الحصار الاقتصادي فرض صعوبات كثيرة على أداء مؤسسة التجارة الخارجية وقيامها بدورها في استيراد السلع التي تحتاجها السوق المحلية وممارسة عملها كتاجر فعال تنافس التجار في توريد المنتجات بغية تحقيق نوع من المنافسة والمساهمة في تخفيض الأسعار على المواطن، بالإضافة إلى وجود قيود إدارية بما فيها الروتين والبيروقراطية تحد من قدرتها على التحرك وإضطلاعها بهذه المهمة، لكن رغم ذلك حاولت «التجارة الخارجية» خلال سنوات الحرب تجاوز هذه العقبات والقيام بدورها المفترض في توريد السلع لتحقيق نوع من التدخل الإيجابي في الأسواق.
وبلقاء المدير العام لمؤسسة التجارة الخارجية شادي جوهرة ومحاورته بشأن العديد من القضايا المتعلقة بآلية عمل المؤسسة خلال سنوات الأزمة والصعوبات التي تعانيها وصولاً إلى استراتيجية المؤسسة التي وضعتها للمساهمة في إعادة الإعمار وغيرها من الأمور المرتبطة بعملها.
وبالسؤال  عن نشاط المؤسسة التجاري ودورها في تأمين مستلزمات القطاع الحكومي والخاص على السواء وما علاقتها المباشرة في المتاجرة مع الجهات الخاصة لتأمين المطلوب للأسواق المحلية؟، وهنا يؤكد جوهرة قيام المؤسسة بممارسة دورها التجاري وفق مرسوم إحداثها، الذي سمح التعامل مع السوق بصفة تاجر حيث تقوم بمهمة استيراد المواد الضرورية وخاصة الأدوية ومواد البناء والأغذية كالسكر الأبيض واستيراد الآليات وقطع التبديل وغيرها من المواد الأساسية التي تحتاجها الجهات العامة ضمن إطار سياسة ترشيد الاستيراد التي تنفذها الحكومة في ظل الحرب والحصار الاقتصادي المفروض على بلدنا، كما تقوم المؤسسة بأعمال الوكالة عن الغير داخل وخارج سورية بما يحقق جبهات عمل إضافية للمؤسسة تستطيع من خلالها تحقيق العائد الاقتصادي والمادي لها وذلك وفق آلية تتفق مع القانون ومرسوم إحداث المؤسسة وخاصة العمولة لحساب الجهات الأخرى.
وأكد جوهرة حسب تشرين  أن الظروف الحالية فرضت معوقات كبيرة أمام عمل المؤسسة نتيجة السماح لبعض الجهات العامة باستيراد حاجاتها بصورة مباشرة من دون العودة إلى المؤسسة, لكن هناك مساعي كثيرة لعودة النشاط التجاري من جديد للمؤسسة حيث صدرت توصية اللجنة الاقتصادية بالموافقة على إعادة تفعيل عمل المؤسسة في بيع الإطارات بصيغة رسم الأمانة وهذا القرار ساهم في عودة جزء من نشاط المؤسسة، علماً أنه كان من صلب عملها في السابق, وهناك جهود تبذل لعودة المزيد من النشاط في ضوء متطلبات مرحلة إعادة الإعمار.
تكرار جوهرة لتأثير الحرب على عمل المؤسسة دفعنا لطرح سؤال آخر بشأن واقع العمالة والخبرات المتوافرة لدى المؤسسة في ظل السنوات السبع الماضية وهنا يؤكد  أن ذلك لا يمكن فصله عن بقية القطاعات الحكومية الأخرى التي تأثرت عمالتها وخبراتها الشابة بشكل كبير بالحرب التي أفرغت تلك الجهات من العمالة والحال ذاته لدى المؤسسة العامة للتجارة الخارجية، حيث تبلغ نسبة تسرب العمالة المتوافرة لدى المؤسسة أكثر من 45% معظمها من الخبرات المؤهلة والمدربة التي خرجت تارة بحكم المستقيل والاستقالة ونهاية الخدمة والوفاة وتارة أخرى بأسباب دواعي السفر والهجرة، ما شكل ضعفاً كبيراً في هيكلية الكادر البشري والذي نسعى لترميمه وفق تأمين البديل والإعلان عن المسابقات لرفد بالعناصر الشابة.
ولكن هذا التأثير، كما نعرف، لم يقتصر على العمالة وخبرات المؤسسة فحسب بل إن النشاط التجاري للمؤسسة تأثر بصورة مباشرة، فما هو حجم هذا الضرر، التي يرى جوهرة وجود صعوبة في حصرة بأرقام نهائية ودقيقة، ولكن يمكن إعطاء الأرقام وفق القيمة الدفترية لهذه الخسائر التي بلغت وفق تقديرات حتى تاريخ 30 – 3- 2017 بحدود 200 مليون ليرة، أما في تقديرات الأسعار الحالية فإنها تتجاوز هذا الرقم بعشرات الأضعاف، وتالياً في الوقت الراهن لا يمكن إعطاء الرقم النهائي لهذه الأضرار إلا بعد إعداد والكشوف الحسية المباشرة للمواقع المتضررة بفعل الإرهاب، أما فيما يتعلق بالخسائر غير المباشرة فقد قدرت قيمتها الإجمالية حتى نهاية العام الماضي بحدود 4,5 مليارات ليرة تعود لفقدان المتاجرة وفوائد الأرباح.
ولكن الحديث حول  الخسائر في رأي جوهرة لا يعني أن المؤسسة خاسرة بل هي رابحة وبامتياز حيث بلغت قيمة الأرباح الصافية الأربع الماضية أكثر من 5,6 مليارات ليرة، إلا أن المشكلة الكبيرة في رأيه هي مديونيتها الجهات العامة التي بلغت قيمتها الإجمالية بحدود 36 مليار ليرة، وهذه ليست وليدة الأيام الحالية لكنها تفاقمت خلال سنوات الأزمة وتشكل عبئاً عليها.
مؤسسات عامة قامت  مؤخراً بالحصول على موافقات لاستيراد حاجاتها من السلع من دون الرجوع إلى المؤسسة، وهنا نسأله عن تأثير هذه الإجراء على وتقليل ربحيتها وتراجع دورها.
يحاول جوهرة التحدث بدبلوماسية ويعود ليتحدث على نحو واقعي لاحقا ًبقوله: هناك حالات موجودة منحت بفعل الظروف الحالية، وهذا تدك آثاراً سلبية على أداء المؤسسة التجاري باعتباره مخالفاً لقانون الأحداث وخاصة أن المواد التي يسمح باستيرادها من صلب عملها، وعليه فإن التوجه بالسماح للعديد من الجهات بالاستيراد دون العودة إليها سوف يؤدي إلى خسارة هذه الوفورات وانعكاس ذلك بصورة سلبية على الأداء التجاري والاقتصادي، وتالياً هذا الأمر من الصعوبات التي تعانيها المؤسسة لجهة التجاوز على صلاحياتها ومهامها بموجب مرسوم الإحداث الذي ضم نشاط ست مؤسسات تجارية, ناهيك بمشكلات أخرى تتعلق بالسيولة والعمالة والتأخر في عمليات التوريد نتيجة العقوبات الاقتصادية والروتين ببعض المفاصل الحكومية.
ويؤكد ان  ما يحد من هذه المشكلات هو التوجه العام نحو إقامة مشروعات إنتاجية استراتيجية تؤمن حاجة الأسواق المحلية من السلع و تضمن الحد من الاستيراد الخارجي وتدعم الاقتصاد الوطني من خلال دوران عجلة الإنتاج وإقلاع المعامل العائدة للدولة التي تضمن استمرارية توافر السلع في السوق المحلية من جهة، وقيام المؤسسة بتصدير الفائض منها من خلال الخبرة التي تمتلكها، إضافة لدعم المخزون الاستراتيجي من القطع الأجنبي.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات