الدمار الذي لحق بقطاع الطاقة منذ بداية الحرب على سورية حتى اليوم ليس بالجديد في شيء أن نكتب عنه، وقد يكون القارئ ملّ من حديث الإعلام –وإن وجب- عن حجم الأضرار والآثار السلبية المترتبة على الطاقة بسبب قذائف الحقد التي حاولت شل المنظومة، لكن الجديد والباعث للأمل هو التحسّن الملحوظ الذي شهدته الكهرباء منذ فترة ولمسه المواطن من خلال تراجع التقنين والإنارة المستمرة لساعات طويلة، ولم تكن عودة حقول النفط والغاز على يد أبطال جيشنا في دير الزور إلا منبعاً لهذا التحسّن، سواء على الوضع الاجتماعي والاقتصادي أم على عجلة الإنتاج، فبعد التخريب الممنهج لمحطات التوليد والتحويل وشبكات النقل والتوزيع إلى جانب استهداف حقول النفط والغاز وبواخر الفيول، عادت الوزارة اليوم لتعلن عن بدء عمليات التخزين للعام القادم وتنظيم الواردات وارتفاع حجم التوليد المتاح وما يشغّل منه.
 الدكتور بسام درويش مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الكهرباء لم يستطع، إخفاء سعادته وهو يستفيض بالحديث عن المنظومة الكهربائية وما لاقته من تعافٍ انعكس جلياً على يومياتنا، حيث بيّن في لقائه مع “البعث” أن نقص كميات الوقود الذي حصل خلال السنوات الماضية إضافة إلى ارتفاع أسعارها وصعوبة تأمينها أضعف الإنتاج، ورغم زيادة الاعتمادية على الوزارة لتغطية النقص الحاصل وزيادة الضغوط على المنظومة من محطات توليد وشبكات نقل وتوزيع، إلاّ أن تحسّن الواقع الكهربائي بدأ يطفو على السطح منذ بداية الـ2017 نتيجة انتصارات الجيش التي أثمرت تحرير المناطق والمنشآت النفطية والغازية، لتأتي جهود عمال الوزارة مع النفط بإعادة تأهيل ما تضرّر وتكون شريكاً بعودة النور لمختلف المناطق، وزادت كميات الوقود المتاحة للوزارة بعد عودة حقول الغاز من 6 ملايين م3 من الغاز الطبيعي يومياً إلى نحو 11 مليون م3، بالتوازي مع زيادة كميات الفيول المسلّمة لمحطات التوليد من نحو 1000 طن بالحد الأدنى إلى 5000- 6000 طن في الوقت الحالي، إلى جانب جهود الوزارة الحثيثة في إجراء الصيانات اللازمة وإصلاح الأضرار التي كانت تحدث بشكل متكرر على بعض المحطات وبخبرات عمال “الكهرباء” أنفسهم، ناهيكم عن إعادة تأهيل شبكات النقل والتوزيع في الأماكن المتضررة. كل ذلك ساهم في ارتفاع استطاعة محطات التوليد المتاحة من 1400 ميغاواط في أدنى حالاتها إلى أكثر من 6000 ميغاواط، في وقت يتم فيه تشغيل ما يقارب 3000 ميغا واط حالياً وفقاً لكميات الوقود.
عودة حقول النفط والغاز لم تكن ذات أثر وحيد في جريان الطاقة في شريان الحياة الإنتاجية والصناعية، بل جاء فصل الخريف ليضع بصمته أيضاً، حيث أكد مدير التخطيط أن انخفاض درجات الحرارة ساهم في التقليل من استجرار الطاقة والتخفيف على الشبكة والإقلال من استهلاكها لأغراض التكييف والتبريد.
وحول  استعدادات الشتاء أجاب درويش بأن المنظومة والمخزون الاستراتيجي من الفيول بأتم الاستعداد للأشهر المقبلة، لكن يبقى لتأمين المازوت المستخدم للتدفئة، أكبر الأثر في استمرار “ازدهار” التغذية خلال الأيام القادمة.
ونوه  الدكتور درويش  حسب البعث إلى قيام الصين بتقديم منحة بقيمة 70 مليون يوان أي ما يعادل 12 مليون دولار لتوريد محولات توزيع وكابلات كمساعدة من الحكومة الصينية، بالتزامن مع إقامة دورات تدريبية للعاملين في الوزارة، مشيراً إلى زيارة الوفد الحكومي الأخيرة إلى إيران وما تم خلالها من توقيع جملة عقود مهمة ومذكرات تفاهم، إلى جانب اجتماع المعنيين في الوزارة مع الوفد الروسي الذي أفضى إلى توقيع مذكرة تفاهم لإضافة مشاريع في مجال التوليد على أن يعقد اجتماع مشترك خلال الأسبوع القادم لبحث الإجراءات التنفيذية ووضعها موضع التنفيذ، وأوضح أن إيران تعمل على إعادة تأهيل المجموعة الغازية في محطة توليد بانياس باستطاعة 34 ميغا لرفعها إلى 38 بقيمة 8 ملايين يورو، لتصبح جاهزة للعمل على المازوت والغاز الطبيعي، كما تم التفاهم لإعادة تأهيل المجموعة الأولى والخامسة بمحطة توليد حلب وإنشاء محطة في اللاذقية تعمل على مبدأ الدارة المركبة باستطاعة 540 ميغا، ناهيكم عن إعادة تطوير مركز التنسيق الرئيسي بدمشق وتحسين أداء محطة توليد جندر لرفع استطاعتها من 450 ميغا إلى نحو 480 ميغا.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات