آخر مراحل «الهبش» التي يصل إليها اللصوص عادةً تتم بغسيل الأموال عبر الثقافة والأعمال الخيرية،!. فبعد أن يفعلوا فعلتهم   خلال زمن طويل من قبض الأتاوات والنسب غير المشروعة ومن خلال مقاسمة البشر في أحلامهم وجيوبهم وحتى أعمالهم الإبداعية إذا تحدثنا عن الفنون، يدخل أولئك اللصوص  في طور الحكمة والتنظير على الناس عبر التحول إلى مؤلفين وناشطين في مجال دعم الفنون بسبب الثروات الطائلة التي جنوها بشكل غير مشروع، كأنهم يحاولون الحصول على كفّارة تمسح الذنوب عبر قناعهم الجديد، أو لأن من يكثر معه المال الحرام، يمكنه أن يرشه على «المخلوطة» بكل بساطة!. ولأن «المخلوطة»، شوربة مخصصة للقابعين  تحت خط الفقر، فإن خلط الأمور على البسطاء والضحك على ذقونهم يبدو سهلاً، فهم في جميع الأحوال لا ينالون شيئاً من البيضة ولا تقشيرتها، خاصة عندما لا ينجون من اللصوص حتى يقعوا في براثنهم ثانية، لكن هذه المرة كجهابذة ومشتغلين في المصلحة العامة!.
في مراحل متقدمة من التُّخمة والشَّبع، ، يستيقظ أولئك اللصوص  حسب تشرين معتقدين أنهم شعراء ومؤلفون وأصحاب مشاريع تنويرية في المجتمع، لتبدأ أكبر عمليات تبييض للعملة والأخلاق عبر دكاكين لا تُغني ولا تُثمر في الحقيقة، فالمهمة هنا تكريس «لوك» جديد لفساد أخطر من احتكار السكر والرز أو تقاضي الرشاوى.. إنه الفساد الثقافي الذي يجعل صاحبه يجلس على تلتها بوجاهة بعد أن خرّبها وحوّلها إلى أكوام خردة.. ولو أنهم يطبقون على هذه الكائنات قانون «من أين لك هذا.. يا هذا؟»، لرأينا جميع المُدرجين في قائمة «هذا» يُساقون إلى بيت خالتهم في عدرا في أبسط إجراء!.
يستيقظ اللصوص آخر المطاف ليكتبوا خلف طاولات مكاتبهم أو دكاكينهم بالأحرى: «رأس الحكمة مخافة الله» مع أنهم لم يتركوا انتهاكاً لجسد الحكمة إلا وفعلوه طوال عمرهم المملوء بالموبقات.. الله يغضب عليهم!.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات