ليست نيران صديقة كما يحلو للبعض تسميتها.. بل هي جريمة كاملة أزهقت أرواح وأصابت آخرين بعاهة دائمة.. حولت الأفراح الى مآسي.. وزادت معاناة السورين معاناة.. إطلاق الرصاص العشوائي في المناسبات ليست بالعادة الجديدة.. ولكن زادت حدتها وخطورتها في ظروف البلد الحالية.. ولكن انتشار السلاح بين أيدي الشباب له الدور الابرز في الظاهرة الخطيرة التي تحصد يومياً أرواح أبرياء “لا ناقة لهم ولا جمل”.. فالرصاص الطائش بات رفيق المناسبات السعيدة منها والحزينة حتى باتت تترافق مع أتفه الأمور فمجرد أن صاحبنا حقق فوزاً في لعبة الورق (الشدة) يخرج سلاحه ويبدأ بمعركته.
السؤال الذي يطرح نفسه ما الذي يشعر به مُطلق الرصاص العشوائي؟ وهل يدرك العواقب المحتملة لفعلته؟.. كثيرة هي قصص الموت العشوائية التي تسبب بها، فعشرات الناس الذين نجوا من الموت من رصاص طائش سقط إلى جانبهم مئات الضحايا دون معرفة الجاني ويتم تسجيلها ضد مجهول بسبب صعوبة إثبات مسؤولية المشتبه في إطلاقه الرصاص عن إصابة أو قتل أحدهم.
آراء الشارع التي صبت كلها في مضمار واحد المطالبة بمعاقبة كل من تثبت إدانته بالفعل.. وكانت النتيجة أن جميع المواطنين يطالبون بضرورة التصدي لهذه الظاهرة لعدم جعلها إحدى السمات المستقبلية للمجتمع، وملاحقة ومحاسبة من يقوم بمثل هذه الافعال غير المسؤولة، إلى متى سننتظر وكما يقال “فوق الموتة عصة قبر”، فالمجتمع شبع مآسي وأحزان، متى يتحرك المسؤولون للحد من انتشار الظاهرة.
المواطن خلدون يقول: “عندي عقدة من التشييع فمنذ فترة وبجانب مقبرة في الميدان وأثناء التشييع ضربت رصاصة طائشة زجاج السيارة وأصابت ابنتي التي لم تتجاوز الست سنوات بجروح من الزجاج والحمد لله الرصاصة لم تصبها مباشرة.. أضاف اتركوا الرصاص للجبهة”.
طبيب في حي الشعلان بدمشق كان شهيداً برصاص فرح بتأهل المنتخب السوري للملحق الاسيوي -لم يكن الوحيد الذي راح ضحية هذه المناسبة- فيما راح الشاب طوني عبود ضحية تشييع في منطقة باب توما.. العملية تتم بشكل علني في الشوارع والطرق السكنية دون أي احترام للقانون وهيبة الدولة أو لسلامة الآخرين، ويكفي أن تكون هناك ضحية واحدة حتى نضطر إلى التحرك ضد هذه الظاهرة وضرورة رفضها والتشدد في تطبيق العقوبات.
حيازة السلاح للدفاع عن الارض والعرض والنفس وليس للتعبير عن المشاعر والأحاسيس، فعندما يقدم أي شخص على رفع السلاح ولا يعرف أين مصير هذه الرصاصة أهو في الهواء أم في الجسد فهو قاتل، وللعلم الرصاص لا يعيد للميت الحياة ولا يعبر عن الرجولة، هذا ما أكده اللواء نظام الحوش مدير إدارة الامن الجنائي بدمشق خلال حديثه.
اللواء الحوش قال حسب سيريا ستيبس “الظاهرة التي كانت تسود المجتمع قديماً، مع مرور الوقت حظرتها الدولة، فيما عزا اللواء الحوش انتشارها الواسع في ظل الظروف الحالية للانتشار الواسع للحواجز العسكرية واللجان الشعبية والوجود الكثيف للسلاح في الشوارع، معتبراً أن الظاهرة مزعجة جداً، ولا تعبر إلا عن قلة الوعي والغباء لمطلق النار أياً تكن المناسبة.
وأوضح مدير إدارة الامن الجنائي أن وزارة الداخلية تحذر وترجو المواطنين عدم إطلاق النار وتحملهم مسؤولية وكل شخص يلقى القبض عليه بهذا الجرم سوف يحاسب وفق القانون، ومقتضيات المصلحة العامة، متوجهاً لممارسي هذه العادة السيئة بالقول “هل تعلم ما يكنه الناس لك، إن كنت تظن أنها رجولة و عمل تشكر عليه وموقف فخر فأنت غبي.. لأن الناس يزدرونك وينظرون لك على أنك مجرم، ومسيء للمناسبة ولقداسة الشهيد وللبدلة العسكرية التي ترتديها، فالسلاح الذي تحمله هو مخصص لمواجهة الأعداء”.
وبتفاصيل تجريم الفاعل ..  أضاف اللواء الحواش “إطلاق النار بحد ذاته جرم وحيازة السلاح جرم آخر مرخص أو غير مرخص”، والعقوبات تتراوح بين 3 أشهر و3 سنوات لحيازة سلاح غير مرخص والعقوبة مضاعفة إذا ارتكب جرم أدى لوفاة أشخاص حتى لو عن غير قصد، فالقضاء يوجه العقوبة التي يستحقها هذا الشخص بحسب ظروف الحادثة، مشيراً الى أنه لا أحد فوق القانون أي مواطن يرتكب جرم لا حماية له أيا كان.
ولفت اللواء الحوش إلى توعية المواطنين إلى ثقافة الشكوى والجرأة في ذلك ولو باسم مستعار لمساعدة الجهات المختصة في القيام بواجبها، عبر أرقام وزارة الداخلية المنشورة في وسائل الاعلام، التي عن طريقها يتم توجيه المواطنين لثقافة الشكوى وتنمية الوعي لديهم بأنه لا أحد فوق القانون لا حصانة لمن يرتكب مخالفة، وخاصة في نطاق ظاهرة الرصاص العشوائي فتعاون المواطنين هو الأهم، وخاصة أنه في ظل الظروف السائدة لا تستطيع الجهات المختصة تغطية كافة المناطق التي تنتشر فيها ظاهرة الرصاص العشوائي، كما تتمتع وسائل الإعلام بميزة التركيز على إجراءات التوعية لمخاطر الظاهرة والحملات الإعلامية المنظمة والدورية والمستدامة عبر مختلف الوسائل الإعلامية المكتوبة والمسموعة والمرئية، وبالخصوص وسائل التواصل الاجتماعي.
ولوضع حد للموت العشوائي لابدّ من العمل على مكافحة الرصاص العشوائي، للوصول إلى مجتمع خالٍ من الظاهرة، من خلال المساهمة في تعديل المفهوم الثقافي والسلوك الاجتماعي للناس والتوعية الى حرمة ولا أخلاقية ولا قانونية ومخاطر الرصاص العشوائي.
وفيما يخص المجالات التي تطلع بها إدارة الامن الجنائي و منها التزييف والتزوير والنقود المزورة، قال اللواء الحوش إن “تزوير العملة غير ممكن إلا أن الطرق الحديثة جاءت مع تطور وسائل التكنولوجيا التي لجأ اليها المجرمون فاستخدموها بمساعدة ضعاف النفوس فاستخدموا آلات تصوير طبق الأصل والتي يمكن كشفها فوراً من نوع الورق.. والتي يتم ترويجها من خلال إدراجها بنقود صحيحة ويتم التعامل بها من خلال الشراء من السوق.
وعن العملة الأجنبية المزورة وخاصة الدولار، قال اللواء الحوش في ظل الحرب على سورية ومساهمة دول الجوار في تسهيل دخول الإرهاب إلى الأراضي السورية، والصفقات التي عقدتها جهات في تلك الدول مع الارهابيين زودتهم بدولارات مزورة لتغزو الأسواق السورية، إلا أن منع تداوله وحيازته ساهم في ضبط العملية، مشيراً إلى أنه لو عملت بعض شركات الصرافة وفق القانون و بشكل نظامي ومضبوط لساعدت في استقرار سعر الدولار، لكن مخالفاتهم وتلاعبهم وارتباطهم مع شركات في دول الجوار (لبنان مثلاً) وحوالات غير نظامية ساعدوا في عدم استقرار الدولار، ورغم ذلك نشهد اليوم بالتزامن مع الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري في كافة لمناطق السورية انخفاض ملحوظ في سعر الصرف.
وأشار اللواء الحوش إلى أن الحرب على سورية وسنواتها السبع أدخلت جرائم غريبة على مجتمعنا لم يكن أحد يتجرأ على فعلها مثل الخطف وطلب فدية ومفاوضات بلا خوف ولا رادع، ممكن أن تصل للقتل في حال التمنع لدفع الفدية، والظاهرة الآن إلى التلاشي في كثير من المناطق الآمنة التي حررها الجيش العربي السوري، ونعمل الآن جاهدين للقضاء على كل أنواع الجريمة التي انتشرت والملاحظ أن الخط البياني للجريمة ينخفض سنة بعد سنة مع استقرار الأوضاع شيئاً فشيئاً.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات