يشغل العمل التطوعي حيزا مهما في نشاط المجتمع الأهلي السوري واستطاع أن يكون فاعلا في مجالات الإغاثة والتنمية والصحة والثقافة وغيرها ليكون شريكا في تحقيق التنمية ضمن مجتمع متكافل وسليم.

وشكلت ثقافة التطوع في المجتمع السوري خلال سنوات الأزمة رديفا لعمل المؤسسات الحكومية حيث تم استثمار الطاقات البشرية بكفاءة وترسيخ قيم المواطنة عبر مبادرات إنسانية تطوعية تنموية وتوعوية أسهمت بتخفيف وطأة الأزمة وتداعياتها على المواطنين.

ويحمل التطوع معنى خاصا في سياق عمل منظمة الهلال الأحمر العربي السوري مع تجربة تمتد على مدى 75 عاما واكب خلالها المتطوعون احتياجات المجتمع السوري على اختلاف الظروف والأزمنة ولعل عملهم بات أكثر وضوحا خلال سنوات الأزمة حيث أعلنوا استجابة متعددة في عدة قطاعات من الصحة إلى التعليم والإغاثة والغذاء والزراعة والمياه وصولا إلى دعم سبل العيش.

وفي اليوم العالمي للتطوع الذي يصادف الخامس من كانون الأول من كل عام تكثف المنظمة تجربة نحو 8 آلاف متطوع من خلال حملة أطلقتها اليوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعنوان (على طريق الإنسانية باقون) تتضمن رسائل للمتطوعين وكلمات تعبر عنهم حيث رأى خالد 25 عاما أن التطوع بالنسبة له هو مفهوم آخر للحياة بينما قال حارث 26 عاما إنه ينسى التعب والانتظار عندما يرى سعادة الأسر التي يساعدها أما أحمد فاستمد من عمله الأمل بعد حزن أصابه من الدمار الذي تعرضت له مدينته حلب.

رئيس منظمة الهلال الأحمر العربي السوري خالد حبوباتي وجه رسالة للمتطوعين في هذه المناسبة عبر فيها عن شكره لهم وفخره بما يقدمونه لتلبية احتياجات الناس.

وكانت المنظمة فقدت 63 متطوعا استشهدوا أثناء قيامهم بواجبهم الإنساني لتلبية احتياجات المتضررين جراء الحرب الإرهابية على سورية.

من جانب آخر اخذت الجمعيات والمبادرات التطوعية دورها بشكل ملحوظ في الفترة الماضية بهدف حل المشكلات وتجاوز التحديات وتحويلها إلى فرص تساهم في ارتقاء الإنسان السوري.

مشروع “بادر” التنموي نموذج للعمل التطوعي وحسب المسؤول عنه عبد الحفيظ القسطي فان تجربة العمل التطوعي تشكل علامة فارقة ومنعطفا هاما بحياة كل فرد مشيرا إلى اختلاف العمل التطوعي في سورية خلال الحرب حيث أصبح أكثر مسؤولية وحماسا ينبع من مبدأ الاعتماد على الذات لمساندة ومساعدة الآخرين لاجتياز المحنة والأزمة.

وأشار القسطي إلى العديد من الفرق والمبادرات التطوعية المنبثقة عن مشروع بادر التنموي والتي شهدت تزايدا في عدد المتطوعين والأفكار مبينا أن العمل التطوعي بدأ يأخذ مسارا جديا وملموسا وتحول جزء كبير منه لمشاريع واقعية تقدم فرص عمل حقيقية ونشاطات احترافية لها دور كبير بتحسين الحالة الاجتماعية.

بدوره يرى المتطوع نبراس عبد الله أن التطوع محرك كبير يساهم بتخفيف الوجع والمعاناة وتنمية مهارات الفرد معتبرا تجربته في العمل التطوعي مرحلة مهمة في حياته وتكوين شخصيته جعلته فاعلا في المجتمع ومؤثرا فيه.

من جهته يرى الدكتور بهجت عكروش من تجمع سورية الأم أن التطوع حالة متطورة تنم عن فكر مجتمعي منفتح وهو حالة مهمة وضرورية في كل الظروف مشيرا إلى ضرورة احتواء وتنمية قدرات الشباب وتدريبها وتقديم رؤى جديدة ومتطورة وتجميع هذه الطاقات وتوظيفها بالمكان الصحيح.

وحول مستوى وعي المجتمع السوري بثقافة التطوع بين الدكتور منير عباس رئيس مجلس إدارة جمعية الموارد البشرية أنها ثقافة موجودة بصلب بنية المجتمع السوري تحت مسميات عديدة وظهرت مؤخرا بشكل أكثر حرفية ومهنية وأخذت دورا مكملا لعمل القطاعين العام والخاص.

يذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرت يوم التطوع الدولي ليكون في ال 5 من كانون الأول من كل عام باعتباره فرصة فريدة للمتطوعين والمنظمات للاحتفال بجهودهم، وتعزيز عملهم فيما بين مجتمعاتهم المحلية.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات