الحديث كثر مؤخراً في محافظة اللاذقية عن التعاون السكني الذي فقد معناه والهدف منه، بعد أن أصبح وسيلة في أيدي الفاسدين وعلى عينك يا تاجر لملء جيوبهم بالمال أو ليحصلوا على شقة في أحد المقاسم، مقابل أن تحصل الجمعية السكنية على "مقسم مدلل" حسب تعبير تجار البناء.
 يؤكد الجميع بدءاً من أصحاب الجمعيات وانتهاء بالمسؤولين في اتحاد التعاون السكني مروراً بالبلديات ومجلس المحافظة أن الفساد ضارب أطنابه، وأن عملية توزيع المقاسم الخجولة التي تمخضت عن انتظار دام 25 عاماً وأنجبت 94 عقاراً فقط، يشوبها الظلم بقدر ما تفوح منها رائحة الفساد، فمعظم المقاسم التي تم توزيعها بيعت بالسعر الرائج في السوق، والأنكى من ذلك أن عليها إشغالات ومخالفات ومنها ماهو غير صالح للبناء.
هذا الواقع الذي قوّض أحلام أصحاب الدخل المحدود المكتتبين في الجمعيات في الحصول على شقة العمر، خاصة عندما بدأ أصحاب الجمعيات يطالبونهم بدفع مبالغ هائلة للمساهمة في ثمن المقسم فقط، وهذا أول الغيث وما ينتظر المكتتب أنكى!
 من مصادر مطلعة في اللاذقية  علمنا أن إحدى الجمعيات تخصصت بمقسمين وذلك بناء على صفقة تمت بين صاحب الجمعية السكنية وبين أحد أعضاء البلدية المتنفذين، وأوضحت المصادر أن الصفقة تضمنت أن يعطي صا
والفساد في اتحاد التعاون السكني كما في البلدية على عينك يا تاجر، إذ أشارت المصادر إلى أن أحد المتنفّذين في الاتحاد يقايض جمعيات على رسم اكتتاب مقابل مساعدتها في الحصول على مقسم، مؤكدة أن عملية توزيع المقاسم تشهد عملية فساد كبيرة تدور في حلقات متتالية.
 من جهته نزار علي صاحب جمعية "الديار" السكنية التي لم تخصص بمقسم خلال عملية التوزيع الأخيرة، قال  حسب الايام  الجمعيات القديمة أخذت فرصتها من خلال تخصصها بعدة مقاسم، فيما الجمعيات الحديثة لم تأخذ فرصتها حتى اليوم بسبب عدم وجود أراض تابعة لاتحاد التعاون السكني، فضلاً عن أن قسماً كبيراً من الأراضي التي وزعت على الجمعيات عليه إشغالات تحتاج إلى سنين طويلة حتى تتم إزالتها.
ونوه  علي إلى أن بلدية اللاذقية تتحمل قسماً من المسؤولية حيال عدم تأمين أراضي للجمعيات، والأنكى من ذلك أن كل مسؤول في البلدية يحمل سلفه المسؤولية عن عدم تأمين الأراضي، والطامة الكبرى أنه عندما سلمت البلدية العقارات تفاجأ اتحاد التعاون السكني بأن بعض المقاسم لا يمكن البناء فيه ولو حتى قن دجاج فيما البلدية اعتبرته مقسماً صالحاً للبناء.
الامتعاض لم يختلف بين جمعية تخصصت بمقسم وبين جمعية لم تتخصص، إذ قال بسام حسن صاحب جمعية "الفوار التعاونية للسكن والاصطياف" وهي إحدى الجمعيات التي تم تخصيصها بأحد المقاسم: تم تخصيصنا بمقسم بالسعر الرائج ولم يأخذوا بالاعتبار أن المكتبيين لدى الجمعيات من أصحاب الدخل المحدود، والسؤال: لماذا من أصل 22 مقسماً في جبلة لم يتم منح الجمعيات سوى سبعة مقاسم فقط؟ ولماذا باعت البلدية المتر بالسعر الرائج؟.
وأكد حسن أن قطاع التعاون السكني يواجه محاربة شرسة من أصحاب النفوس الضعيفة الذين يتقصدون بيع الجمعيات بأسعار السوق من أجل دفع الجمعيات للإضراب عن الشراء، متسائلاً: مَن مِن أصحاب الدخل المحدود معه ليكتتب على جمعية تبيع المتر بـ125000 ليرة ويكون فيها رسم الاكتتاب 4 ملايين ليرة؟، مضيفاً: التعاون السكني مسحوق وفقد معناه.
باعتراف صريح قال رئيس اتحاد التعاون السكني محمد أديب إبراهيم: الأسعار التي خصصت بها الجمعيات ليست أسعار تعاون سكني بسبب ارتفاعها الشديد، عازياً السبب وراء ذلك إلى تجار البناء الذين مارسوا "الزعرنة" عن طريق دفع الرشا بالاتفاق مع أصحاب النفوس الضعيفة في الوحدات الإدارية التي تجري فيها عمليات فساد تتعلق بموضوع الجمعيات السكنية، مضيفاً: ما زلنا ننتظر أن تزيل البلدية الإشغالات عن المقاسم التي أعطيت للجمعيات وتسليمنا مقاسم نظامية.
وأكد  إبراهيم أنه تم توزيع 94 عقاراً على الجمعيات السكنية في المحافظة طبقاً للقوانين والأنظمة الواردة والتعليمات التنفيذية الناظمة لعمل لجنة توزيع المقاسم على الجمعيات، حيث تم اعتماد الأسس التالية بالتوزيع وهي قدم الجمعية فلكل سنة قدم علامة واحدة، وكل شقة منجزة علامة، ولكل عشرة أعضاء منتسبين علامة، إضافة إلى 25 علامة تعطى على تقييم عمل الجمعية من لجنة مشتركة من الاتحاد ومديرية التعاون السكني.
وأشار  إبراهيم أن هناك ارتفاعاً كبيراً بالأسعار لايتوافق مع ذوي الدخل المحدود، فسعر المتر الواحد للهواء الطابقي في توسع دمسرخو والمشروع العاشر وصل إلى 15 ألف ليرة سورية، وهو سعر مرتفع وغير منطقي، مبيناً أن هذا الارتفاع بالسعر ينعكس سلباً على عمل التعاون السكني وعلى المنتسبين.
هيثم عابدين عضو المكتب التنفيذي المختص في بلدية اللاذقية وافق اتحاد التعاون السكني بتحميل البلدية مسؤولية التأخير في عملية تسليم المقاسم للجمعيات وخاصة تلك التي يوجد عليها إشغالات.
وبالنسبة لحالات الفساد التي يتكلم عنها البعض يقول عابدين لـ"الأيام": لا يمكننا الاختباء خلف إصبعنا.
البلدية كما باقي الدوائر الرسمية يوجد فيها حالات فساد، وداخل اتحاد التعاون السكني ثمة عمليات فساد أيضاً تتم من خلال توزيع المقاسم على الجمعيات، مدللاً على ذلك بأن هناك جمعيات خصصت بمقاسم في كرم الزيتون وهناك جمعيات خصصت بمقاسم في "دمسرخو" و"المشروع العاشر" والكل يعلم أن كرم الزيتون أقل قيمة اقتصادية من المنطقتين الأخيرتين، إذ إن سعر المتر بكرم الزيتون يتراوح بين 8000 ليرة إلى 10000 ليرة فيما يتراوح في دمسرخو والمشروع العاشر مابين 15000 و17000 ليرة سورية، مضيفاً: وعلى سيرة الفساد نتساءل كيف أعطى الاتحاد مقاسم للجمعيات يوجد فيها مقابر؟.
وأكد  عابدين: كنا متساهلين جداً مع الاتحاد فيما يتعلق بالأسعار، إذ إن سعر المتر اليوم يتجاوز 30000 ليرة سورية فيما تم بيعه للاتحاد بـ15000 ليرة، مع العلم أن سعر المتر الطابقي يخمّن بـ50000 ليرة في بعض المقاسم التي خصص بها الاتحاد.
وسيم الشيخ عضو مجلس المحافظة أكد أن المقاسم وزّعت على الجمعيات بشكل كيفي من دون مراعاة الدور والأفضلية، والمسؤول عن تسعير المقاسم هو الوحدات الإدارية، وأضاف: هناك جمعيات أعطيت مقاسم بعد أن سعّرت المتر "على كيفها" وبما يناسبها ويناسب المعنيين في البلديات الذين تجمعهم ببعض أصحاب الجمعيات علاقات شخصية.
وبشكل بسيط  الجمعية التي تدفع تأخذ مقسم والتي لا تدفع تبقى على لائحة الانتظار حتى يحين موعد التوزيع القادم.
وتابع: افقدوا التعاون السكني صفته ومعناه والهدف منه إذ أصبحت الشقة السكنية الخاصة بالجمعيات كشقة خاصة بنيت من تجار البناء، خاصة بعد قيام أصحاب الجمعيات بإجبار المكتتبين على دفع مبلغ 4 ملايين ليرة سورية من ثمن الأرض وذلك قبل أن يوضع حجر واحد في البناء، متسائلاً: إذا تم دفع هذا المبلغ من ثمن الأرض فقط، فكم سيبلغ سعر الشقة عندما تصبح جاهزة؟.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات