معادلة الأسواق المحلية تعتبر من أصعب المعادلات وفي بعض الأحيان تكون مستحيلة الحل ، فهي ربما لم تفهم غير لغة الارتفاع في الأسعار ولم تسمع بعد بأبجدية الهبوط … فها هي جميع مقومات انخفاض الأسعار باتت متوفرة، وتزامن ذلك مع قرارات جريئة من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بخفض أسعار العديد من المواد الغذائية مع استمرار دراسة بقية المواد الغذائية بهدف خفض أسعارها، ولكن  الأسواق لا تزال تعاند انخفاض الأسعار ومقوماته من جهة وتعاند بنفس الوقت قرارات وزارة التجارة من جهة أخرى وتضع العصي في عجلات التنفيذ متزرعة بأسباب واهية.
 انخفاض الأسعار بدأ بالفروج ومشتقاته.. لينسحب الأمر أيضا إلى بقية السلع من سكر وزيت ومعجنات ومتة…  
في الوقت الحالي  لا تزال هناك الكثير من الأسواق بعيدة عن تطبيق التسعيرة الجديدة للسلع المذكورة، فبائع المفرق يضع اللوم على بائع الجملة وبائع الجملة يضع اللوم على المنتج أو المستورد، والمنتج أو المستورد يتحجج بأنه استورد أو أنتج بتكاليف مرتفعة وأن المخازين لديه هي على الأسعار القديمة وليست الجديدة…وهكذا تبرز الحجج من قبل هؤلاء متناسين أنه عندما كان يرتفع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، لليرة واحدة فقط كانوا يرفعون أسعار سلعهم مئات الليرات على المستهلك متحججين أيضاً بأنها خطوة احتياطية لكي لا يتعرضوا للخسائر…فعلا عجبا لهكذا امر… يقبلون برفع أسعار سلعهم عندما يتحرك سعر الصرف صعوداً ويتباكون ويمتنعون عندما تصدر قرارات حكومية تحد من هوامش أرباحهم الفاحشة ..فهم اعتادوا على الأرباح الوفيرة والنسب العالية، ولم يعد يقتنعون بالقليل اليسير، ضاربين بعرض الحائط الوضع الاقتصادي الصعب لمعظم الأسر السورية.
هذا الواقع  المرير يحتاج لتدخل حقيقي من وزارة التجارة لإكمال ما بدأت به في تنفيذ قراراتها، عبر فرض عقوبات قاسية بحق المخالفين، وخاصة أن الأسعار الجديدة التي وضعت كانت بناء على دراسات سعرية وبالاتفاق مع ممثلي ومنتجي تلك السلع، فالحجج التي يضعها التجار واهية.. وينتظر المواطن أن يرى توحيداً لأسعار جميع السلع في الأسواق دون أن يكون هناك فوارق بين سوق وأخر، كما هو الحال الآن.. فمعظم المواطنين ينتظرون تطبيق القرارات على أرض الواقع وتنفيذها واحترامها.
 من جهته الباحث الاقتصادي ورئيس فرع جمعية العلوم الاقتصادية في اللاذقية الدكتور سنان علي ديب بين في تصريح صحفي ”،  أكد أن ما يحدث في السوق السورية لا يمكن أن نطلق عليه تسمية “معادلة اقتصادية” لأن المعادلة لها حلولها ومتغيراتها وثوابتها. حيث أن موضوع الأسعار واضح.. يرتفع الدولار فترتفع الأسعار وينخفض فتبقى الأسعار مرتفعة… ومع بدء الأزمة كان هناك مخازين لكل المواد الغذائية والكهربائية والعمرانية تم التلاعب بأسعارها والتحكم بعرضها واستمر الأمر فترة طويلة….وفي الآونة الأخيرة ومع بدء الانتعاش الاقتصادي المترافق للوضع العام السائر نحو الحل النهائي المحسوم لصالح المؤسسات، كان هناك رسائل لتخفيض الأسعار.. قرارات ورقية لم يؤخذ بها… وهذا طبيعي لعدم العمل على أساليب ضغط تتعلق بالمعروض وعدم العمل على تخفيض التكاليف واستمرار احتكار القلة للمواد.
وأكد الدكتور ديبحسب سينسيريا : “طالبنا بالتسعير الإداري تماشياً مع ضرورات الأزمة….وأسست وزارة التجارة وحماية المستهلك وكانت هيكل بلا فاعلية بأغلب ما رسم لها، حيث كانت العقوبات غاية لاحقة ولم تكن وسيلة..مؤسسات التدخل كانت تستجر من تجار المواد ومحتكريها ولم تستورد مباشرة أو عن طريق مؤسسات التجارة الخارجية وكأن هناك نهج يخفف من دور الحكومة بالسوق.. وكانت هذه الوزارة شكلية فقط”، أما بالنسبة للدولار كانت السياسة النقدية في قمة الغموض ولا تتناسب مع مجريات الأرض ولا منعكسات الأزمة…والرهان القادم على سعر صرف منطقي ينعكس على التكاليف مترافقا بدور حقيقي فاعل لوزارة حماية المستهلك لعرض السلع ولتسعير واقعي.
وطرح الدكتور ديب سؤالا:  كيف قبل الكثير ممن رفعوا أسعار مخازين سلعهم سابقا عندما تحرك سعر الصرف صعودا، في حين أن الآن رفعت أصوات لخسائر قد تلحق بهم نتيجة قرارات تخفض أسعار بعض السلع..وكلنا يعلم أنه خلال الأزمات لا بد  من قرارات استثنائية ويبقى الهدف الأكبر هو الغاية… والآن الهدف الأكبر تحسين مستوى المعيشة للمواطنين عبر أسعار مناسبة منضبطة تراعي كل الخصوصيات.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات