عندما نريد ضرب الأمثال الفاشلة التي تخص الأخطاء الهندسية في البناء أو الاستثمار الفاشل لا يخطر على الأذهان إلا مجمع يلبغا ، ذلك البناء الذي مازال ينتظر مصيره منذ 35 سنة و حتى اليوم .
آخر ما استجد هو الإعلان منذ فترة عن استثمار و إكساء مجمع يلبغا الواقع في ساحة المرجة بدمشق من قبل وزارة الأوقاف ، بمبلغ قدره 3 مليار ليرة سورية .
والبناء لمن لا يعرفه هو عبارة عن كتلتين الأولى برجية من 12 طابقا و الثانية من ستة طوابق ، عهد إلى مؤسسة الإسكان العسكري بتنفيذه منذ زمن و حدثت العديد من المشاكل في الاستثمار .
الكوارث الهندسية كانت على الشكل التالي :
مجمع يلبغا ذلك البناء الذي تم تقرير إقامته و تشييده على أرض غير صالحة أصلا للتشييد كونها تربة غضارية تحتوي على ماء و انطلاقا من عدم الرغبة في تغيير أرض الموقع و الذي هو أحد الحلول الهندسية التي من الممكن تقريرها في حال عدم وجود جدوى اقتصادية كبيرة من المشروع المقام ، تم ضخ المياه لفترة طويلة من الزمن أدت إلى موت الأشجار المجاورة ليتم اقتلاعها بكل سذاجة .
لا بل وتحولت تربة الموقع من تربة غضارية غير مصرفة للماء إلى تربة مصرفة نتيجة بقاء المنشأ لفترة طويلة من دون أي استثمار له ، أي تم تغيير الخواص لتربة المنشأ بشكل كامل .
إذا  استثمرنا تسألوا لماذا استثمرتم و إذا لم نستثمر تقولوا لماذا تأخرتم ؟
وبعد 35 عاما من التأخير من الطبيعي أن نسأل لماذا يتم الاستثمار الآن و في هذا الوقت ، و وفق الرد الذي جاء من وزارة الأوقاف ” فإن الوزارة و منذ عام 2008 تعمل على تذليل العقبات و على إنهاء جميع الإشكاليات و الدعاوى القضائية التي كانت تعيق مشروع الاستثمار و قد تم ذلك في نهاية عام 2012 و عندها باشرت الوزارة على الفور تقسيم العمل إلى مراحل وفق خطة زمنية تضمن الإنجاز السريع للمشروع ضمن الإمكانيات المتاحة كون المشروع يمول ذاتيا من وزارة الأوقاف “.
كما جاء في الرد” أنه قد عهد إلى مؤسسة الإسكان العسكرية بإنجاز أعمال اكساء المرائب بحسبان أنها الشركة التي قامت بتنفيذ المشروع منذ بدايته و قد تم إبرام خمسة عقود مع هذه المؤسسة لإنجاز أعمال تجهيز الأقبية و المرائب وفق الإمكانيات المتاحة و على ستة مراحل و بقيمة تقارب المليار ليرة سورية تغطيها وزارة الأوقاف بتمويل ذاتي “.
“و تم إنجاز كافة الاعمال المدنية و المعمارية و الكهربائية الخاصة باستثمار المحلات التجارية المتعاقد عليها بمساحة تقريبية بحدود 1500 مترا مربعا و تجهيز مراب للسيارات بمساحة تتجاوز 5000 مترا مربعا يتسع لأكثر من 200 سيارة معا” .
سبب الطرح بالمزاد العلني :
وتم اختيار طرح الإعلان بالمزاد العلني لضمان تحقيق أكبر قدر من التنافسية و الشفافية بين العارضين المتقدمين .
وعلى الرغم من أن عمر الحرب السورية 7 سنوات و عمر المنشأ 35 عاما إلا أنه و بحسب الرد الذي جاء من الأوقاف ” أنه اليوم و بسبب تحسن الظروف الاقتصادية و الاستثمارية تم إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية و دفاتر الشروط الفنية و الحقوقية و المالية لطرح المشروع في الاستثمار خاصة ان المناخ الاستثماري الذي كان سائدا خلال الأزمة لم يكن يسمح بالطرح للاستثمار” .
من المسؤول عن تأخر استثمار بناء أتم ال35 سنة من عمره ، الحجج بوجود عقبات و إفلاس للشركة الإماراتية السورية التي كانت قد كلفت باستثماره حجج لا تفي بالغرض ، و لا يمكن الحديث في هذا الصدد إلا عن دول نامية تستغرق منشآتها عشرات السنين لترتفع عن الأرض و تنهض ، و حتى ولو نهضت تبقى بدون استثمار او أي فوائد تذكر ، و حتى ولو استثمرت يكون الاستثمار مغلوطا بحيث لا يراعي طرفي العقد .
وبعد التسويق الإعلامي الذي يرافق مرحلة إعادة الإعمار و بعيدا عن وجود أفق واضح اليوم ، هل سيكون إعمار منشآتنا يمتد لزمن مفتوح دون أي مراعات لعوامل علم الإدارة و التي تتحدد بأكبر جودة و اقل كلفة و وقت
وعلى ما يبدو إن لم تأت شركات أجنبية من الخارج لتكون نموذج لشركات الداخل حول أهمية الزمن ستبقى مشاريعنا تمتد لقرون ، و برامج الإدارة التي نضعها لتحديد الزمن لكل مرحلة من مراحل التشييد و التنفيذ مازالت حبرا على ورق و مازلنا عاجزين عن مواكبة العالم .

سيريا ديلي نيوز


التعليقات