الكثير من بيوت ساكني دمشق القديمة   تحتاج بيوتهم إلى الترميم الجزئي أو إعادة بناء كلي، لكن تكلفة الترخيص والوضع المادي الصعب والإجراءات الروتينية تجعلهم مكبلين عاجزين عن ترميم بيوتهم، وهم مجبرون إما على السكن فيها معرضين حياتهم وحياة ذويهم للخطر واستمرار تدهور حال منازلهم لأنهم لا يملكون البديل، وإما الارتماء في أحضان تجار ومتعهدي البناء، ومن يقم بجولة ميدانية في دمشق القديمة يلاحظ بوضوح الأبنية المنهارة والمهجورة والمتصدعة.
ولمعرفة وجهة نظر أحد المشرفين والقائمين على حماية دمشق القديمة بموضوع ترميم البيوت العربية القديمة وبلقاء مع  مديرة مديرية مدينة دمشق القديمة أو ما يسمى (مكتب عنبر) المهندسة حياة الحسن التي أكدت أن عملية الترميم أو إعادة البناء في العقارات الخاصة تتم على نفقة ومسؤولية مالك العقار وأن المديرية لا تتدخل إلا في حال تعرض عقار خاص للانهيار وكان هناك خطر على الأملاك العامة والمارة، مضيفة أن تدخلها يكون ملزماً لإزالة الخطر المستعجل أو الطارئ عبر توجيه إنذار لرفع حائط مثلاً أو ترميمه وتدعيمه لرفع الضرر عن المارة والأملاك العامة.
وحول الرخص الممنوحة أكدت  الحسن أن هناك نوعين من الرخص تمنحهما مديرية دمشق القديمة، رخصة الترميم البسيط كالدهان والبلاط والطينة والصيانة، مبينة أن المديرية سهلت إجراءات الترميم البسيط عبر إعفاء المالك أو المستأجر من الرسوم المالية وعدم الحاجة إلى موافقة أغلب المالكين وفي حال كان العقار مؤجراً عدم الحاجة لموافقة المالك أو الورثة، فقط هو بحاجة إلى تقديم طلب ترخيص لإجراء الترميم البسيط، وهناك نوع آخر من الرخص وهو رخصة إعادة البناء أو إعادة الترميم أو التدعيم وهذا النوع من الترخيص يمنح وفق الأنظمة والقوانين.
مديرة مكتب عنبر المهندسة حياة الحسن نفت أن تكون الأوراق المطلوبة من قبل مديريتها تكلفتها عالية أو معقدة، واصفة إياها بالتكلفة البسيطة.
وأفادت الحسن بأن المديرية توافق على إعادة البناء وتمنح الترخيص اللازم وفق الأوصاف العقارية لعام 1948 فقط، مضيفة أن الاشكالية تحدث عندما تكون هناك مخالفة كبيرة تمت على العقار المراد إعادة بنائه وحين يدرك المالك أنه سيخسر المساحة المبنية بشكل مخالف لأن الرخصة تلزمه بإعادة البناء وفق أوصاف عقاره في العام 1948 حينها قد يتوقف المالك عن إعادة البناء بسبب هذه الخسارة.
وبينت الحسن أن أي رخصة يتم منحها يتعهد خلالها المالك بإزالة أي ضرر يقع على العقارات المجاورة نتيجة إعادة البناء، موضحة أن تكلفة رخصة إعادة البناء من أجل السكن تختلف عن رخصة إعادة البناء من أجل استثمار العقار كمقهى أو مطعم أو نزل.
ورداً على شكوى البعض من أن إجراءات الترخيص تأخذ وقتاً طويلاً قالت الحسن حسب تشرين : التراخيص لإعادة البناء أصبحت تنجز عبر لجنة مشتركة واحدة وفق آلية العمل الجديدة لتسريع منح التراخيص، مضيفة أن الإجراءات لا تأخذ أكثر من أسبوع في حال كانت جميع ثبوتيات ووثائق المالك نظامية ومطابقة على أرض الواقع، أما إذا كانت هناك مخالفة أو تجاوز في العقار المراد إعادة بنائه فهذه مسألة أخرى، مشيرة إلى أن التأخير يحدث هنا لأن هذه المخالفة أو هذا التجاوز بحاجة إلى معالجة أو تسوية من قبل المالك قبل البدء بإجراءات الترخيص.
وأضافت الحسن: هناك مخالفات يمكن تسويتها بعد ضبطها ويمنح المالك الترخيص الإداري بشرط أن يتعهد بتسوية مخالفته خلال مدة معينة، لكن البعض يتهرب من مسؤوليته بتسوية المخالفة بعد منحه الترخيص ونحن نقوم بتوقيف رخصته بعد انتهاء المدة المحددة ريثما يتابع ما تعهد به.
محافظة دمشق تساعد الأهالي في دمشق القديمة لترميم بيوتهم
عبر منحهم قروضاً من دون فوائد تصل إلى 2 مليون ليرة
لدى سؤالنا عن المساعدات التي تقدمها الدولة للأهالي في دمشق القديمة لترميم بيوتهم
وأكدت  الحسن بأن محافظة دمشق فتحت الباب لتقديم قروض إعادة التأهيل بالتعاون مع مؤسسة التمويل الصغير الأولى لمساعدة الأهالي في دمشق القديمة وتخفيف الأعباء عنهم من دون فائدة وبضمانة العقار ذاته.
وأضافت الحسن: للأسف، قلة من الناس يتقدمون لمنحهم هذا القرض ومنذ سنة لم يتقدم سوى شخص واحد. القرض كان فيما سبق بسقف 500 ألف ليرة ولكن منذ سنة تقريباَ تمت الموافقة على رفع سقف القرض إلى 2مليون ليرة ليتناسب مع ارتفاع الأسعار والتضخم الحاصل حالياً بسبب الأزمة.
وأضافت الحسن: بتوجيه من المحافظ طالبنا باجتماع مع إدارة مؤسسة التمويل الصغير الأولى لتسهيل إجراءات الحصول على القرض التي يبدو أن فيها شيئاً من الروتين.
بعد مراجعة وتدقيق الأوراق والثبوتيات المطلوبة للحصول على رخصة إعادة البناء يتبين أن أكثر ما يرهق الأهالي من ذوي الدخل المحدود هو تكلفة المخطط الهندسي ورسوم التصديق عليه من قبل نقابة المهندسين، هذا في حال لم تكن هناك أي مخالفة أو تجاوز على العقار.
لما لا يكون هناك مكتب هندسي في مكتب عنبر أو تابع لمديرية مدينة دمشق القديمة وخاص بها مزود بكادر هندسي مناسب يقوم بهذه المهمة فقط للذين يريدون إعادة البناء من أجل السكن، على أن تستوفى رسوم وتكلفة هذه المخططات بشكل يتناسب مع دخل المواطن من ذوي الدخل المحدود، ولا بأس في أن يستثنى هذا المخطط الهندسي من رسوم نقابة المهندسين مادام المالك سيقوم بالترميم من أجل السكن فقط وليست هناك غايات استثمارية، مع المحافظة على طابع البيت بأوصافه العقارية لما قبل عام 1948.
وفي الختام لابد من تذليل الصعوبات أمام الأسر المتوسطة والفقيرة حتى لا ندفعهم ليكونوا ضحية أمام القناصين من تجار البناء أو ندفعهم لارتكاب مخالفة البناء من دون ترخيص مفسحين المجال لدخول الثعلب ذي الذيل الطويل بسبع لفات.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات