بعد حادثتي الاعتداء على رئيس مجلس مدينة جرمانا بسبب متابعة ملف مخالفات البناء، والانهيار الذي تعرضت له إحدى الأرضيات في حي المزة 86 منتصف شهر أيلول الماضي، وإن كانت "العشوائية" و"الارتجالية" لاتشوب العملية برمتها والقادم قد يكون أسوأ، سيطرت حالة من الخوف والهلع، على تجار البناء والسكان معاً الذين بدؤوا يطرحون تساؤلات حول مدى سلامة أعمال البناء التي تتم تحت جناح الظلام وفي غفلة من الجهات المعنية سواء في هذه المحافظة أو تلك، حيث تكتفي بمعالجة الأمر من خلال إنذار القاطنين بإخلاء بيوتهم كما فعلت محافظة دمشق العام الماضي عندما وجهت إنذاراً بإخلاء 23 منزلاً في منطقة الــمزة 86 لوجود تصدعات بالجدران، وما يجري اليوم في مدن ريف دمشق ليس أفضل حالاً.
من جهته عضو المكتب التنفيذي لمحافظة ريف دمشق المسؤول عن قطاع الوحدات الإدارية منير حسيب شعبان أكد أن حركة عمرانية لافتة تشهدها بعض مدن المحافظة كجرمانا وصحنايا وأشرفيتها وجديدة عرطوز بالإضافة إلى مدن منطقة القلمون.
ولم يخف شعبان في تصريحه :  أن المخالفات البناء ما زالت تنتشر على الأراضي الزراعية وأن جميع هذه المخالفات أضحت ثقافة لدى مجموعة من المستفيدين بالتواطؤ مع بعض عناصر في البلديات، منوهاً  إلى أن المحافظة أنجزت العديد من المخططات التنظيمية في معظم الوحدات الإدارية ورغم التعاميم والتوجيهات الصادرة عن المحافظ بالتشدد على قمع المخالفات وتطبيق 40 وتعليماته التنفيذية لعام 2012 ، إلّا أن هذه الظاهرة لم تتوقف وهي تشكل هاجساً وعبئاً كبيراً على كاهل المحافظة والوحدات الإدارية لجهة تأمين الخدمات من صرف صحي وكهرباء وهاتف وغيرهم من خدمات، لأنها خارج خطة المحافظة وتقدر هذه المخالفات بالمئات وخاصة تلك التي تنهض تحت الظلام في مدن جرمانا وصحنايا وأشرفيتها والعادلية وحرجلة ودير علي وجديدة عرطوز.
وأشار  إلى أن تلك المخالفات تنتشر بالوحدات الإدارية القريبة من مدينة دمشق بسبب الهجرة من المحافظات التي عانت ويلات الحرب والإرهاب كإدلب ودير الزور ودرعا والرقة وقد استغل ضعاف النفوس ظروف الحرب وانشغال الدولة السورية في تصديها للإرهاب ومرتزقته حيث عمل السماسرة على استغلال حاجة الناس إلى السكن، وهؤلاء الفاسدون لابد من محاسبتهم وجميع أسماء تجار المخالفات معروفة لدى جميع الوحدات الإدارية، مؤكداً ضرورة التعاون مع الجهات الأمنية لوقف ظاهرة المخالفات والمحافظة في ريف دمشق لا تألو جهداً وبشكل يومي لقمع تلك المخالفات.
يشار  أن مدينة جرمانا شهدت منتصف هذا الشهر إطلاق النار على سيارة رئيس البلدية خلال جولة كان ينفذها لتطبيق القانون وإزالة مخالفات البناء في منطقة طريق النسيم بالمدينة.
وأكدت  مصادر مطلعة أن منفذ الاعتداء لاذ بالفرار بينما تم توقيف عمال المخالفة في الموقع المذكور.
وأشارت المصادر إلى أن الاعتداء قام به أحد تجار البناء خلال تنفيذ عملية هدم لإحدى المخالفات التي تم ختمها سابقاً بالشمع الأحمر، لكن تم نزع الختم عنها لإكمال العمل بها، لتقوم البلدية بمحاولة إيقاف المخالفة من جديد، وخلال التنفيذ استهدف أحد تجار هذه المخالفات سيارة رئيس المجلس وعناصر شرطة البلدية المرافقين له وسائق رئيس المجلس بإطلاق عدة عيارات نارية من دون أن يتسبب بإصابة أحد، واقتصرت أضرار الاعتداء على إصابة سيارة رئيس المجلس برصاصتين استقرت بالعجلات.
مجموعة من المواطنين أكدوا ، أن عملية التشييد أو البناء في جميع مدن ريف دمشق كجرمانا يكتنفها اللبس والغموض، أمام "غياب أي مراقبة من جانب الجهات المعنية التي تركت الحبل على الغارب في مناطق المخالفات ووجهت نظرها واهتمامها على الأبنية المرخصة التي فيها يتم جلد الموطن كيفما يشاء".
في حين  يشدد المهندس فخري الطويل رئيس مجلس مدينة النبك في ريف دمشق على ضرورة الإسراع في إنجاز المخططات العقارية النهاية للمدينة من المصالح العقارية لما لهذا الأمر من أهمية في تخفيض أسعار العقارات وإيقاف الزحف العمراني نحو الأراضي الزراعية.
منوهاً  في حديثه إلى أن معظم المناطق العقارية في مدينة النبك غير منتهية من إجراءات الإفراز وأن نسبة البناء الحديث داخل المخطط التنظيمي 60 % وإن المخالفات تتم معالجتها حسب القانون 40 والبلاغات الناظمة.  
ويصف المهندس حسام صبحي الشاقي رئيس الدائرة الفنية في مجلس مدينة النبك أن ظاهرة الزحف العمراني نحو الأراضي الزراعية بالخطر الناجم عن كثافة السكان وعدم التوسع في المخططات التنظيمية لمجالس المدن.
منتقداً في حديثه عملية تحويل العديد من الأراضي الزراعية إلى أراضٍ سكانية بشكل مخالف مستغلة في ذلك توضع تلك العقارات خارج المخطط التنظيمي ورغم ذلك فهي مضبوطة بحيث لا يسمح بإجراء أي تعديل عليها أو التعدي على الأملاك العامة.  
ومن بين الأسباب التي تؤدي إلى انهيار العديد من المنازل في مناطق المخالفات، الغش في مواد البناء لأن عملية البناء قامت من دون ترخيص قانوني.
قد يكون المشهد في منطقة القلمون مختلف عن كل التوقعات فعلى الرغم من أن أسعار العقارات في مدينة دير عطية بريف دمشق التي تشهد اليوم طفرة تصاعدية أنعشت قطاعي الإسكان والأراضي، رافقتها قفزة ملحوظة في أسعار المواد الأساسية للبناء كالإسمنت والحديد، وأسعار الشقق السكنية والأراضي تجد الأمور كلها تحت السيطرة على حد تعبير الجهات المعنية في مجلس المدينة فالمهندس حسام حامد رئيس الدائرة الفنية يرى حالة الاستقرار التي تعيشها وتشهدها مدينة دير عطية أدى الى إنشاء مشروعات كبيرة سياحية وعمرانية دفعت أسعار المواد الإنشائية إلى الارتفاع ما أسهم في طفرة الأسعار الحالية، بالإضافة الدور الرقابي على أعمال البناء الذي يمارسه مجلس المدينة ممثلاً بالمكتب الفني ما جعل الأمور تسير على النحو الذي أدى الى تراجع الممارسات الخاطئة التي قد ترتكب في عمليات البناء، والتي نستطيع القول إنها معدومة في مدينة دير عطية فالرقابة على ورشات البناء لعبت دوراً في بث روح التنافس بين تجار البناء من خلال التميز بالعمل وتقديم الأفضل المواصفات المطلوبة.
وفي هذا الصدد أوضحت مصادر مطلعة  حسب الايام أنه في مدينة دمشق توجد المئات من المنازل المهددة بالانهيار، كالتي موجودة على سفح قاسيون وغيره من المناطق التي يكثر فيها البناء العشوائي كنهر عيشة ودمر وغيرها، وقد سجلت محافظة دمشق مئات المخالفات القانونية بحق المخالفين في حي المزة 86 وعلى سفح قاسيون حيث بنيت المنازل من دون أدنى شروط السلامة من حيث طبيعة ومعايير البناء ولا الأزقة التي لا يتعدى عرضها أحياناً مترين ومتر ونصف المتر ما يجعل الشمس لاتصل إلى جل المنازل التي توجد بجانب الوديان وعلى منحدرات كبيرة.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات