ورقيات المراسلات الحكومية البينية يشوبها الكثير من العيوب  لدرجة الرسوب في امتحان الأبجدية عند معدّيها، وسقوط الكثير من مدبّجيها في فخ الصياغة الركيكة والخطاب الأعرج والتوجيه المجتزأ، والأخطر هو ذاك الفساد المبطن الذي تحمله الكتب ومضامين الرسائل وأوراق “الأخذ والرد”، في وقت تحمل فيه الحواشي والهوامش “هذا إن فكّت طلاسمها” جزءاً يسيراً من التسويف والمماطلة وتمييع الملفات والقضايا ولو كانت من درجة عاجل والعاجل جداً؟.

من خلال  عملية تتبّع وتقصّي بريد الوزارات أصبحت الأخطاء والعثرات أمراً اعتيادياً لا يحمل المفاجآت عند من يتلقف البريد الوارد ويرسل الآخر الصادر، فما دامت الورقيات مستورة بعيدة عن “حركشات الإعلام”، لا مانع من “الطناش” وعدم التدقيق، لأن الكاتبات وموظفات التنضيد وصياغة الكتب، لا يملكن الإمكانيات ولا الخبرات اللغوية والمهنية الكافية، وللمفارقة لا يملكن الوقت للعمل الجاد، أمام ملهاة السوالف وجلسات المشروبات ومضيعة الوقت، لتستكمل حلقات الإهمال بمدير لا يدقق خلف موظفيه، ما ينتج بريداً بمضامين بعضها “مخجل” وآخرها “يسوّد الوجه”.

نعرف أن ألف باء اختبارات ومسابقات التعيين لأي فئة كانت التركيز على اللغة العربية التي للأسف لا يتقنها ويمتلك ناصيتها أغلب العاملين وحتى أولئك الحاملون لشهادات متقدمة، وهذه حقيقة يجب الاعتراف بها كي نقدّم للماسكين بزمام التنمية الإدارية أرضية مناسبة لإصلاح ذات بين الكوادر القليلة الخبرة والمنقوصة التأهيل كي لا ترتكب الوزارات والمؤسسات عيوباً لغوية تضعنا أمام ضرورة إعادة الكثيرين إلى مقاعد الدراسة التي لا تعيب أي راغب بالتطور والإنجاز وإنتاج المستقبل الفردي والمؤسساتي.

و في تدابير لإحدى الجهات لترميم وترقيع هفوات العاملين وضعفهم اللغوي يبدو الاضطرار سيّد الإجراءات لزجّ موظفي المديريات بدورات تدريب وتأهيل على مواد ومنهاج “القواعد ودروس الإملاء والتعبير الكتابي” المطلوبة لتصويب عمليات الصياغة وإعداد وتوثيق الكتب التي من المفترض ألا تخرج برفقة “المراسل ودراجة البريد” إلا من تحت يد مختصين لغويين تستوعبهم الجهات كما هو حال المترجمين ومالكي اللغات الأجنبية الذين يقومون بدورهم المنوط بهم.

هنا لا يمكن تسليط الضوء على هذه الفجوة  حسب البعث من دون المرور على البدائل الإلكترونية التي تفترض مزيداً من الجهد والتدقيق على اللغة وبالتالي دفع جميع الوزارات إلى اتباع نهج تلك الجهة التي لمست خطورة في أخطائها الإملائية وراحت تدرّس العاملين مبادئ الصياغة والكتابة، في زمن نسأل فيه جل الوزارات التي تتبجّح بأسئلة مؤتمتة في مسابقاتها التي تكتفي بإجابة كإشارة “صح أو خطأ” لا تظهر فيها قدرات وإمكانات المتسابق الذي يدخل العمل خلسة بعدما أمضى سنواته الجامعية يجيب على أسئلة مؤتمتة ليخرج إلينا صحفياً لا يتقن الكتابة ومحامياً لا يعرف صياغة المرافعة وموظفاً ومديراً لا يعرف “فك الحرف” في لغة ضاده.. ومسؤولاً ربما يتلعثم وهو يتلو كلمة أو محاضرة “على الحاضر”..؟!.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات