أسعار الصرف بدأت بالإنخفاض  شيئاً فشيئاً كبداية لمشهد التعافي الاقتصادي الذي بدأ يحط رحاله على الاقتصاد السوري، ومع التحسن الملحوظ بسعر صرف الليرة السورية، لا بد من مراجعة القرارات التي اتخذت سابقا، وبنيت على جوهر أن سعر صرف الدولار ارتفع..ويجب (تعديل) أسعار الكثير من السلع والمواد والخدمات، سواء العامة أو الخاصة،… وطبعا القرارات التي اتخذت بناء على ذلك شملت الكثير من الخدمات والسلع بدءا من الاتصالات الأرضية والخلوية، وصولا إلى قرص الفلافل الذي فعلا طالته قرارات تخفيض الأسعار الصادرة عن وزارة التجارة الداخلية والتي تنتظر التنفيذ على أرض الواقع وفي جميع الأسواق، ولشتى القرارات السابقة أيضا…
ولابد ان نشير  إلى أنه من أهم المواد التي ارتفع أسعارها أكثر من 500% كمنعكس لانخفاض سعر صرف الليرة السورية سابقا، هي الأدوية، فما إن ارتفع سعر صرف الدولار إلا وبدأت معامل الأدوية بالشكوى والتباكي على أن خسائرها بدأت تتراكم وأن الإنتاج ضمن الأسعارال قديمة غير مجد اقتصاديا وأنه لا بد من رفع أسعار الأدوية كون معظم المواد الأولية مستوردة وبالقطع الأجنبي..وفعلا تجاوبت الحكومة مع هذه المطالب للأسف ورفعت أسعار الأدوية مرتين وبنسب كبيرة جدا، وذلك لإنقاذ هذه الصناعة وبحجة أن إنتاجها محليا افضل من استيرادها ولكي تستمر المعامل المحلية بالإنتاج دون خسائر…ولكن ما حدث أن الأسعار رغم رفعها أضعافا كثيرة كانت مزاجية عند الكثير من الصيادلة ففوارق الأسعار على عظم قدرها، أصبحت كبيرة بين صيدلية وأخرى.
في الوقت الحالي  الدولار مستقر مع انخفاض بطيء، وكان مستقرا لمدة عام كامل، ومع كل هذا التحسن بسعر صرف الليرة السورية، إلا انه لم يتحرك أحد (لتعديل) أسعار الأدوية كما كانت تطلق عليه وزارة الصحة..مع الإشارة إلى أن الأدوية تعتبر مادة أساسية وليست ثانوية وهي أهم من الشاورما والفروج والفلافل والحمص، وكان من الأجدى أن تتحرك وزارة الصحة لتعديل أسعار الأدوية من جهة وتخفيض أجور المشافي الخاصة التي عم الجشع فيها من جهة ثانية، والتي كانت دائما تتحجج بأن سعر الدولار مرتفع وكل المستلزمات مستوردة..
طالما كانت المعادلة تبنى حسب سينسيريا على: ارتفاع سعر صرف الدولار = ارتفاع سعر الخدمات والأدوية والمشافي…فعلى الأقل يجب ان تكون هذه المعادلة تبادلية، أي انخفاض سعر صرف الدولار = انخفاض أسعار الخدمات والأدوية والمشافي… فلماذا طبقوا المعادلة من طرف واحد ولم يطبقوها من طرفها الأخر على الرغم من أن المنطق الاقتصادي يؤكد على أنها معادلة تبادلية كحال الجمع والضرب، والتي يعلمها طلاب الصف الأول الابتدائي في مدارسنا.
من المؤكد أن الأدوية مادة أساسية، وعلى شركات ومستودعات الأدوية أن يتسموا بالرحمة وأن يخفضوا من هوامش أرباحهم الفاحشة ، وخاصة مع انخفاض جودة الكثير من الأدوية المحلية، فللاسف بعض شركات الأدوية اتبعت أساليب المكر في إنتاجها، فبعضها خفض فعالية الأدوية، وبعضها الأخر خفض عدد الكبسولات ورفع السعر، وبعضها أوقف إنتاج أصناف أدوية معينة لترويج للبدائل التي تكون غير مجدية، لدرجة أن الكثير من الأدوية لم تعد مغلفة بعبوات كرتونية ولا تحتوي نشرات توضح طرق الاستعمال أو التحذيرات…ليبقى المواطن المغلوب على امره، ضحية هذه المحاولات الماكرة من بعض شركات الأدوية.
لا شك ان شركات الأدوية ستخرج علينا بحجة أن سعر الصرف ليس مستقرا حاليا رغم انخفاضه، ولا يمكن بناء قرار يخص الأسعار في ضوء عدم استقرار سعر الصرف…ونحن نقول بأن سعر الصرف انخفض بشكل ملحوظ واستقر لعام كامل وهو ينخفض بشكل مدروس ومضبوط وأنه يتوجب عليكم يا شركات الأدوية تخفيض هوامش ارباحكم كنوع من الإنسانية والمسؤولية الاجتماعية تجاه المجتمع السوري الذي تنتمون إليه.
علينا أن نؤكد هنا على أن المواطن في وضع اقتصادي صعب، فهو استغنى عن الذهاب للطبيب لارتفاع كشفيته، وبات يتوجس ويضرب اخماسه بأسداسه إذا أراد أن يدخل إلى الصيدلية، فهو قد حرم الاستشفاء..فكيف يحصل على الصحة والدواء بهكذا أسعار لا تتناسب ودخله الضئيل؟.. كيف يحصل على دواء سعره 2000 ليرة وكشفية الطبيب في بعض مناطق دمشق بلغت 7 آلاف ليرة، أي أن مرضه سيكلفه ثلث راتبه…اخبرونا كيف؟ ماذا يفعل؟.التحاليل الطبية لا ترحم بأسعارها..والمشافي الخاصة تحولت لفنادق من مستويات 5 نجوم بتعرفتها…والمواطن من ذوي الدخل (المهدود)، يتجرع الصبر إن مرض.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات