بضاعة مخالفة قادمة من لبنان بعد الحجز عليها وسط مدينة دمشق أن تبقى  في الحرم الجمركي فترة طويلة في انتظار حصول تسوية ومصالحة من قبل التاجر المخالف، فهذا أمر وارد ومألوف ، ولكن بقاءها أكثر من شهرين لأسباب مجهولة يطرح إشارات استفهام كبيرة وخاصة عند العلم بكتابة محضري ضبط مختلفين في تاريخين متباعدين زمنياً بشأن قضية الألعاب والأقمشة التي ضبطتها ضابطة سيار دمشق في السابع من شهر آب الماضي، وسط الكثير من الغمز واللمز حولها من عناصر الضابطة والجمارك أيضاً، ليصار إلى إحالتها إلى القضاء بعد الركون إلى محضر الضبط الأول وتجاهل الثاني، وبالتالي تثبت مخالفة البضاعة، المقدرة غراماتها بأكثر من 77 مليون ليرة، رفض التاجر دفعها، مفضلاً تسديدها تأميناً فقط، بحيث تبقى بالأمانة، فإن حكم له القضاء عادت له وإن صدر الحكم لصالح الجمارك تحولت إلى الخزينة العامة، و لكن لماذا طال هذه القضية الكثير من الجدل والأخذ والرد؟ وما ملابساتها؟ ولماذا تم التأخر في البت فيها وتحويلها إلى القضاء؟!
وفي التفاصل  نجد انه في أواخر شهر آب الماضي تمكنت ضابطة سيار دمشق من ضبط 4 سيارات قاطرة ومقطورة لبنانية الجنسية على طريق المتحلق الشمالي وسط دمشق، محملة بكميات من الأقمشة عبارة عن رولات مختلفة الأحجام والألوان منشأ الصين، تبين لاحقاً أنها مطابقة للبيان المبرز، كما وجدت رولات مختلفة الأحجام والأوزان من دون ماركات، وعليها لاصقة قابلة للإزالة مكتوب عليها «صنع في الصين»، وعند وزن عينات من الرولات وجدت وحسب الكميات أن عدد الرولات 1204 رولات ووزن البضاعة للأقمشة المحجوزة 30848 طناً، والوزن الصافي للأقمشة 30125 طناً ، بالتالي وجد زيادة عن الوزن الصافي 23.162 كغ، تعتبر غير مطابقة للبيان المبرز.
كما وجدت كمية من الألعاب عبارة عن 529 طرداً، بوزن إجمالي 11.284 كغ، وهي في مجملها ألعاب أطفال مختلفة الارتكارات والأنواع من منشأ الصين، وقد وجدت غير مطابقة للبيان المبرز، وبناء عليه نظم محضر الضبط أصولاً.
و لكن المستغرب أنه في 28 أيلول الفائت نظم محضر ضبط لاحق بغية الكشف على البضاعة مجدداً، حيث اعتبرت بضاعة الأقمشة التي تقرر مخالفتها بموجب محضر ضبط الكشف والمطابقة الأولي متطابقة مع بضاعة البيان lm4 من حيث النوع والكمية والماركة والمنشأ ومخالفة بفارق الوزن، فلماذا نظم محضر الضبط اللاحق ليتم بعد حوالي شهر تقريباً الرجوع عنه واعتماد محضر الكشف الأولي، وبالتالي مخالفة التاجر بتهمة الاستيراد تهريباً، وتغريمه بقيمة 77 مليون ليرة، ولكن التاجر لم يرض المصالحة على البضاعة، وإنما سدد قيمتها تأميناً، حيث يمكن أن تعود له في حال برأه القضاء من هذه المخالفة، مع العلم  أنه قد أخذ السيارات والبضاعة المطابقة وتم الإبقاء على البضاعة المخالفة في مستودعات الجمارك البالغة 23 طناً من الأقمشة والألعاب كاملة، ويحق للجمارك الاحتفاظ بها مدة تسعة أشهر ليصار إلى بيعها بالمزاد العلني إذا لم يبت في أمرها قبل ذلك، علماً أن مصدر مطلع في الجمارك أفادنا أن التاجر يمكنه بطريقة أو بأخرى في وقت لاحق استرجاع بضاعته بعد دفع قيمتها، فالمهم أن تأخذ الجمارك حقها!.
وعند سؤاله عن أسباب كتابة ضبطين مختلفين اعتبر أن الأمر عادي جداً ولا يحوي أي مخالفة، وليس كما يروج البعض أن ذلك هدفه إيجاد مخرج للتاجر، لكن الذي حصل أن التاجر قدم طلباً لإعادة الكشف على البضاعة وقدم بيانات للبضاعة المحجوز عليها، لوزارة المالية وليس للجمارك، وبناء عليه شكلت لجنة للكشف مجدداً على البضاعة، التي تبين أن الأقمشة مطابقة للبيان، لكن التاجر أقر بتحميله بضائع أخرى في السيارات بعد مروره من أمانة العريضة بطرطوس، وهنا يؤكد المصدر أن جمارك دمشق ارتأت اعتماد محضر الضبط اللاحق، وخاصة في ظل إقرار التاجر بتحميله بضائع إضافية على البضاعة الموجودة في السيارات، حتى مع تبيان أن الأقمشة مطابقة، حيث يشكل ذلك إقراراً بأن البضاعة مهربة، لكن عموماً إدارة الجمارك فضلت اعتماد المحضر الأولي نظراً لتضمينه اعترافات السائقين وإقرارهم بأن السيارات لم تتوقف إلا حينما ضبطتها ضابطة السيار السابعة وسط دمشق، وبناء عليه اعتماد هذا الضبط وأرسل إلى القضاء ليتم البت فيها، مشيراً إلى أن التأخر في البت في هذه القضية سببه التاجر الذي طالب بإعادة الكشف مرة ثانية.
مصدر في الضابطة الجمركية استغرب مرور هذه السيارات عبر أمانة العريضة بطرطوس من دون التمكن من كشف هذه المخالفات، إضافة إلى تنقلها بسهولة على جميع الطرقات بين المحافظات بحيث لم توقفها أي جهة، إلى أن وصلت إلى دمشق وجرى ضبطها بعد تحرٍ ورصد من قبل ضابطة سيار دمشق، مشيراً إلى أنه قد يكون سبب عدم توقيفها مرده إلى تعميم صادر من آمر عام الضابطة الجمركية منع وجود المفارز خلف الأمانات الجمركية بقصد التعرض للشاحنات المحملة بالبضائع المستوردة عن طريق الأمانة أو توقيفها لأي سبب كان ضمن نطاق عمل كل ضابطة ما لم تكن هناك معلومات موثقة بوجود بضائع مهربة، لافتاً إلى أن الإشكالية أو البلبلة التي حصلت حول هذه القضية مردها إلى إنزعاج إدارة الجمارك من مخالفة ضابطة السيار لهذا التعميم، الذي ترى فيه إجمالاً حداً لصلاحياتها بشكل يسهم في نشاط المهربين، فليس من المعقول -حسب رأيه- مشاهدة سيارات وسط مدينة دمشق مشكوك في أمرها ولا يتم تفتيشها، وبناء عليه اتخذت الضابطة إجراءها الصحيح في إيقاف السيارات وإحضارها إلى الحرم الجمركي للكشف عليها ليتبين أنها مخالفة في معظمها، وبناء عليه نظم محضر الضبط، لكنّ مصدراً في جمارك دمشق نفى ذلك باعتبار أن البضاعة المخالفة ضبطت وسط دمشق وليس في منطقة قريبة من الأمانة الجمركية، بالتالي هذا الكلام غير صحيح أبداً.
بالإضافة الى ذلك نفى المصدر حسب تشرين ربط حصول تنقلات في ضابطة سيار دمشق على خلفية هذه القضية، فالأمر في رأيه مجرد تنقلات إدارية تحصل كل فترة في الضابطة الجمركية، من دون أن يشير بطريقة أو بأخرى إلى أن هذه القضية أخذت صدىً كبيراً نظراً لتزامنها مع هذه التنقلات وخاصة رئيس الضابطة الجمركية في دمشق، الذي نقل إلى الحسكة بعد هذه القضية ثم أقيل من منصبه لأسباب تدور حولها الكثير من التساؤلات.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات