بالاحوال الطبيعية عندما يندلع الحريق يهرع الجميع، كل يبحث عن وسيلة لإطفاء النيران التي تلتهم في لحظات ما بني في سنوات، وعينهم على تلك الأسطوانة الحمراء التي يظنون أنها ستخلصهم من لهيب الحريق، غير واعين أنها في كثير من الأحيان باتت جزءاً من هذا الحريق وستزيد صعوبة الأمر.
هذا ما حدث في إحدى الوحدات السكنية بالمدينة الجامعية في جامعة دمشق منذ فترة، فقد نشب حريق في إحدى الغرف ليلتهم سريعاً الأساس والجدران وليلحق إصابات ببعض الطلاب بحروق مختلفة الدرجات، والمصيبة  الكبرى كانت أن جميع مطافئ الحريق في الوحدة لم تستطع إخماده أو الحد من لهيب النيران، بل أججته ليمتد إلى باقي الغرف.
وبالتواصل مع بعض المحال والشركات التجارية العاملة في مجال الأمان والإطفاء للسؤال عن الأسعار، وطريقة تقديم العروض، وكيفية التعبئة، حيث أكد أحد مديري الشركات الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أن الأسعار تختلف من منشأة إلى أخرى ومن القطاع العام إلى الخاص، مبيناً أن القطاع العام العمل معه يجلب أرباحاً جيدة، حسب طبيعة المؤسسة، واللجنة التي تستلم المطافئ.
وأكد  المصدر أن الأكثر ربحاً بالنسبة للتجار هي البودرة لأن بعض الشركات والمحال تقوم باستبدال نوعية البودرة، منوهاً إلى أن هناك ثلاثة أنواع للبودرة منها الوطنية وسعر الكيلو الواحد 500 ليرة سورية، وهي ذات فعالية قليلة، والصينية التي تكون ذات جودة أفضل وسعر الكيلو غرام 1000 ليرة سورية، وأفضلها الإسبانية التي يبلغ سعر الكيلو 1700 ليرة سورية.
ووضح  المصدر أن هناك الكثير من التجار يقومون باستبدال البودرة من الصنف الإسباني ويضعون الوطنية لكسب أرباح بالتواطؤ مع بعض ضعاف النفوس من اللجان المشرفة على الاستلام.
ومن جهة أخرى بين المصدر أنه يجب على جميع المسؤولين عن الأمان في تلك المؤسسات، القيام بتجديد البودرة بشكل سنوي، وإجراء الصيانة الدورية لهذه المطافئ، مبيناً أن بعض ضعاف النفوس لا يستبدلون البودرة بل يكتفون بتغيير اللصاقات بأخرى جديدة مدون عليها تاريخ حديث، وبهذا الأمر يكسبون مبالغ خيالية.
وتابع المصدر: إن تمييز أنوع البودرة سهل جداً ويمكن لأي شخص كشفه، من لون المادة، لأن البودرة الإسبانية تتمتع باللون السماوي، بينما الوطنية تكون بيضاء، والصينية لونها أصفر، مبيناً أن لجان الاستلام في المؤسسات الحكومية تقوم باستلام المطافئ من دون اختبار.
وفي لقاء مع مسؤول الحماية والارتباط في جامعة دمشق مصطفى نجار بين أن عملية استجرار مطافئ الحريق كانت سابقاً من خلال التعاقد بالفواتير مع القطاع الخاص، موضحاً أن القرار الأخير الذي صدر من مجلس الوزراء حصر التعامل مع مؤسسة معامل الدفاع منذ العام الفائت وإلزام دوائر الدولة به.
وأشار نجار إلى أن جامعة دمشق تعاقدت مؤخراً مع مؤسسة معامل الدفاع لإعادة التعبئة والصيانة، مبيناً أن أنواع مطافئ الحريق ثلاثة، البودرة وغاز co2 والرغوي، والأكثر طلباً في المؤسسات الحكومية هو البودرة والغاز.
وأوضح نجارحسب الايام  أن جامعة دمشق بكافة كلياتها تحتوي على حوالي 3100 مطفأة حريق وتكلف سنوياً بين الصيانة والتعبئة نحو 25 مليون ليرة سورية، مشيراً إلى هناك مخالفات ترتكبها الشركات التي تقوم بالصيانة والتعبئة، من خلال سوء الصيانة وتغيير بالمواد المتفق عليها أو تخفيض الوزن، ما ينتج عدم فعاليتها.
وبالنسبة للاستلام قال نجار: اللجنة المكلفة بالاستلام تتألف من ثلاثة أعضاء يترأسها مهندس من الشؤون الهندسية، تقوم هذه اللجنة بعملية الاختبار للمطافئ، ومن ثم استلامها، منوهاً  إلى أن آخر تجربة للمطافئ كانت غير ناجحة، حيث تبين أن بعضها فارغ، وأخرى تخالف المواصفات.
الدكتور محمد شهير هاشم أستاذ الكيمياء في كلية العلوم بجامعة دمشق اعتبر أن هناك الكثير من النقاط التي يجب الاعتماد عليها خلال تأمين المنشآت والمؤسسات العامة والخاصة ضد الحرائق، وذلك من خلال مراقبة تعبئة مطافئ الحريق من لجان مختصة بالمواد الكيميائية، لضمان جودتها.
وحذر من الأساليب التي يتبعها أصحاب الشركات والمنتفعين من خلال إعادة تدوير البودرة عن طريق تفريغها بعد انتهاء فترة الصلاحية، وتجفيفها وإعادة تعبئتها بعد أن تفقد فعاليتها، مشيراً إلى أن أغلب محال أجهزة الإطفاء يتبعون هذه الطريقة لجني الأموال من دون التفكير بحياة الناس.
وكشف الدكتور شهير أن هذه المحال تغير أحياناً بالمواصفات، وتضيف بودرة "التلك" التي تسبب بعض المشكلات الصحية وخصوصاً في الجهاز التنفسي، مبيناً أن المواد الفعالة يجب أن تكون مكونة من فوسفات الأمونيوم، الذي يعتبر أقوى أنواع البودرة لإخماد الحرائق.
وقال: هناك عدد من الخطوات التي يجب اتباعها من المؤسسات الحكومية، وهي التركيز على نوع المادة وفحصها بالمخابر، أو من خلال تجارب عملية، والتأكد من عدم إضافة أي مواد على المادة الأساسية، إضافة للإشراف على التعبئة، والتي من شأنها ضمان عدم تعبئة مواد مستخدمة مسبقاً، مشيراً إلى أن أفضل أنواع إطفاء الحرائق ولا يمكن غشها هي الغازية co2 مع الانتباه من اللعب بالوزن.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات