الموارد المائية السطحية والجوفية في محافظة حمص لم تكن بمنأى عن تأثير الأحداث الكارثية  التي شهدتها المحافظة، فأصابتها بخسائر مادية وبشرية، بالإضافة إلى التعديات الجائرة بحفر الآبار المخالفة وغيرها من التعديات الأخرى كتخريب بعض السدود وتوقف المشاريع..
ما انعكس سلبا على عمل مديرية الموارد المائية التي أقلعت من جديد بعملها على كامل مساحة المواقع المحررة في المحافظة.‏
وبلقاء المهندس إسماعيل إسماعيل مدير الموارد المائية في حمص وسؤاله   عن منعكسات الأزمة على الموارد المائية وواقعها الحالي وما يقومون به للنهوض بها من جديد فقال:‏
بما أن المنشآت موزعة على كامل المحافظة فقد تعرضت للتخريب والعبث من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة، سواء أكانت في بادية حمص أم في أعالي العاصي في منطقة القصير أم في الريف الشمالي لحمص، وقد بلغت قيمة الأضرار المادية في الأماكن المحررة التي تمكنت كوادر المديرية من الوصول إليها (300) مليون ليرة سورية، هذا من ناحية ومن ناحية ثانية فقد تجلى الضرر بتوقف المشاريع التي كانت مقررة ضمن خطة المديرية، وهي مشاريع استراتيجية مهمة على مستوى المحافظة، ومع بدء الأحداث الأليمة التي شهدتها المحافظة توقفت هذه المشاريع، ومنها: مشروع دراسة جر المياه من نهر الفرات إلى مدينة تدمر والفرقلس والمدينة الصناعية بحسياء، إضافة إلى مشروع إرواء واحة تدمر عن طريق جر المياه من آبار العباسية إليها، ومشاريع تطوير شبكات الري الحكومية كافة في المناطق الساخنة.‏
وهناك نوع خطير من تأثيرات الأزمة هو ما يتعلق بانتشار التعديات والمخالفات على المياه العامة السطحية والجوفية، ما أدى إلى استنزاف الحوامل المائية السطحية في المحافظة مع العلم أن الواردات المائية الحالية ضعيفة.‏
أما الخسائر البشرية التي لحقت بالمديرية فتمثلت باستهداف المهندسين والعمال في مواقع العمل ما أدى إلى استشهاد مهندسيْن وإصابة أربعة عمال بجروح خطيرة.‏
و مع انفراج الأزمة وتحرير مساحات كبرى من أراضي المحافظة في حمص بدأت المديرية تستعيد عافيتها شيئا فشيئا، وتقوم بمهامها وذلك ضمن الإمكانات الموجودة حيث يتم استثمار وإدارة وحماية المصادر المائية التي أمكن الوصول إليها كالسدود وشبكات الري والمنشآت المالية، بالإضافة الى  قمع المخالفات، وفي هذا المجال تم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية الأصولية وفق قانون التشريع المائي السوري، وقد تمت تسوية كافة الآبار المخالفة والمحفورة قبل عام 2011 وبتوجيه من الجهات المعنية، وقد بلغ عدد الضبوط المسجلة حتى الآن 320 ضبطا، كما تمت تسوية كافة الآبار المخالفة والمحفورة قبل عام 2001 والواردة في الجداول الإحصائية، واستمرارا في قمع المخالفات تقوم المديرية حاليا بحصر الآبار المخالفة خلال فترة الأحداث ليتم اتخاذ القرار اللازم بشأنها، وقد بلغ عدد الآبار المرخصة حتى نهاية شهر أيلول من العام الحالي 15818 بئرا، وعدد الآبار المخالفة (غير مرخصة) وصل إلى 14487.‏
وحول  شروط ترخيص حفر الآبار قال إسماعيل حسب الثورة  : هناك عدة شروط منها البعد عن آبار مياه الشرب وقد حددت المسافة بـ 1000 م في حوض العاصي والبادية، و500 م في حوض الساحل، وأن يقع البئر ضمن الأراضي الزراعية، والالتزام بتركيب عدادات نظامية واتباع طرق الري الحديثة من خلال تركيب شبكات خاصة بالري الحديث.‏
وفي جعبة المديرية عدد من المشاريع المهمة، وبلغت اعتمادات الخطة الاستثمارية حتى نهاية شهر أيلول المنصرم بحدود 300 مليون ليرة وتشمل مشاريع استبدال، حيث خصص لها 130 مليونا،و 170 مليونا للمشاريع المباشر بها.‏
أما حول  للمشاريع المنفذة والمنتهية خلال العام الحالي فهي: مشرع سد الشهيد باسل الأسد في زيتا، ومشروع الأعمال المتبقية من العقد رقم 2 \ 2011 جهاز الامتصاص الذري، إضافة إلى مشاريع الصيانة والإصلاح للمنشآت المائية والآليات، وهناك مشاريع قيد التنفيذ كتنفيذ طريق جسم خلف سد زيتا، ومشروع تحويل فائض الأقنية الخمس إلى نهر العاصي (الملحق رقم 3 لعام 2016 زيتا)، ومشروع صيانة واستبدال أجزاء من شبكتي ري سدي المزينة وتل حوش، ومشروع الدراسة الجيوتكنيكية لسدة قرية عوج، ومشروع حفر بئر داعمة لمياه الشرب في قرية عرقايا بريف حمص الغربي، ومشروع دراسة وتدقيق سدة مائية في قرية مريمين بريف حمص الشمالي.‏
ولدى المديرية مشاريع قيد الإعلان كمشروع تنفيذ بوابات معدنية لسد قطينة، ومشروع صيانة وتعزيل لمجرى سد المخرم، وهناك مشاريع تصنف ضمن الخطة الإسعافية للمديرية وهي إعادة تأهيل بئرين في مدينة تدمر، ومشروع إعادة ترميم وتجهيز مبنى المراقبة لقناة تزويد سد المزينة.‏
الواقع المائي السطحي الحالي للعام الهيدرولوجي الحالي 2016- 2017 مطمئن لكنه ليس ممتازا، حيث لم تتجاوز نسبة الواردات 40% من التخزين الإجمالي الأعظمي، مع العلم أن الهطلات المطرية لم تتجاوز نسبة الـ 70% من مجموع الهطل العام.‏
أماحول واقع المياه الجوفية للعام نفسه - مع الأخذ بعين الاعتبار وجود ثلاثة أحواض في محافظة حمص هي حوض العاصي وحوض الساحل وحوض البادية فتسود حالة موازنة مائية متوازنة في حوض الساحل الواقع ضمن أراضي محافظة حمص، وهناك حالة من العجز المائي في بعض مواقع حوض العاصي، وفي حوض البادية.‏
وبالنتيجة وحسب المهندس إسماعيل لا خوف على مصادر مياه الشرب في محافظة حمص.‏
وما يؤكد حالة الطمأنينة من ناحية مستقبل المياه في حمص هو عدد السدود المقامة في المحافظة والموزعة على كامل أراضيها فهي 34 سدا، بالإضافة إلى وجود 57 حفرة تخزينية في البادية التابعة لحمص.‏
توقف العمل في بعض المشاريع بسبب الظروف الحالية ما أدى إلى حصول تغيرات حادة وكبيرة في الأسعار انعكست سلبا على استكمال إجراءات التعاقد في بعض الأحيان، وهنا لابد من إعادة تقييم الأولويات لاستكمال تنفيذ المشاريع المباشر بها، والنقص في عدد الآليات وسائقي الآليات الهندسية نتيجة الظروف الراهنة، الجهود الكبيرة المطلوبة من المديرية لوضع حد للتعديات على المياه والتعامل معها وفق التشريع المائي.‏
و ثمة خطر يهدد واقع المياه العامة والمياه الجوفية في حمص كما في غيرها من المحافظات السورية، وقد تفاقم هذا الخطر في ظل الأزمة فتجلى بحفر الآبار المخالفة، وفي ظل التغييرات المناخية وانخفاض معدل الهطلات المطرية وزيادة الطلب على المياه من المستهلكين.‏
صحيح أن لدينا قانونا للتشريع المائي رقم 31 لعام 2005، لكن يبدو أنه لم ينص على عقوبات رادعة بحق المخالفين، لذلك لابد من إجراء تعديلات على القانون تداركا لخطر محدق قد لاينفع معه اتخاذ أي إجراء بعد فوات الأوان، وقد سبق لوزارة الري منذ أعوام أن وجهت بضرورة إنشاء جمعيات مستخدمي المياه مهمتها معالجة ظاهرة الحفر العشوائي للآبار، وحماية المياه الجوفية، لكن لانعرف إن كانت أنشئت الجمعية..؟‏

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات