مستهجناً «هل قدّم أولئك التجار يوماً ما لمنتج الصوف والعاملين فيه قليلاً من الميزات التي كان سيقدمها العقد المذكور في حال تمت مواصلة العمل فيه»؟.
أسلوب آخر
مجيء قرار اللجنة بناء على شكاوى عدد من التجار أكده  مدير عام الشركة العامة لصناعة الصوف والسجاد في حماة يحيى عسكر كاشفاً لـ«تشرين» أن واقع العمل في الشركة كان أفضل بموجب العقد, سواء لجهة كمية الإنتاج أو على صعيد الأرباح ومدى الاستفادة المادية للعامل, ولدى السؤال عن موجبات القرار اكتفى عسكر بالتأكيد على أن قرار اللجنة الاقتصادية بإلغاء حصرية التصدير جاء بناء على معطيات تتعلق باللجنة لا يعرفها المدير الجديد ولا يمتلك عنها أي فكرة, لكون _ حسب تعبيره _لم يمض على تسلمه مهام إدارة الشركة سوى شهرين, وكل ما يعرفه عن الأمر هو إرسال المدير السابق كتب ومراسلات إلى المؤسسة العامة للصناعات النسيجية ووزارة الصناعة شرح فيها ميزات العقد المذكور ومدى تأثير إلغائه على واقع العمل في الشركة . إلا أن قرار اللجنة بإلغاء الحصر بقي سارياً, وعليه التزمت الشركة العامة لأصواف حماة بتنفيذه, مع محاولة تطوير عمل الشركة بأسلوب آخر من خلال تصنيع خيوط جديدة وإنتاج خطوط إنتاج جديدة، والبناء على مجموعة من المعطيات أبرزها إنتاج خيط لمعامل الدفاع, وخيط للقطاع الخاص والبدء بمشروع خط إنتاج غير نمطي للقطاع الخاص, هو حالياً قيد التجارب القائمة على الخيوط الجديدة وإمكانية تحديد مواصفاتها و قياساتها بالتزامن مع الأخذ بالحسبان إمكانية بيع و تسويق المنتج.
وبيّن عسكر أن نسبة تنفيذ الخطة الإنتاجية لعام 2017 في معمل الصوف وصلت إلى 80% في آخر إحصائية للأرقام , حيث تم فرز 978 طناً من الصوف وغسيل 1045 طناً وصبغ 132 طناً وغزل 127 طناً, ومعظم صعوبات الإنتاج – حسب مدير شركة الأصواف- تتمثل بقلة اليد العاملة وصعوبة تأمين الأصواف التي لجأت الشركة إلى تأمينها من خلال التعاقد مع شريك خاص تم على إثره توريد 600 طن من الصوف خلال السنة الماضية.
نزعة احتكارية
لم تكذب غرفة تجارة حماة خبر رفعها معروضاً باسم عدد من تجار الصوف في حماة إلى رئاسة مجلس الوزراء طلبوا فيه إلغاء حصر التصدير بالشركة العامة لأصواف حماة, إذ ينتقد المعروض  حصر تصدير الصوف بتاجر واحد «بهدف الاحتكار» وفق ما جاء في المعروض الذي طالب التجار من خلاله إعادة النظر بوضع بضائعهم المكدسة في المستودعات بسبب حصر التصدير باسم الشركة العامة لأصواف حماة, وبيّن أحد تجار الصوف لـ«تشرين» أن المشكلة الحقيقية بدأت بــصـدور تعليمــات وزارة الاقتصـاد والتجارة الخارجية بمنع تصدير الصوف بأنــواعــه دون الـحصول على مـوافقـة شركــة أصواف حمــاة العامــة ليتبين لاحقاً أن المنع هو تلبية لشروط العقد رقم 4 تاريخ 13-4-2017 الموقع بين شركة الصوف وشركة تجارية. وذلك مخالفاً لقوانين المنافسة الشريفة والتشاركية والاستثمار, موضحاً أن الاتفاق بين أصواف حمــاة والمسـتثمـر الخــاص يتضمـن صفــة احتكارية بتحديد سعر غير قابل للمنافسة وإذعان بالبيـع الـحصري وتاليــاً اضطرار التجـار لتهريـب البضــاعة أو تـكديسها أو الرضوخ لرغبــة المحـتكـر، متسائلاً كيف ستكفل الدولة حماية المنتجين والمستهلكين وترعى الاستثمار وتمنع الاحتكار في مختلف المجالات الاقتصـاديـة إن كـان القطاع العام بتعاقداتـه يكرس الاحتكــار وكيف ستضبط الحكومــة النزاعـات الاحتكاريـة في الســوق وتعزز فرص التنافسية في الاقتصاد الحقيقي إن كان القطــاع العــام هو من يحفز النزعـة الاحتكارية.
شرخ كبير
يمكن القول: إن التصريحات السابقة تدل بشكل صارخ على وجود شرخ كبير بين مصالح تجار الصوف من جهة ومصالح العمال في الشركة العامة للأصواف من جهة أخرى, وإن كان لسان التجار يتحدث بمنطق التشاركية وتحقيق المصالح المتبادلة بين القطاعين العام والخاص, فلماذا لم نسمع عن اي ميزات قدمها أولئك التجار لقطاع الصوف والعاملون به خلال السنوات التي لم يجر فيها حصر ما بتصدير المنتج , وهل التجار الذين طالبوا بفك الحصرية يقبلون ولو كانوا مجتمعين بتقديم بعضاً من ميزات العقد للعمال مقابل فك الحصرية, وإن كان قرار اللجنة الاقتصادية بالرضوخ لمطالب التجار وفك الحصر صائباً, فمن يرضخ لمطالب العمال الذين اختطف القرار زهوة ابتهاجهم بواقع معيشي أفضل، ولماذا يتم تجاهل مطالبهم حتى على مستوى الرد عليها بالرفض أو القبول .

تشرين

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات